هو يهوذا أبراهام أبو جزيرة دوميتز، حسب الأوراق الرسميّة. لكنه اختار الاسم اللاتيني تيمُّناً بوالده الذي فارق الحياة شابّاً، ليصبح معروفاً كشاعر باسم أنطونيو ضوميطسيفيّا.
أجداده لأبيه ينحدرون من جذور فلسطينية وسورية ولبنانية. الجد ريشيالة ضوميط ولد في قرية تولا شمال لبنان. أما الجدة ماريا ساهر بنَّا من أصل فلسطيني، وكانت عائلتها قد سكنتْ دمشق وزحلة.
في 1929 هجروا لبنان نهائياً إلى كولومبيا. هناك، ساهمت العمة جميلة في تربية أنطونيو وتغذيته بالثقافة العربية، لا سيما بعد وفاة أبيه. أما الأجداد من جهة الأم فهم خليط آخر من يهود المغرب والسفارديم البرتغاليين.
يرى الشاعر نفسه محظوظاً بتنوّع هذه العناصر التي تشكّل هويته، ولا يواجه حيرةً في الحديث عنها. يقول إنه وُلِد في مكان متناغم عِرقيّاً، يمتزج فيه نفَس البحر الأبيض المتوسط بحضور الكاريبي.
انطلاقاً من هذه الخلفية البيولوجية والثقافية، يُعرِّف الشاعر نفسه ككولومبيّ عربيّ أوروبي يهودي مؤمناً بأن الثقافة عملية ديناميكية، وأن التغيير يكمن في التناص الثقافي بين الناس.
ولهذا، فهو يعتقد أن دراسة الهجرة أمرٌ مهمٌ من أجل فهمٍ أفضلَ لعاداتنا وسلوكياتنا ولغوياتنا، وأدياننا وأساطيرنا.
وُلد ضوميط في منطقة إلبايي دل سينو، المطلّة للكاريبي، والتي تمثِّل نموذجاً فريداً لخليطٍ مثمرٍ من الأعراق والثقافات، يمتدُّ إلى ما قبل الغزو الإسباني والفترة الاستعمارية، ثم إلى مرحلة الهجرات الضخمة التي شكّلت تنوُّعاً بيولوجيّاً في المنطقة.
هذا التعدُّد سينعكس في أعمال ضوميطالأدبية، التي تختلط فيها أصوات الثقافات العربية والإسلامية واليهودية والكاريبية والأوروبية والأفريقية.
يتبنَّى الشاعر موقفاً إنسانيّاً تجاه القضية الفلسطينية، ليس بسبب أصوله العربية فحسب، بل لإيمانه أيضاً بالحقّ التاريخي للفلسطينيين في أرضهم، ومن منطلق ديني أيضاً يرى في النبي إبراهيم أباً روحيّاً لليهود والمسلمين على حدٍّ سواء، وهو مثالٌ للتعايش.
ويعتقد ضوميطأن "الرب نفى اليهود بسبب خطيئتهم، لأنهم ابتعدوا عن تعاليم التوراة، وأن العيش في الأرض المقدسة وأي محاولة لإنشاء دولة لهم هو تمرّد على مشيئة الله، كما يرد في التوراة". ويضيف "أنا إنسان قبل أن أكون يهودياً. وأعتقد أن فلسطين ليست إلاّ للشعب الفلسطيني. هكذا تقول التوراة نفسها".
موقفه هذا جلب له متاعب مع كثير من أبناء الجالية اليهوديّة في كولومبيا، إذ يضعونه في خانة "الخونة". ذلك أنه لا يحتفظ بهذا الرأي في إطار ضيّق، كما تفعل عائلته، بل إنه من موقعه كعضو في "رابطة الكتّاب الكولومبيين"، يبذل قصارى جهده في محاربة الصهيونية، والحديث بلسان الفلسطينيين، متخذاً من الشعر وسيلة، أو "سلاحاً" كما يصفه، في وجه الآلة الإعلامية والعسكرية الإسرائيلية.
يقول ضوميط: "الشعر تدريب على البقاء في مواجهة كل الأشياء التي تفتقر إلى الإنسانية. صحيح أنه لن يوقف الخراب، لكن لديه القدرة على نقل ما يفكِّرُ به الشاعر إلى الآخرين. هو ليس مجرَّد عملٍ أدبي، بل الوسيلة الوحيدة التي تكشف العبء الروحي الذي يسبّبه المجتمع، عبر كسره القيود وتحطيمه الحواجز. الشعر عنصر حيويٌّ يهزُّ الذات وينقذها لأنه يتجاوز المفاهيم الأدبية والإثنية والسياسية".
يبدو أنطونيو ضوميط وفياً لتأثيرات محمود درويش في تجربته الشعرية، إذ يحرص على إحياء ذكراه بأمسيات شعرية يُقرأ فيها شعره المُقاوم على وجه الخصوص. ويرى أن من واجب الكتّاب جميعهم، فلسطينيين وغير فلسطينيين، مواجهة "ثقل الصهيونية البغيضة"، بالشعر والكتابة بكل حقولها.