لا تعرف غالبية التونسيين ما تعنيه "أمازيغ"، ولا يفقهون الثقافة الأمازيغية ولا حضارتها التي طُمست لعقود طويلة، وظلت لسنوات ما قبل الثورة من الخطوط الحمراء التي لا يتاح الحديث عنها.
لكن بعد ثورة 14 يناير/ كانون الثاني ظهر العديد من النشطاء المدافعين عن الهوية الأمازيغية، فطرح هذا الموضوع جدلاً كبيراً بين من يردد أنّ جميع التونسيين ينحدرون من أصول أمازيغية، وبين من يردد أنّ الأصول العربية هي الأقوى ولا مكان للأمازيغ في تونس.
ويعتبر الأمازيغ أنفسهم السكّان الأصليين لشمال إفريقيا (ليبيا وتونس والجزائر والمغرب) وصولاً إلى حدود مالي والنيجر وبعض مناطق مصر أيضاً. ويحتوي العلم الأمازيغي على ثلاث أشرطة أفقية، يرمز اللّون الأزرق إلى البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، كما يحيل اللّون الأخضر إلى الجبال الخضراء، ويرمز اللّون الأصفر إلى الصحراء.
ويتوسط هذه الأشرطة حرف "أزا" كتب باللّون الأحمر باللهجة الأمازيغية ويرمز إلى الإنسان الحر لأنه على شكل انسان يرفع يده إلى السماء. وقد برز هذا العلم في السبعينيات حيث كان الفضل في ابتكاره للأكاديمية البربرية (أكراو إمازغن) والتي قامت بتقديمه ولأول مرة إلى مجموعة من المنظمات والجمعيات المدافعة عن حقوق الشعب الأمازيغي.
وفي عام 1998 تبنّى الكونغرس العالمي الأمازيغي هذا العلم علماً وطنياً للأمة الأمازيغية، وذلك بمدينة (تافيرا) في جزر لاس بالماس التابعة لجزر الكناري الأمازيغية. لينتشر فيما بعد في جميع بلدان شمال إفريقيا (تمازغا).
وقد تعرض العلم في البداية للمنع في مناطق في شمال إفريقيا، وظلت الحركة الأمازيغية في تونس ضعيفة مقارنة بالجزائر والمغرب.
يذكر أنّه صدر يوم 20 أكتوبر/ تشرين الأول 2004 بيان عن المؤتمر العالمي للأمازيغ بباريس بعنوان "أمازيغ تونس في الطريق إلى الاندثار.
ودعا البيان كل المنظمات غير الحكومية وأصدقاء الشعب الأمازيغي إلى التصدي للانتهاكات الخطيرة للحريات وللحقوق التي ستتعرض لها أمازيغ تونس. لكن رغم ذلك طمست الهوية الأمازيغية في تونس، حيث رفع مطلب الاعتراف بالأمازيغ كمكوّن من مكونات الدّولة التونسية، من قبل مجموعة من النّشطاء الأمازيغ في الشمال الغربي لتونس أواخر سبعينيات القرن الماضي وبداية الثمانينيات.
لكن، وضعت سلطة الإشراف زمن الرئيس بورقيبة حدّاً لهذا المطلب وقامت بحظر نشاط الأمازيغ وإيقاف فرقة موسيقية تحمل اسم "الإيمازيغن".
ويبلغ عدد الأمازيغ في تونس نحو 500 ألف، أي 5 بالمئة من سكان تونس، ولا يتحدث اللغة الامازيغية سوى 2 في المئة منهم، فيما يعيش أغلبهم بين قبائل الجنوب التونسي بمطماطة وتمزرط وزراوة وتاجوت.
وباتت اليوم تدافع عن وجودهم الجمعية التونسية للثقافة الأمازيغية التي تأسّست في يوليو/تموز سنة 2011، فقد أكد جلول غرقي الأمين العام للجمعية لـ"العربي الجديد" أنّها ستعمل على إعادة إحياء تراث الأمازيغ بوصفهم مكوّناً هامّاً في المجتمع.
كذلك أشار إلى أنّ الجمعية التونسية للثقافة الأمازيغية وجمعية المحافظة على الثّقافة الأمازيغيّة وغيرهما من الجمعيات، رفعت مطالب دسترة الاعتراف بالحقوق الثقافية الأمازيغية للمجلس الوطني التأسيسي، لكن لم تجد مطالبهم أي صدى داخل قبة المجلس.
في المقابل، أكد عدد من الجمعيات أنّ ما دار من أحاديث حول ضرورة إدراج الأمازيغية في الدستور التونسي هويةً ولغة، أمر يمكن اعتباره خطيراً، لأنّ أمازيغ تونس ليسوا أقلية مضطهدة، وإنما هم جزء من الشعب التونسي لغة وعادات ومستوى معيشي، والحديث عن دعم حضورهم قانونياً فيه شيء من التقسيم المجتمعي لتونس.
من جهتها، أشارت خديجة بن سعيدان رئيسة الجمعية التونسية للثقافة الأمازيغية، إلى ضرورة إصلاح نظام التعليم الذي شوه حضارتهم وتدريس التاريخ الأمازيغي ولغة الأمازيغ في المعاهد، كخطوة أولى نحو رد الاعتبار للحضارة الأمازيغية التي طمست طوال عقود.