يرصد الفيلم عمليات مخابراتية، إذاً، حيث تجتمع بؤر مخابراتية عديدة في هامبورغ، المدينة التي سكن فيها الطلاب التسعة عشر الذين نفذوا هجمات 11 أيلول عام 2001. صحيح أن أكثر من عقد مضى على العملية، لكن التأهّب لا يزال حاضراً من إمكانية حدوث جريمة مشابهة.
هكذا، يصبح أي عربي، أو مسلم، أو أجنبي، أو حتى أوروبي، مشكوكاً في أمره، في هذا الفيلم المقتبس من رواية بالعنوان نفسه للكاتب البريطاني جون لو كاريه. يضعنا "لو كاريه" هذه المرة أمام ما يشبه رقعة شطرنج، حيث يقوم الجميع بالمراقبة، وبتحريك الشخصيات الأخرى، من دون أن يدري المحرّك أن هناك من يحرّكه، فيصبح كل فرد في هذه الدوامة المخابراتية فاعلاً ومطلوباً وأداة للوصول إلى مبتغى ما.
يصل شاب شيشاني كلاجئ غير شرعي إلى هامبورغ. شاب مرهق، بلحية كثّة وثياب مهترئة. تستضيفه عائلة مسلمة مكوّنة من شاب وأمه مقيمة منذ سنوات في المدينة. تقوم العائلة بتعريف اللاجئ إلى محامية مختصة بشؤون اللاجئين. والد الشاب الشيشاني توفي أخيراً، وكان قد أودع نقوداً في بنك ألماني ليتم تشغيلها في عمليات غسيل الأموال. لكن ابنه لا يريد هذه الأموال.
في هذا الوقت، يقوم مخبر أميركي (يلعب دوره الممثل الراحل فيليب سيمور هوفمان) بتعقب رجل أعمال مسلم وصاحب مشاريع خيرية في المدينة. وصل المخبر إلى هامبورغ بعد أن فشل في عملية مخابراتية في بيروت، ويسعى الآن في عمليته الثانية إلى إثبات فاعليته المخابراتية.
وفي الوقت نفسه، يلاحق مخبر ألماني رجل الأعمال المسلم معتقداً أن الأخير يقوم بتمويل خلايا إرهابية تابعة للقاعدة. وتبدأ لعبة الاصطياد والتوريط، بكل ما يحيط بحبكة الفيلم من تعتيم وأجواء الريبة التي تفرضها المخابرات والبنوك وغسيل الأموال وقضايا "المهاجرين غير الشرعيين". وتزداد لعبة المطاردة تعقيداً عندما تقوم المخابرات الألمانية والأميركية بتعقب المخبر الأميركي نفسه، بينما يطلب هذا الأخير من ابن رجل الأعمال المسلم أن يراقب والده ويقدم تقارير عن تحركاته وأعماله.
رغم إحساسه بالملاحقة والخوف، يقوم المخبر الأميركي بإقناع المحامية ومدير البنك بأن يوافق الشاب الشيشاني على تحصيل نقود أبيه والتبرّع بها للمؤسسة الخيرية التي يديرها رجل الأعمال المسلم، وذلك للتحقّق إن كان رجل الأعمال سيرسل الأموال إلى "القاعدة".
يوافق الشاب بالفعل، ويقوم رجل الأعمال بما هو متوقّع: يرسل الأموال إلى مؤسسة ما على "لائحة الإرهاب". وفي الوقت الذي يتوقع المخبر الأميركي أنه أوقع الجميع في المصيدة، تقوم أجهزة المخابرات الأخرى باعتقال الجميع وترك المخبر الألماني وحيداً ومحبطاً بعد تغلّب أجهزة المخابرات عليه وتعدّيها على إنجازه.
غالباً ما يضمن اسم جون لو كاريه نجاحاً مسبقاً للأفلام المقتبسة عن رواياته، مثل "خياط بنما" (2001، جون بورمان) و"البستاني المخلص" (2005، فرناندو ميريلس). غير أن الإخلاص لحبكة نصّه في فيلم المخرج كوربين نقلت الشريط إلى خانة الاستخفاف بمشاهده المحبط أساساً من مستوى التمثيل الباهت، رغم وجود ممثلين بارعين في الفيلم، مثل الراحل فيليب سيمور هوفمان، في آخر دور أدّاه قبل رحيله المفاجئ العام الماضي، وكذلك ويلم دافو (أدّى شخصية مدير البنك).
رغم وجود هذين الاسمين، أصرّ المخرج على الاتكاء على حبكة جون لو كاريه المثيرة، أكثر من اهتمامه بتكوين بناءٍ سردي بصري خاص بشريطه، لتبدو بعض مشاهد الفيلم مضحكة بسذاجتها في بعض الأحيان، خصوصاً في المشاهد التي جمعت المهاجر بالمحامية.