ألين لحّود: مواجهة فنية مع طواحين الهواء

24 يناير 2020
لحود: "كي أستمرّ ينبغي عليّ السكوت" (فنسنت خديجي)
+ الخط -
تغنّي، تكتب، تمثّل، تتقن فنّ الإخراج، وسبق أن خاضت مجال تقديم البرامج. مع ذلك كلّه، لا تجد ألين لحود نفسها اليوم على الساحة الفنية الخالية من أيّ حقوق بديهية للفنانين المحترفين، والمكتظّة بالمتملّقين وبما تصفه بـ "كارتيلات" الوساطات والمحسوبيات، ما دفع بالفنانة الشابّة إلى التفكير جديّاً في الهجرة إلى بلجيكا، رغم تعلّقها الشديد ببلدها ومناصرتها العلنية لمطالب الشعب اللبناني منذ ما قبل ثورة 17 أكتوبر/ تشرين الأول، وفق ما تؤكّد لحود بنفسها في حوار خاص أجرته معها "العربي الجديد".

لا تقف ألين لحود على الحياد في الموضوعات التي تمسّ كرامتها الإنسانية والفنية أو حقوق بلدها وشعبه الذي يناضل من أجل الحريّة. تضخّ طاقتها في الساحات بعيداً من استعراضية عدسات الكاميرا، وإن كانت لها مآخذ على بعض الأمور المتعلّقة بالثورة، بحسب ما تعترف في حديثها لـ "العربي الجديد".
تؤكّد: "أنا مواطنة لبنانية، ومن يعرفني يعرف جيداً كم أنا متعلّقة بوطني. وعندما يتعلّق الموضوع بوطنيتي لا أضع ضوابط أو حسابات لمواقفي. ولكن في المقابل، وكما في أي حدث كبير، ليس بالضرورة أن يجد كلّ فرد نفسه في كافة وجوه ما يحصل على الأرض، وعندما لا أوافق على مواضيع معيّنة لا أخجل من إبداء الرأي".
تعترف: "شعرت في مرحلة ما أن هناك أطرافاً سياسية معينة تدخّلت، وأن أشخاصاً متحزبين حاولوا أن يسرقوا النية الصافية التي كانت موجودة لدى الشعب وحاولوا أن يزعزعوها. ولم أتردّد في القول إن هؤلاء الأشخاص لا يمثلونني".

عن قرار الهجرة تقول: "لا شك في أن قرار الهجرة اتخذته بشكل أساسي لأنني أرغب في تطوير نفسي. لستُ شخصاً محبطاً ولكنني بالتأكيد أحزن، لأنني من الأشخاص الذين لم يكونوا يتخيّلون يوماً أن يهجروا لبنان إلا ليعودوا إليه. ولكن أخيراً بدأت بالتفكير في الهجرة بشكل جدي، إذ لم أعد أجد مكاني في المجال الفني الذي لم يعد يسمح لي بأن أعبّر عن طاقاتي بالشكل الذي يجعلني "أفشّ خلقي" وأن أوظّف موهبتي كما يجب. هناك الكثير من الفنانين الذين يتشاطرون معي هذا الألم نفسه".

تعترف: "ليس قراراً سهلاً، ولكني لا أخاف أن أبدأ مجدداً من الصفر، وأذكر جيداً عندما قررت المشاركة في The Voice فرنسا، أن عددا كبيراً من الأشخاص عارضوا الفكرة، ولكنني لم أستمع إلى أحد، وأدرت ظهري ومشيت واعتبرت أنني أخوض مغامرة جميلة".
تضيف: "اليوم الأمر نفسه ينطبق على قرار الهجرة. فأنا بدأت مشواري الفني في عمر يافع، لم أكن أملك فيه أي خبرة، وقد مرّ على دخولي مجال الفن أكثر من 15 عاماً، واليوم بالخبرة التي حصدتها أستطيع أن أبدأ من جديد، ولا خوف لدي من البدايات الجديدة، فالشخص الذي يعرف جيّداً ما يريده وما هي طموحاته وأين تقف حدوده، لا شيء يخفيه".

تتابع: "هناك أمور كثيرة أرغب في تحقيقها ولا أستطيع ذلك في هذا البلد. الفساد ليس محصوراً في السياسة وحسب، وإنما موجود في الفن أيضاً. يا ليتهم يفتحون ملفات الفن ليكتشفوا مكامن الفساد المتغلغل فيه، والذي نشهده منذ سنوات. وبتنا للأسف نتحدّث عنه ثم نصفّق له بعدما دخل في نظامنا وأصبح جزءاً من الفولكلور. هذا يحزنني لأنني لا أرغب في دفن طاقاتي وموهبتي. ولكي أستمرّ ينبغي علي السكوت إزاء وجود أشخاص دخلاء يأخذون مكاني ومكان غيري من أصحاب الكفاءة. اليوم لا يوجد من يحصّل حق الفنان، سواء على صعيد الدولة أو المؤسسات أو ما إلى هناك". 
وعن الملفات التي ينبغي فتحها في مجال الفساد الفني، تقول: "كثيرة هي الملفات، بدءاً من مجال صناعة الموسيقى، مروراً بالتمثيل، وصولاً للإنتاج، ولكافة مستويات الفن. يكفي اليوم أن الفنان في الخارج يتقاضى أجراً عندما تُبَث أغنياته، أما في لبنان يُضطر الفنان إلى أن يدفع أموالاً طائلة لكي تبث إذاعة معينة أو محطة تلفزيونية معيّنة أغنياته. هذا أمر غير مقبول. هل هناك جرم أكبر من هذا؟ أليس من البديهي أن يكون من حق الفنان أن يعتاش من نتاجه الفني؟ هذه إحدى أكبر الجرائم في عالم صناعة الموسيقى، ونحن نتعرّض لها كفنانين إن لم يكن هناك شركة إنتاج تدعمنا".

ألين متعدّدة المواهب، تنشط في مجالات فنية مختلفة من الغناء إلى التمثيل فالكتابة والإخراج، تؤكد: "مع ذلك كله، تتم محاربتي. أنا اليوم أجلس في مكان المتفرّج مقارنةً بغيري. وما زالت تصلني أخبار عن أشخاص يعارضون وجودي عندما يُطرح اسمي لعمل معيّن. لا أعرف السبب، لا سيّما أنني لا أعرفهم شخصياً ولم ألتقِ بهم، ومع ذلك لا يجدون حرجاً في محاربتي ووضع Veto على اسمي لأسباب أجهلها تماماً".

تعترف: "نعم في التمثيل هناك كارتيلات. مع العلم أنني اليوم ألزم منزلي ولا تجدينني على الشاشات، ولا آخذ الأدوار من درب غيري. ومعروف عني أنني انتقائية وأعشق مهنتي، وعندما أتعاقد على أي عمل أفعل ذلك بحب كبير لأنني أكون مقتنعة تماماً بالعمل. ليس لدي أية خلافات مع أحد، وعلاقتي جيّدة بالجميع، لأنني على مسافة واحدة من الكلّ".
هي مليئة بالتحدي، وتتجاوز كل أعطاب الحياة الفنية، تشير: "أنا شخص مؤمن ولا أتوقّف كثيراً عند هكذا مسائل ولا أدعها تأخذ من وقتي، لكن ما يحزنني هو اللحظة التي أكتشف فيها أن لا عداء يربطني بالجهة التي تحاربني ولا حتى معرفة. وبالرغم من كلّ شيء، سأبقى أنا كما أنا، صريحة وصادقة مع نفسي. لن أجامل ولن أقدّم تنازلات زحفاً وراء فرصة من أحد. هذا السلوك لا يشبهني ولا يشبه تربيتي. لم أفعلها سابقاً وبالتأكيد لست مستعدّة أبداً لفعلها لاحقاً، فأنا شخص موهوب وقادرة على تظهير موهبتي ومن يرغب بالتعامل معي يعرف كيف يصل إلي".

لحود كانت قد أطلقت أخيراً أغنية مصوّرة باللون البدوي بعنوان "شيّلوا"، تكشف أن هناك عدداً من الأغنيات التي كانت تعمل عليها وتنوي إصدارها تباعاً، إلا أنها أصبحت بحكم المؤجّلة نظراً لظروف البلد. والظروف نفسها أوقفت عرض مسلسل "بالقلب" للكاتب طارق سويد. عمل درامي كانت سجّلت من خلاله عودةً إلى مجال التمثيل بعد فترة غياب طويلة. 
ومع ذلك تقول: "كانت عودةً مهمّة بالنسبة لي إلى مجال التمثيل وقد سعدت كثيراً بالمشاركة في هذا المسلسل من كتابة طارق سويد وإخراج جوليان معلوف، وإنتاج G8 Pro، لصاحبتها مي أبي رعد. كنت مشتاقة بالفعل لتقمّص شخصية درامية جديدة وتقديمها للناس على أمل أن يُستكمَل عرض المسلسل قريباً بعد أن تستقرّ الأمور".
المساهمون