أم الدنيا خذلت عيالها

22 يناير 2015
من الذي يصنع الخوف؟! (الأناضول)
+ الخط -

كما يتربون على تقديس العائلة وواجب كرم الضيافة وعشق "المنسف"، يتربى الأردنيون أيضا كسائر الشعوب العربية على حب مصر، كيف لا ومصر أم الدنيا، "ألف باء" الحس العروبي منذ عقود.

وحتى ما قبل أن يفوح عطر الربيع العربي، طالما كانت مصر حاضرة بقوة في وجدان الأردنيين، فكيف يكون الحال إذا ما فتحت مصر نافذتها قبل أربعة أعوام لتستقبل ربيعا عربيا انطلق من جارتها تونس، هذه النافذة التي ربما فتحت استجابة لدعاء شعوب عربية، منها الأردنية، أن تصاب مصر بعدوى الوقف في وجه الاستبداد والانتصار للمقهورين.

"الورد الي فتح جناين مصر"، "مصر يا بهية"، "أحمد فؤاد نجم"، ونوارة أحمد فؤاد نجم أيضا رموز بصورها وأغانيها وأشعارها وتصريحاتها حجزت مقاعد بقوة في داخل كل منزل أردني، حتى اللهجة المصرية "خفيفة الدم" باتت لهجة يتداولها أردنيون وهم يتحدثون بشغف عن الثورة المصرية إبان انطلاقتها، ناهيك عن "ميدان التحرير" الذي بات معلما يتوق إلى زيارته أردنيون كثيرون خلال ثورة يناير.

وبعد أربعة أعوام مما أفرزته ثورة يناير، ربما لم يعد توق زيارة ميدان التحرير والتقاط صور شخصية من أمامه ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي حلما يتسابق إليه أردنيون، فبعد "الصفعات" التي لحقت بثورة صنعها شبان مصريون، كانت عرسا وطنيا بالنسبة لباقي الشباب العربي، بات توق زيارة ميدان التحرير في خبر كان.

مرام زريقات، وهي شابة أردنية، أصابها ما أصاب أردنيين كثرا من فئة الشباب، حلم يحققه ربيع عربي بطله تونس، ومخرجه ومنفذه مصر، وتقول في سياق حديثها عن ما أثرت بها ثورة يناير، وكيف تقرأها اليوم بعبارات كافية ووافية. "كنت قد فرحت كما الملايين من الشعوب العربية من فكرة التصديق بما يجري حولنا ذات يناير، لم نعتد صراحة أن نصدق ببساطة ما يحدث".

وتضيف زريقات: "لم نصدق ولأيام متتالية شكل الدائرة في ميدان التحرير وهي تكتظ حتى تكاد تصل لغرف معيشتنا بملايينها التي صدقت قبلنا بكثير، نعم آمنا بهم وبعيشهم وبحريتهم وبالعدالة المنشودة".

وكم تمنت ربة الأسرة، نسرين الجراح، أن تكون هي وزوجها وأطفالها الثلاثة في صفوف المتواجدين في ميدان التحرير في ثورة يناير بحسب ما تقول، وتضيف: "كانت متابعتي رائعة مع هذه الثورة تعرفت فيها إلى طعم لذيذ اسمه عدالة، ولا أنسى لحظة إعلان تنحي المخلوع حسني مبارك عندما زغردت بصوت عال ودموع الفرحة تغسل وجنتي".

"الصدمة مؤلمة وقاسية"، تقول الجراح وهي تصف شعورها اليوم بعد أربعة أعوام على ثورة يناير "لا ليس هذا الربيع الذي طمحنا إليه". أما الشاب طارق الخطيب، فله ذكرى مختلفة مع ثورة يناير، عندما قال أول ما شاهد "الطوفان البشري يزحف باتجاه ميدان التحرير"، "قلت لعائلتي التي كانت مرابطة أمام قناة الجزيرة طوال فترة الثورة، هذه عدوى ثورة دافعها تونس".

ويضيف الخطيب: "بالطبع لم يلق تعليقي ترحابا لدى عائلتي، التي كغيرها من العائلات الأردنية، وحتى العربية تربت على كليشيه محورية الدور المصري، ولا شك بأن الثورة المصرية كانت محط أنظار العالم، أولا لأن العالم يصر أيضا على كليشيه مصر قائدة العالم العربي، وثانيا لخفة ظل الثورة، وثالثا، تبعاتها على إسرائيل لاحقا".

ويختم بوصفه للمشاعر العاطفية التي ألحقتها ثورة يناير به: "شعرت فعلا أنني أطول قامة، لسبب ما، وشعرت في لحظة نادرة لا أظنها ستتكرر بأنني لست خائفا، حتى أنني تساءلت من الذي يصنع الخوف؟!".


*الأردن

المساهمون