أملٌ في رؤية رمل الأعماق

25 فبراير 2017
(الشاعر)
+ الخط -

كلما فكّرت في طريقة تحليل قصيدة ما،
منطلقاً من كل
النماذج التي تتناسب مع هذه الغاية،
أعرف مسبقاً 
أني لن أبلغ قطّ بؤرة السؤال.
ولست أعرف ما هي
بؤرة السؤال، وكثيرة هي الشكوك التي تتبقّى
خلال سياق القراءة.
مثلاً، إن كنتُ أمام بحرٍ هائج،
بمياه باردة، وسماء مُلبّدةٍ بسحبٍ رمادية 
لخريفٍ مُتقَدّمٍ، أعرفُ جيّداً أنّي لن أبلُغ قطُّ نهاية الموجة،
وهيهات أن أدخل التمَوُّج الأوَّل، الذي يصلُ زبده أقدامي.
القصيدة يمكنُ
أن تَكُونَ مثل ذلكَ البَحرِ،
والعوَائقَ التي يطرَحُها أمام من يرغَبُ
في تأويلهِ ليستْ أبداً مختَلفَة.
أستَطيعُ أن أرى إيقاعَ أمْواجِهِ،
أنْ أستمعَ إلى الهمسِ الذي يبقى من تحتِ حَركاتهِ وسكناتهِ،
أنْ أفهمَ لمَ للسّطح ذلك اللون الأبيضُ
الذي يخفي في داخله قوسَ قزح،
لكني يجب أن أتَوقَّف هناك
إن كنتُ لا أريد أن يبتَلعني إعصارُ صوره،
وربّما
أغوص إلى الأبد في هوّته السّحيقة.
ستسألونني: لماذا
إذنْ ترغَب في تحليل قصيدةٍ؟
والجواب بَسيطٌ: لماذا هناك أناسٌ كثيرونَ يعون جيِّداً أنهم يمكنُ
أن يغرقوا في حالةِ عَدَم معرفَتهم كيفَ يتجنَّبونَ سطوَةَ الأمواجِ،
أو مُقاومَةِ التيّاراتِ، فيلقونَ بأنفسهم في أعماقِ البَحْرِ؟ ولأجل ذلكَ
لما أتجاوزُ التموُّجَ الأوّل للكلماتِ والأبيَاتِ الشعريةِ، أنا أيضاً
أحرصُ على أن أتابع حركةَ الأمواج وأن أبحرَ ضدّ تيّارِ
المَقاطِعِ الشعرية.
وفي مكانٍ ما من هذا المحيطِ المقتضَب
سأبلغُ حيث الماءُ شَفِيفٌ، وحيث سيكونُ لِي للحظاتٍ
أملُ رؤيَةِ رملِ الأعماقِ، والمعنَى الأخِيرُ للقَصِيدَةِ.



Nuno Judice شاعر وروائي من مواليد ميكْسِيُوِرا غْرَانْدِي 1949. ولعله أبرز شعراء البرتغال المعاصرين ضمن الجيل الذي خَلَف مجموعة شعر 61.

** ترجمة: خالد الريسوني
المساهمون