ونقلت صحيفة "دي فيلت" عن متحدثين باسم الداخلية الاتحادية قولهم إن وزارتي العدل والداخلية في مرحلة التطوير النظري لدراسة حول "التنميط العنصري من قبل الشرطة"، مشددين على أن القانون الأساسي يحظر ذلك، وأنه سيكون هناك اختبارات أمنية وقائية بطرق مختلفة.
هذا التوجه كان محل تأييد من حزب "الخضر"، الذي طالب بإجراء تحقيق علمي حول العنصرية المحتملة لدى قوات الأمن.
وحثت الخبيرة في الشؤون الداخلية للحزب إيرينه ميهاليتش عبر "شبكة إيه آر دي" الإخبارية على أن تكون النقاشات موثوقة وأن يتم توضيح ما إذا كانت العنصرية تحصل في حالات فردية أم أن هناك أسبابا هيكلية لها.
وشددت ميهاليتش التي عملت كضابط شرطة قبل أن تصبح عضوا في البرلمان، على أهمية إنشاء مكتب اتصال بين المواطنين وكذلك ضباط الشرطة، معربة عن قناعتها بأن مثل هذا المكتب يمكن أن يساعد في تصويب الثقافة الخاطئة عن الشرطة. يذكر أن حزب "الخضر" يراهن على دعم الحزب الاشتراكي الديمقراطي في سعيه لمشروع قانون بهذا الخصوص وذلك خلال اجتماع لجنة الشؤون الداخلية للبرلمان المقرر غدا الأربعاء.
أما وزيرة العدل الاتحادية كريستين لامبرشت، فرفضت طرح اسكن للمكتب المستقل، معتبرة أنه غير ضروري لأن هناك مكاتب بلاغات في مراكز الشرطة الاتحادية وشرطة الولايات، ودعت كل شخص يقع ضحية للعنصرية والتمييز للإبلاغ عن ذلك، مؤكدة أن السلطات ستتحرك بنتيجته. وذكرت الوزيرة لامبرشت أنها لا ترى أي مشكلة عنصرية هيكلية خاصة داخل الشرطة، رغم اعترافها بوجود حالات عنصرية منعزلة، أما وزير الداخلية الاتحادي هورست زيهوفر فرفض هذه المزاعم.
لهذه الأسباب لا يمكن مقارنة أميركا بألمانيا
من جهته، اعتبر عضو الحزب المسيحي الديمقراطي والمرشح لمنصب زعامة حزبه فريدريش ميرتز في مقابلة مع مجموعة فونكه الإعلامية، أن المقارنات بين الوضع في ألمانيا وأميركا غير منطقية، لأن الأخيرة ومنذ إلغاء العبودية لم تحل بالفعل مشكلة التمييز العنصري، وهذا الوضع غير موجود في ألمانيا.
وفي رد على سؤال من صحيفة "دي فيلت"، أفادت الداخلية الاتحادية بأنه كان لدى الشرطة ما مجموعه 25 حالة تمييز عنصري مشتبها بها منذ العام 2012 بالمقارنة مع ما يقرب من 49 ألف موظف، وهذا ما يشكل 0,05 %، وتم إطلاق سراح المتهمين في حالتين منهما، وثماني حالات أخرى تم فرض غرامات أو قطع أجور أو اقتصر الأمر على التأنيب، وهناك 14 حالة لم يكتمل التحقيق بها بعد.
ورفض اتحاد الشرطة ما وصفها بمزاعم الاشتباه بعناصر الشرطة، متحدثا عن استغلال التظاهرات المناهضة للعنصرية من قبل الجماعات المتطرفة اليسارية، وهو ما كان أيضا محل انتقاد وتحذير من قبل رئيس كتلة اليسار ديتمار بارتش، الذي اعتبر أن من المهم عدم وضع الشرطة بأكملها في شبهة التمييز، مع دعمه لفكرة اسكن بإنشاء هيئة مستقلة لمعالجة الشكاوى. ومن المعروف، أن وكالة مكافحة التمييز الاتحادية أحصت حوالي 200 شكوى تتعلق بالتنميط العرقي منذ إنشائها عام 2006.
وأثنى وزير داخلية ولاية سكسونيا السفلى على عمل الشرطة في ألمانيا، مؤكدا أنها "تتصرف بحكم القانون والدستور وتقوم بجهد رائع وهي مدربة بشكل جيد والمقارنة غير واقعية ولا أساس لها، ولا اعتقد أن من المقبول جعل ضباط الشرطة موضع اشتباه عام".
في المقابل، دعت زعيمة الحزب المسيحي الديمقراطي ووزيرة الدفاع أنغريت كرامب كارنبور في حديث مع شبكة "فوكوس" أونلاين "لنكن صادقين مع أنفسنا بأن العنصرية موجودة بشكل يومي في ألمانيا". لكن وزيرة الدفاع رفضت الأحكام الشاملة ضد قوات الشرطة، واعتبرت أن أداءها أفضل من غيرها مقارنة مع قوات أخرى على مستوى العالم.
وأشارت كارنبور إلى أن عناصر الشرطة في ألمانيا يخضعون لتدريب على مدى ثلاث سنوات ونصف ويدرسون فيها أيضا النظم القانونية والسياسية، فيما في الولايات المتحدة يمكن المرء أن يصبح ضابط شرطة في غضون 19 أسبوعا، مشددة على أنه "في ألمانيا عملية الاختيار صارمة".
في السياق، اعتبرت نائبة رئيس مؤسسة فريدريش ناومان والتي شغلت منصب وزيرة العدل الاتحادية سابقا سابين شنارنبرغر، في مقابلة مع صحيفة "تاغس شبيغل" أنه ليس في ألمانيا من عنصرية متأصلة في النظام كما هو الحال في الولايات المتحدة إنما المشكلة في أنها ظاهرة اجتماعية. ولفتت ناومان إلى أنه وفقا لدراسة أجرتها مؤسستها، فإن نصف المواطنين يعتقدون أن ألمانيا لديها مشاكل كبيرة مع رهاب الأجانب والعنصرية.
وبينت أن الكثيرين يعبرون في احتجاجاتهم عن إحباطهم "لأننا لم نواصل الحديث عن هذه القضية في عام 2020"، مشيرة إلى أنه "حان الوقت لأخذ الأمور على محمل الجد في مجال التدريب ولزيادة الوعي".