وطالب الحزب "الاشتراكي الديمقراطي"، أمس الثلاثاء، بتمديد الحظر المقرر حتى نهاية مارس/آذار الحالي، لمدة ستة أشهر إضافية، في حين تشدد قطاعات صناعة الأسلحة على أهمية موارد الصناعة العسكرية، وتحذر من عواقب سياسية واقتصادية قد تنجم عن الاستمرار في هذا التوجّه.
ويستند "الاشتراكي الديمقراطي" في مطالباته، إلى واقع أنّ السعودية تقود تحالفاً عسكرياً يقاتل ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، بينما باتت الحرب في اليمن "أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم"، وفق تقديرات الأمم المتحدة.
وفي هذا الإطار، أوضحت زعيمة الحزب أندريا ناليس، أمس الثلاثاء، خلال اجتماع للكتلة البرلمانية لحزبها أنّ "الاشتراكي الديمقراطي عبّر عن نفسه وبوضوح في مفاوضات الائتلاف حول إعادة تنظيم سياسة التسليح"، مشيرة إلى أنّ "سيكون هناك عمل لضمان أن يحترم الشركاء الأوروبيون التحفظات الألمانية".
ويأتي هذا الطرح متزامناً مع الضغوطات التي تتعرّض لها برلين من شركاء الاتحاد الأوروبي؛ مثل فرنسا، حيث وقفت المستشارة ميركل أخيراً إلى جانب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، واستدعت مرة أخرى التعاون الألماني الفرنسي، وضرورة التوصّل إلى حلول "مشتركة" بخصوص آليات تصدير الأسلحة، وترجيحها تقديم تنازلات بشأن نصّ اتفاقية الائتلاف مع شريكها في الحكم "الاشتراكي الديمقراطي"، وهو ما اعتبر بمثابة عرض توفيقي مع الفرنسيين.
كما وجّهت ناليس، خلال اجتماع الكتلة البرلمانية، انتقادات لوزير الاقتصاد بيتر ألتماير؛ المنتمي لحزب ميركل، قائلة إنّ الوزير لم يقدّم بعد أي توجيهات لتشديد آلية تصدير الأسلحة، وهو ما تضمنته المبادئ التوجيهية لهذا الملف، وشمله اتفاق الائتلاف عام 2018.
وتواجه ألمانيا ضغوطاً من الشركاء الأوروبيين، لا سيما بريطانيا وفرنسا، من أجل رفع الحظر بحجة عدم الإضرار بسمعتها التجارية وتقويض طموحاتها بوضع سياسة دفاعية أوروبية مشتركة.
غير أنّ رئيس كتلة حزب المستشارة ميركل في البوندستاغ (البرلمان) رالف برينكهاوس، اعتبر، في حديث صحافي، أنّه "عندما يتعلّق الأمر بصادرات الأسلحة، علينا وبشكل أساسي أن نتناقش مع الاشتراكي الديمقراطي، لأنّنا بحاجة إلى قواعد أكثر بساطة وأكثر وضوحاً".
وأضاف أنّ "ألمانيا لا يمكنها الوقوف إلى جانب إنشاء جيش أوروبي، ومن ثم رفض الحوار مع الدول الشريكة في برامج التصنيع المشتركة؛ بينها تطوير دبابة وطائرة مقاتلة مع فرنسا".
وكان ألتماير قد شدد، خلال زيارة قام بها إلى ملتقى مراقبة الصادرات؛ وهو ملتقى لمفتشي الأسلحة ومصدّريها، على "وجوب إدراك أننا لسنا وحدنا في هذا العالم"، متسائلاً "هل يجب أن تتخلى شركات التسلح الألمانية عن المنافسة؟ نتاجر بالليمون مثلاً؟".
وتابع "خلقنا مشكلة للوظائف لكننا لم نحل أي مشكلة فيما يتعلّق بحقوق الإنسان، وبالتالي فإنّ المعضلة الأخلاقية تخلق المعضلة التالية، وكذلك الأمر أيضاً بالنسبة للحزب الاشتراكي الديمقراطي".
وكان ألتماير، قد أكد خلال زيارته تركيا، في 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أنّ "ألمانيا قررت عدم تصدير السلاح إلى السعودية في الوقت الراهن، وفي حال اتخذت الدول الأوروبية موقفاً مشتركاً فسيكون تأثيره أكبر على الرياض".
ورحّب بالمقترح الذي تقدّمت به النمسا لإبداء موقف أوروبي مشترك بخصوص وقف تصدير الأسلحة إلى السعودية، على خلفية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول.
ويجادل خبراء اقتصاد ألمان، بأنّه قد يكون لتمديد حظر تصدير الأسلحة، عواقب بعيدة المدى على الصناعات العسكرية في البلاد، وزيادة الأعباء على العلاقة مع الدول الشريكة مثل فرنسا وبريطانيا لكون الحظر سيؤثر على المشروعات المشتركة.
وقال السياسي الاقتصادي في حزب ميركل يواخيم بفايفر، وفق ما ذكرت صحيفة "سود دويتشه تسايتونغ"، إنّه "يجب ألا نعزل أنفسنا تماماً".
في المقابل، يتساءل محللون عما إذا كان يجوز لألمانيا أن تزوّد الدول التي تنتهك حقوق الإنسان، بالأسلحة والعتاد، وهل للحكومة أن تخاطر بمئات الوظائف مع الاستمرار في منع الصادرات العسكرية، وسط تساؤلهم كذلك عن إمكانية هيمنة الأخلاق على السياسة والاقتصاد.
ويشير محللون كذلك إلى مواجهة ألمانيا ضغوطاً لناحية إمكانية توجّه السعودية إلى الاعتماد مستقبلاً على الإمدادات العسكرية من روسيا والصين، في حين تعد صناعة الأسلحة من الصناعات الاستراتيجية في ألمانيا، ولدى برلين مصلحة مع إبقاء علاقاتها مع هذه الدول كما مع دول شمال أفريقيا، نظراً للمرود المالي الضخم الذي تحققه الخزينة والشركات من جراء هذا النوع من الصناعات .
ووفقاً لمعهد استوكهولم لبحوث السلام، فإنّ صادرات الأسلحة في جميع أنحاء العالم، نمت بنسبة تقارب 8% خلال السنوات الخمس الماضية، من الدول الخمس الكبرى المصدرة؛ وهي: أميركا وروسيا والصين وفرنسا وألمانيا.
ويشير إلى أنّ تم تصدير معدات حربية من ألمانيا بنسبة 13%، مقارنة بحوالي 30% من الولايات المتحدة الأميركية، وأكثر من 40% من فرنسا.