أعلن شريكا مفاوضات الحكومة الائتلافية المحتملة في ألمانيا، الاتحاد المسيحي والاشتراكي الديمقراطي، ليلة أمس الأحد، تمديد أمد المفاوضات ومواصلة محادثاتهما بشأن إمكانية تشكيل ائتلاف كبير "غروكو" بطبعة جديدة، بعدما كان من المتوقع اختتامها أمس الأحد، وذلك نتيجة تباعد الطرفين بشأن بعض القضايا الأساسية، والتي تتطلب المزيد من المناقشات والعمل عليها.
وبذلك تكون بعض الملفات الخلافية حتمت على الطرفين تمديد مفاوضاتهما إلى اليوم الاثنين، في حين تحدثت تقارير صحافية عن إمكانية استفادة الطرفين من اليومين الاحتياطيين اللذين تم الإعلان عنهما عند انطلاق المفاوضات.
وفي هذا السياق، برر الأمين العام للحزب الاشتراكي، لارس كلينغبيل، هذا التمديد بالقول: "على الرغم من التوصل إلى اتفاقات في العديد من الملفات، إلا أن بعض النقاط والمسائل النهائية تتطلب قراءة بشكل شامل وبناء"، على أن ينطلق بعدها كل حزب للتشاور مع قياداته الحزبية بحلول الأربعاء.
ويبدو أن هناك قضايا نزاع رئيسية صعبة ما زالت عالقة بين الطرفين، وتسببت في إرجاء المداولات، أهمها ملفا العمل والصحة، وهما الملفان اللذان يتعرض الاشتراكي لضغوط من القاعدة الحزبية بشأنهما، ويحتاج إلى تحقيق نجاحات جوهرية فيها لإقناع محازبيه بتحالف متجدد مع الاتحاد المسيحي.
وفي نهاية المطاف، من المتوقع أن تكون هناك تسويات محتملة وتنازلات ستحصل في ظل التحفظ على التمويل بشأنهما.
وفي حديث للقناة الثانية في التلفزيون الألماني (زد دي إف) أوضح رئيس وزراء ولاية بادن فورتمبيرغ، توماس شتروبل، أنه ما زال يتعين على الأطراف الاتفاق على عدد من النقاط، "البعض منها من السهل التوافق حولها".
بدوره أعرب السياسي الاشتراكي، راينر هاسيلوف، رئيس وزراء ولاية سكسونيا انهالت، عن تفاؤله بنجاح المفاوضات و"من أن كل شيء سيكون على ما يرام".
وكان الاتحاد المسيحي والاشتراكي قد قطعا شوطاً طويلاً ونجحا، خلال الأيام الماضية من المفاوضات، في التوصل إلى اتفاقات على العديد من الملفات، بينها زيادة الإنفاق على الإسكان الاجتماعي والرقمنة والتعليم والسياسة الأوروبية، وحققا اختراقات في كثير من الملفات المثيرة للجدل، وبالأخص في القضايا الاجتماعية، بينها فرملة ارتفاع أسعار الإيجارات وبناء رياض الأطفال وتبني التعليم الرقمي، إلى ملفات البيئة والتقاعد والنقل والدفاع.
من جهة أخرى، يسود عدم ارتياح في البلاد لإمكانية توصل الطرفين إلى اتفاق حول تشكيل ائتلاف حكومي متجدد، نتيجة ما سينتج من "عيوب" على هذا الائتلاف الكبير، لأن الكثير من المشاكل الأساسية ستعتري هذا الاتفاق، فضلا عن غياب الرؤى الخلاقة غير المناسبة بين الطرفين، إلى تغير المزاج العام في ألمانيا على شخص المستشارة أنجيلا ميركل.
ويبقى الخوف من شلل سياسي مع تعزز حضور دور المعارضة إلى حد كبير في البوندستاغ، وهو ما بينته اللمحة النقدية الحادة خلال مناقشات البرلمان الاتحادي الأسبوع الماضي، فضلا عن تدهور الوضع العام للحزب الاشتراكي الديمقراطي، حيث منحته آخر استطلاعات الرأي نسبة 17,5%، أي بتراجع 3% عما كان عليه الحال خلال الانتخابات العامة في سبتمبر/ أيلول العام الماضي، كما تصاعدت الخطابات الانتقادية داخل صفوفه، وجسد ذلك أخيرا مسؤول شبيبة الحزب، كيفن كونيرت، الذي عبر في حديث تلفزيوني عن استيائه من التنازلات الغريبة التي يقوم بها حزبه خلال المفاوضات، مضيفا أن "هناك انقساما عموديا مع الاتحاد المسيحي على الكثير من القضايا"، من دون أن يستبعد إمكانية أن تشكل ميركل حكومة أقلية.
يشار إلى أنه حتى لو اتفق الطرفان على قيام الائتلاف بعد ختام مفاوضات ناجحة، فسيبقى من غير المؤكد ما إذا كانت ستتشكل حكومة بين الأسود والأحمر، لأنه على الاشتراكي العودة إلى أعضاء حزبه البالغ عددهم أكثر من 440 ألفا من أجل أخذ موافقتهم على المشاركة في الحكومة، وعما إذا كانت هناك تحفظات بهذا الشأن.