أكنجي في أنقرة: من أجل علاقة ندّية

06 مايو 2015
أكنجي يحمل رؤية جديدة لحل المسألة القبرصية(باربارا لابورد/فرانس برس)
+ الخط -

يتوجه رئيس جمهورية قبرص التركية مصطفى أكنجي، اليوم الأربعاء، إلى العاصمة التركية أنقرة، في زيارة هي الأولى من نوعها، تستمر يوماً واحداً، يلتقي خلالها رئيس الجمهورية، رجب طيب أردوغان، ورئيس وزرائه، أحمد داوود أوغلو، رغم الخلاف الذي نشب بين البلدين مباشرة بعد تولي أكنجي منصبه.

تأتي هذه الزيارة بعد يومين من اللقاء الذي جمع أكنجي مع مستشار الأمين العام للأمم المتحدة للشأن القبرصي إسبان بارث إيدة. ويرافق أكنجي وزير الخارجية القبرصي التركي وكبير المفاوضين أوزديل نامي. ومن المتوقع أن تتناول المباحثات بين الجانبين العلاقات الثنائية، والتي يود أكنجي إعادة بنائها على أسس جديدة من الندية والأخوة بعيداً عن علاقة الوصاية "الوطن الأم ـ الوطن الصغير" إضافة إلى عملية السلام مع القبارصة اليونانين.

لا يمكن اختصار الخلاف، الذي اندلع بين قبرص التركية وأنقرة إلى كونه خلافاً فكريّاً بين اليسار المعتدل، الذي يمثله أكنجي واليمين الليبرالي الذي يمثله "العدالة والتنمية"، أو إلى انزعاج اليمين من خسارته لرئاسة قبرص التركية التي تكاد تكون الأولى منذ النصف الثاني من السبعينيات بعد تدخل الجيش التركي 1974 في عهد الحكومة الائتلافية التركية، التي كانت مكوّنة من حزب "الشعب الجمهوري" بقيادة بولنت أجاويد، وحزب "سلامة الأمة"، بقيادة نجم الدين أربكان.

ويكمن لبّ الخلاف في برنامج أكنجي الانتخابي الذي أوصله للرئاسة، والذي تمحور حول عدة نقاط أساسية بدت تمرداً واضحاً على علاقة الوصاية التركية واليونانية، التي فرضتها اتفاقية زيوريخ ولندن 1959، ومن ثم معاهدة الضمان عام 1960 على الجزيرة؛ إذ يرتكز برنامج أكنجي على "نظرية" لحل المشكلة القبرصية، تقوم على أن يتخلى القبارصة الأتراك عن "الوصاية" التركية عليهم، في مقابل تخلي أشقائهم اليونانيين عن "الوصاية" اليونانية في إطار دولة قبرصية واحدة فدرالية أو كونفدرالية.

اقرأ أيضاً قبرص التركية تحت رئاسة أكنجي: دفعة لحظوظ التسوية

وتشمل رؤية أكنجي، طرح عدد من القضايا لبناء الثقة بين الجانبين منها طرح قضية إعادة مباني مدينة فاروش السياحية أو مدينة الأشباح، كما يطلق عليها الآن إلى أصحابها مرة أخرى، إذ سيتم فتح فاروش، وهي الجزء الخاضع لسيطرة الجيش التركي في مدينة فامغوستا تحت وصاية الأمم المتحدة، مقابل تمتع القبارصة الأتراك باتفاقية التجارة الحرة الأوروبية مع دول الاتحاد الأوروبي عبر ميناء فامغوستا، وفتح مطار إرجان الدولي في قبرص التركية للرحلات الدولية المباشرة دون الاضطرار للمرور عبر تركيا، كما طرح فكرة إنشاء شبكة هواتف نقالة مشتركة في الجزيرة، وفتح معابر حدودية جديدة بين الطرفين.

وتخشى أنقرة من اندفاع أكنجي نحو عملية السلام مع قبرص اليونانية، دون الأخذ بعين الاعتبار مصالح تركيا، إذ أكّدت ذلك رسالة التهنئة التي أرسلها أردوغان إلى أكنجي، محذراً فيها من "خطورة التسرع في الوصول إلى اتفاق مهما كان الثمن"، ليزداد قلق أنقرة بعد الترحاب الواضح الذي تلقته اقتراحات أكنجي في القمة الثلاثية التي جمعت كلاً من الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء اليوناني، ألكسس تسيباريس، والرئيس القبرصي، نيكوس أناستاسيداس، قبل أيام في القسم اليوناني من مدينة ليفكوشا في قبرص، والتي جرت بحسب كثير من المراقبين بالتشاور مع إسرائيل، فيما اعتبر الاتفاق تحالفاً إقليمياً رباعياً يسعى إلى محاصرة أنقرة.

وأكد وزير الخارجية اليوناني، نيكوس كوجاس، خلال القمة وجوب إزالة نظام الدول الضامنة الذي فرضته اتفاقية زيوريخ، قائلاً إن "اليونان تدعم وتعمل على حل المشكلة القبرصية، لقد كان نظام الدول الضامنة الذي فرضته اتفاقية زيوريخ جيداً حتى الآن، لكن لم يعد لنظام الوصاية المكون من اليونان وتركيا والمملكة المتحدة أي حاجة بعد الآن". وأكد وزير الخارجية القبرصي، يونانيس كاسوليديس، في وقت سابق، على إمكانية الوصول إلى صياغة تفضي إلى قيام رحلات مباشرة من مطار إرجان.

تجدر الإشارة إلى أن أكنجي يلتقي الرئيس القبرصي، أناستاسيداس، لأول مرة بدعوة من مستشار الأمين العام للأمم المتحدة للشأن القبرصي، إسبان بارث إيدة، في 11 من الشهر الحالي في فندق ليدرا بالاس الواقع في المنطقة العازلة بين كل من قبرص التركية واليونانية والواقعة تحت سيطرة الأمم المتحدة، وذلك بهدف التحضير لاستئناف المفاوضات بين الجانبين والمتوقفة منذ أكثر من سبعة أشهر بعد انسحاب القبارصة اليوانيين منها، إثر خلافات نشبت بين الطرفين حول قيام نيقوسيا بمنح حقوق التنقيب عن الغاز لمجموعة من الشركات في السواحل القبرصية من دون التنسيق مع القبارصة الأتراك.

المساهمون