ألمانيا تدعو لنظام دفع مستقل عن واشنطن يتجاوز العقوبات الأميركية على إيران

22 اغسطس 2018
ماكينات طباعة الدولار في واشنطن (Getty)
+ الخط -

في أول دعوة صريحة لنظام تحويلات مالي مستقل عن أميركا، قال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، إن أوروبا بحاجة إلى إقامة أنظمة دفع مستقلة عن الولايات المتحدة، إذا أرادت المحافظة على الاتفاق النووي المبرم بين إيران والقوى الكبرى بعد أن انسحب منه الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وبحسب وكالة فرانس برس، كتب ماس بصحيفة "هاندلسبلات" الاقتصادية اليومية: "لذلك من الضروري أن نقوي استقلالية أوروبا عن طريق خلق قنوات دفع مستقلة عن الولايات المتحدة، وصندوق نقد أوروبي، ونظام سويفت مستقل".

وأضاف في مقال نُشر اليوم الأربعاء أن "كل يوم يبقى الاتفاق حياً فيه هو أفضل من الأزمة فائقة الخطورة التي قد تهدد الشرق الأوسط في غيابه".

وحثت إيران في وقت سابق هذا الأسبوع أوروبا على تسريع جهود إنقاذ الاتفاق النووي، بعد أن انسحبت مجموعة توتال النفطية الفرنسية رسمياً من مشروع غاز كبير.

ومنذ صعود الرئيس دونالد ترامب إلى السلطة في واشنطن، تواجه جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك التي يطلق عليها اختصاراً اسم "سويفت"، خيارات مرة بسبب العقوبات الأميركية على إيران، والحظر المتكررعلى عدة دول، ما أربك تجارة الشركات العالمية.

وعلى رغم أن "سويفت" شركة مستقلة من الناحية النظرية وتقع خارج الولايات المتحدة، إلا أن واشنطن تسيطر عليها عبر نوافذ خلفية تقنية، وعبر هيمنة الدولار على التجارة العالمية.

ومن المتوقع أن تخسر "سويفت" سمعتها كمؤسسة محايدة يملكها أكثر من 2400 مصرف تجاري ومؤسسة مالية حول العالم، في حال استمرار عمليات الحظر الأميركي في عهد ترامب.

وتسبب قرار ترامب بشأن إيران وفرضه رسوماً على واردات الصلب والألومنيوم من الاتحاد الأوروبي في توتر العلاقات بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين.

وكتب ماس: "في ضوء الظروف، من المهم استراتيجياً أن نبلغ واشنطن بوضوح: أننا نريد أن نعمل معاً.. لكننا لن نسمح لكم بالمساس بمصالحنا دون مشاورتنا".

وتعهد الاتحاد الأوروبي بالتصدي لقرار ترامب تجديد العقوبات على إيران عبر سبل من بينها قانون جديد لحماية الشركات الأوروبية من الإجراءات العقابية الأميركية.

وبحسب صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، وصف مدير معهد السياسات العامة في برلين ثورستين بينر، مقال الوزير الألماني بأنه "أقوى دعوة حتى الآن للاستقلال المالي والنقدي الأوروبي عن واشنطن".

وقالت الصحيفة إن أوروبا تعهدت بحماية شركاتها من العقوبات الأميركية، لكن هذا التعهد فشل حتى الآن في إقناع الشركات، لأنها متخوفة من فقدان تجارتها في السوق الأميركي الضخم.

وبحسب نظام العقوبات الأميركية، فإن هنالك "حظرا ثانويا" يحرم الشركات والدول التي ترفض التقيد بالحظر من المتاجرة في السوق الأميركي. وكانت الولايات المتحدة قد رفضت الشهر الماضي، طلبات تقدمت بها كل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والمفوضية الأوروبية، لاستثنائها من العقوبات المفروضة على إيران في قطاعات الطاقة والصحة والتمويل.

وترفض الإدارة الأميركية، أي عملية استثناء، وتقول إن على سويفت وقف جميع التعاملات المالية مع إيران أو مواجهة العقوبات الأميركية، بما في ذلك تجميد موجوداتها في أميركا.

وبالتالي، فإن سويفت ستكون مضطرة للتقيد بالحظر الأميركي، حتى تحافظ على عمليات التحويلات والتسوية المالية بالدولار وتفلت من الحظر.

وتسيطر أميركا على النظام المالي والتجاري العالمي، عبر آليتين، الأولى هي هيمنة الدولار على تسويات التجارة العالمية، إذ يأخذ الدولار حصة 80% من تسويات التجارة العالمية.

أما الآلية الثانية، فهي نفاذها للحصول على المعلومات التي تتيح لها معرفة حركة الأموال العالمية من خلال سيطرتها على "السوق الرقمي"، سواء في نظم الحوالات المالية أو غيرها. وتمنح قوة الدولار ومكانته في الاحتياطات العالمية بالبنوك المركزية واشنطن نفوذاً مالياً وقدرة على معاقبة الدول.

وبحسب مقال هذا الصيف في مجلة "نيويوركر" الأميركية، فإن أميركا تسيطر عبر محركات البحث ونظم التشغيل ومنصات التعامل المالي التي يوجد مقرها في أميركا على تعاملات سويفت. وذلك على الرغم من أن سويفت تقول إنها مؤسسة محايدة، ولا تسمح لطرف ثالث بالاطلاع على البيانات المالية للعملاء.

ولا توجد حتى الآن مؤسسة تحويلات عالمية منافسة لسويفت، كما تفضل المصارف العالمية والمؤسسات سويفت لأنها تقوم بتقديم خدمة على مستوى عالٍ من الكفاءة وبتكلفة رخيصة وآمنة مقارنة بأية وسيلة أخرى. ومنذ نشأتها في بداية السبعينيات، وتحديداً في عام 1973.

وساهمت سويفت بشكل رئيسي في تسويات التجارة العالمية. ويبلغ عدد الدول المشتركة أكثر من 209 دول، من بينها معظم الدول العربية، ويزيد عدد المؤسسات المالية المشتركة على 9000 مؤسسة. وطبقاً للوائح المنظمة، يجب اشتراك الدولة قبل السماح لمؤسساتها بالاشتراك.

وما يزيد من أهمية "سويفت"، أن بورصات العالم وأسواق الصرف تعتمد بشكل رئيسي عليها في مجال ربط وتبادل الرسائل والمعلومات بين جميع أسواق المال العالمية.
المساهمون