أنا الوحيد القادر على التذكر

27 يوليو 2015
هاكوب هاكوبيان/ أرمينيا
+ الخط -


الناي البدوي

أنت يا من غنّى لي مرةً غنّ لي الآن
دعني أسمع نغمتك المهملة طويلاً
ابق معي
النجم يخبو
يمكنني التفكير أبعد من ذلك لكني أنسى
أتسمعني

أما زلت تسمعني
هل يتذكرك هواؤك
يا نسمة الصباح
أغنية ليل أغنية صباح
لديّ كلّ ما لا أعلم
لم أضع منه شيئاً
أُدركُ أفضل الآن
من أنْ أسألك
أين تعلّمتَ تلك الموسيقى
من أين جاءت
ذات مرّة كان ثمّة أُسُود في الصين.

سأستمع إلى أن يتوقّف الناي
ويصير الضوء كهلاً مرّة أخرى.


ثمار العليق بعد العتمة

هكذا إذن طَعمُ الليل
مفرداً
لا مبكراً ولا متأخراً
أخبرتني أمي
أنّي ما كنت أخاف العتمة
وعندما تمعّنتّ كان ذلك صحيحاً
كيف عرَفَتْ
من زمن بعيد
بوفاة والدها
تقريباً قبل أن تستطيع التذكّر
ثم لحقت به أمّها
بعد وقت ليس بالطويل
ثم جدّتها
التي ربّتها
وبعد ذلك بقليل
أخوها الوحيد
ثم مولودها الأول
رحل ساعة ميلاده
كانت تَعْلَم.


صباحٌ ساكنٌ

ما يبدو الآن أنه يوجد عمر
واحدٌ فقط غير أن الصباح لا يعلم
شيئاً عن العمر مثلما تعلم الطيور المحلّقة
عن الهواء التي تطير فيه
أو اليوم الذي يحملها إلى فوق
عبر أنفسها
وأنا طفل قبل أن تكون هناك كلمات
ذراعان تحملاني عالياً في ظلّ
أصواتٌ تهمهمُ في ظلّ
فيما أراقب بقعة ضوء الشمس تتحرّك
قاطعة السجّادة الخضراء
في مبنى
تلاشى منذ زمن بعيد وكلّ الأصوات
صامتة وكلّ الكلمات التي قيلت في ذلك الوقت
صامتة الآن
فيما أنظرُ إلى تلك البقعة من ضوء الشمس.


على الجادة

خلل الأشجار وعبر النهر
بسطحه ذي اللون المعدني
في صباح ممطر آخر الربيع
أفقُ المدينة المتشظي
يلمع في صمت نعلمه جميعاً
لا يمكن لمسه أو الوصول إليه بالكلمات
وأنا الوحيد القادر على
التذكر الآن وسط
الأوراق الصغيرة الأكثر لمعاناً من ضوء النهار
ضوءً آخر في النوافذ العالية
شعاعاً يميل كسلّم
ومن ورائه صوت أبي
يتحدّث عن قذىً في عين
تشبه لطخة في شعاع شمس.

* William Stanley Merwin شاعر أميركي من مواليد 1927، صدر له خمسون كتاباً بين شعر ونثر وترجمة، أحدثها مجموعة شعرية بعنوان "القمر قبل الصباح" (2014).

** ترجمة عاشور الطويبي
المساهمون