أمل بالقضاء على الإيدز في مؤتمر ملبورن

26 يوليو 2014
لماذا لا نتعامل مع الإيدز كما مع الأمراض الأخرى؟(Getty)
+ الخط -
غالباً ما نرمق مريض الإيدز أو المصاب بفيروس نقص المناعة المكتسبة، بنظرات ازدراء وحذر في عالمنا العربي. فنحاول أحياناً تجنبّه ونبذه من المجتمع برمّته. ربما ننسى أو نتجاهل أنه إنسان، فنضيف الى ألمه الجسدي ألماً نفسياً عوضاً عن مساعدته وبعث الأمل في نفسه حتى يتمكّن من التعايش مع معاناته. والسؤال الذي يُطرح هنا: لماذا لا نتعامل مع نقص المناعة المكتسبة وحاملي فيروسه كما نتعامل مع أي مرض آخر؟

إن العجز عن إيجاد علاج فعّال لهذا الفيروس المدمّر، لا يبرّر سلوكياتنا تجاه المصابين به. أما الحديث عنه ومحاولة إيجاد العلاج له، فيعكسان إنسانيتنا عوضاً عن عجزنا.

ولأن الغرب أدرك أهميّة تناول موضوع هذا المرض، نظّم مؤتمرات دوليّة شارك فيها أطباء وعلماء خصّصوا أبحاثهم ودراساتهم لإيجاد حلول لعلاجه. وقد اختيرت مدينة ملبورن الأستراليّة لاستضافة المؤتمر الدولي العشرين حول مرض الإيدز لعام 2014 الذي عقد بين 20 و25 يوليو/تموز الجاري، وهو أكبر مؤتمر عالمي للإيدز يعقد مرّة كل عامَين ويشارك فيه ما يقارب 25 ألف مساهم ومستثمر لدعم بحوث علاج المرض. وتنظّم "جمعية الإيدز الدوليّة" (آي أيه أس) هذا المؤتمر بالاشتراك مع مؤسسات علميّة ومدنيّة مختارة من أستراليا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ وشركاء من الأمم المتحدة والعالم.

وقد وقع الاختيار على ملبورن بالاستناد إلى ثلاثة معايير وهي: قدرة التأثير على انتشار الوباء والبنية التحتيّة للدولة وحريّة التنقل والتجوّل للمصابين بالمرض، وذلك وفق سياسة عدم التمييز التي تبنّتها الجمعيّة في العام 1992. فهي كانت حاسمة بعدم عقد أي من مؤتمراتها في دول تحظّر دخول مرضى (الإيدز) إلى أراضيها أو تفرض عليهم الإعلان عن وضعهم الصحي، في حال طلب تأشيرة محدودة المدّة لزيارة البلد. وكانت الحكومة الأستراليّة قد وضعت استراتيجيّة دوليّة متينة للإيدز، تركّز فيها على جاراتها مثل بابوا غينيا الجديدة ودول شرق وجنوب آسيا وجزر المحيط الهادئ.

ويساعد هذا المؤتمر في نشر الوعي الأعمق حول آثار المرض والفيروس الذي يسبّبه. وقد تركّزت أعماله حول وضع الإيدز وآمال الخلاص منه.

آمال وخيبات
بالنسبة إلى جون مانوريغ وهو أسترالي مصاب بالفيروس، فإن تعاون الأطباء والعلماء مع جميع أطياف المجتمع هو السبيل لإيجاد حلّ. وقد دعا إلى التفاؤل الدائم، على الرغم من أن محاولات القضاء على الإيدز خلال الأعوام الماضية تأرجحت بين آمال في النجاح والخيبات. وخير دليل على ذلك ما حصل الأسبوع الماضي لطفلة أميركيّة (4 أعوام) تعرف بـ"طفلة مسيسيبي"، كانت قد ولدت حاملة للفيروس ومن ثم عولجت منه. لكن الفحوصات الأخيرة بيّنت أن الفيروس عاد للظهور. وهو ما يضرب نظريّة أن العلاج المبكر قد يقضي على ديمومة الإصابة بالفيروس.

وفي تقريره الأخير، بعث برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز الأمل في نفوس ملايين المصابين حول العالم، خصوصاً في المجتمعات التي تقمع المصابين بالداء أو تحتقرهم. فقد توقّع خبراء إمكانيّة القضاء على الفيروس في خلال السنوات الخمسة عشر المقبلة. وبيّن التقرير أن نسبة الوفيات تراجعت في العام 2013 بنسبة 11.8% في خلال سنة واحدة، مسجلاً بذلك أقوى هبوط منذ العام 2005، مع تناقص عدد الإصابات من 2.2 مليون إصابة في العام 2012 إلى 2.1 مليوناً في العام 2013.

وعلى صعيد متصل، قالت الرئيسة التنفيذيّة لـ"منظمة الإيدز الوطنيّة" في جنوب إفريقيا الدكتورة أوليف شيشانا، "يجب إنهاء التمييز ضد المثليّين وتجّار المخدرات والمتاجرين بالجنس، وتسهيل حصولهم على العلاج عوضاً عن تعسير الإجراءات المتخذة بحقهم".

وتسجّل القارة الأفريقيّة أعلى نسبة إصابات بالإيدز في العالم، إذ يعيش فيها 24.7 مليون مصاب بالفيروس، غالبيتهم من إفريقيا الجنوبيّة ونيجيريا. وقد بلغ عدد الوفيات بين المصابين بالمرض 1.5 مليونا في العام 2013، مع الإشارة إلى أن العدوى تشكّل السبب الرئيس للوفاة. وفي العام 2013، عولج 12.9 مليون مصاب من الفيروس الارتجاعي الذي يدمّر خلايا جهاز المناعة في جسم الإنسان، ما يدفع إلى الاعتقاد بإمكانيّة علاج 15 مليوناً بحلول العام 2015.

وتحتل منطقة آسيا والمحيط الهادئ المركز الثاني لجهة عدد المصابين بالإيدز وحاملي فيروسه بعد إفريقيا. أما في أوروبا الشرقيّة والوسطى، فقد ارتفعت نسبة حاملي الفيروس إلى 5% فيما بلغت 8% في أميركا الشماليّة، لتصل إلى 7 % في الشرق الأوسط وإفريقيا الشماليّة.
إلى ذلك، ذكّر التقرير بملايين الإصابات منذ اكتشاف الوباء في 1980، إذ بلغ عدد المصابين به 78 مليوناً في حين أدّى إلى وفاة 39 مليوناً منهم. فتأتي هذه الأرقام لتبرز بوضوح هول المأساة ولتبرّر كذلك الجهود الجبارة المبذولة للقضاء على المرض.

وعلى أمل التخلّص منه بحلول العام 2030 وفقاً لبرنامج الأمم المتحدة لمكافحة الأيدز، يجب تقليص الإصابات الجديدة بنسبة 90% بالإضافة إلى تعاون جميع مؤسسات المجتمع من سياسيّة واقتصاديّة واجتماعيّة لبلوغ الأهداف المرجوّة.

ولا بدّ من الإشارة إلى أن حادثة الطائرة الماليزيّة التي سقطت في 17 يوليو/تموز الجاري في شرق أوكرانيا، أثّرت بشكل سلبي على المؤتمر الذي عقد بين 20 و25 يوليو/تموز الجاري، إذ توفي ستّة من المشاركين فيه كانوا على متنها. وقد توقّفت أعمال المؤتمر لدقائق، حداداً على أرواح هؤلاء.
المساهمون