أكتوبر لم يعد زهرياً

29 أكتوبر 2014
كأنه لا يكفيهنّ التصدّي للتهديدات التي تستهدفهنّ، على اختلافها(الأناضول)
+ الخط -

يمضي شهر أكتوبر/تشرين الأول، غير مأسوفٍ عليه. فكثيرة هي النكسات والمآسي التي تخلّلته.

هذا العام، استبدل أكتوبر لونه الزهريّ الذي اكتسبه في عام 1985، بلون الدم والبارود والنكبات والأوبئة والموت، أقلّه في منطقتنا العربيّة المنكودة وفي القارة الأفريقيّة الملعونة.

غابت الفعاليات التي كانت تُنظّم في تلك المنطقة وتلك القارة والتي كانت تتميّز بشرائطها الزهريّة، احتفاءً بشهر التوعية العالمي حول سرطان الثدي. وهذا المرض الذي يتصدّر قائمة السرطانات التي تستهدف المرأة في البلدان المتقدّمة وتلك النامية على حدّ سواء، لا يأتي اليوم من ضمن أولويات أهل تلك المنطقة وتلك القارة. فكثيرة هي البلايا التي تؤرقهم. بلايا لا تبدأ بالمدّ التكفيري، ولا تنتهي بجائحة إيبولا.

مليون و380 ألف إصابة جديدة بسرطان الثدي تُسجّل سنوياً حول العالم بحسب آخر بيانات منظمة الصحة العالميّة، مع 458 ألف وفاة من جرّاء هذا المرض الخبيث.

خبيثٌ هو. أمرٌ لا شكّ فيه، إذ لا تتوفّر معطيات جازمة حول أسباب الإصابة به لغاية اليوم.
وتستمرّ معدلات الإصابات بالارتفاع في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسّط. كأنما نساء تلك البلدان لا يكفيهنّ ما يعانين من أزمات وما يواجهن من تحديات لصون كيانهنّ. كأنه لا يكفيهنّ التصدّي للتهديدات التي تستهدفهنّ، على اختلافها.

"الكشف المبكر"، هذا ما اعتادت حملات "أكتوبر الزهريّ" التركيز عليه مؤخراً. ففي ظلّ عدم وضوح مسببات ذلك المرض الذي ينتهك جسد المرأة وأنوثتها، يبقى الأساس اكتشافه مبكراً وتشخيصه وعلاجه قبل فوات الأوان.

لكن في السنوات الأخيرة، برز جدال حول احتمال تأثير العوامل النفسيّة على ظهور هذا السرطان. ويتمّ الحديث عن شخصيات معيّنة "تفبرك" هذا النوع من الأمراض.

يستمرّ الجدال قائماً، في حين ثمّة حقيقة لا لبس فيها يُغَضّ النظر عنها في بلدان كثيرة، لا سيّما تلك الواقعة في منطقتنا العربيّة وفي القارة الأفريقيّة، وهي التأثير النفسيّ على المرأة المصابة.

يجهد الطبّ لاستئصال الورم، في حين تحاول العائلة المستحيل لتأمين تكاليف العلاج. لكن الأمر ينتهي هنا. وتُهنّأ الناجية بـ"سلامتها".

ويغيب عن بال كثيرين أن السلامة ليست في شفاء الجسد الذي نهشه المرض، فحسب. هي أيضاً في التعافي النفسيّ، الذي قلّما تعرفه الناجيات.

في البلدان المتقدّمة، بعضها على أقلّ تقدير، يتوازى العلاجان الجسديّ والنفسيّ. فتبرأ المرأة التي استُهدفت أنوثتها.

أما في منطقتنا العربيّة المنكودة والقارة الأفريقيّة الملعونة، فما زال الحديث عن حالة نفسيّة مأزومة تماماً كما الحديث عن جسد المرأة وأنوثتها، من المحرّمات.
المساهمون