... أكتب عن صنعاء

23 اغسطس 2014
+ الخط -

قديماً قيل صنعاء حوت كل فن.
وقال الإمام الشافعي، حسب أرجح الأقوال، لا بد من صنعاء وإن طال السفر.
فهذه المدينة التي يروى أن سام ابن نوح أول من أمر ببنائها، وسكنها قبل الطوفان، ما تزال حاضنة للتنوع الاجتماعي، وضامنة للتعايش بين كل المكونات قبل الإسلام وبعده، وعلى الرغم من فترات الصراع التي اجتاحتها في فترات متفرقة من التاريخ القديم والحديث، إلا أنها كل مرة كانت تنهض كطائر الفينيق من تحت الرماد.
فوفقاً لعلماء التاريخ، صنعاء عاصمة اليمن بدولها المتعاقبة، منذ القرن الرابع قبل الميلاد على الأقل، وما كان لها أن تحوز هذا الشرف المستحق، لولا تميزها عن غيرها من المدن اليمينة، بفرادة بنائها وهندستها المعمارية التي من الصعب أن يجد الزائر والمقيم لها مثيلاً في مدن العالم من شرقه إلى حيث يكون الغروب .
فالمدينة القديمة فيها ونحن نشارف على انتصاف العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين ما تزال تحوي آلاف المساكن التي تتكون بعض مبانيها من عشرة طوابق، بُنيت جميعها من الطوب الأحمر والحجر الأسود الذي يعتقد كثيرون أنه حرز المدينة من الانهيار والمقاوم للزلازل، وعوامل التعرية المختلفة. لذلك، ظلت مساكن صنعاء تحتضن الحياة منذ عقود، أما هواؤها المعتدل المنعش، فسر آخر لفاتنة المدائن، وقبلة الشعراء والعشاق.
أكتب عن صنعاء التي عشقتها منذ الطفولة، بعد أن أضحت، اليوم، مهددة بفعل الصراعات الني تغلي داخلها وحواليها، والتي إن انفجرت، ستدفع صنعاء وسيدفع أبناؤها وسكانها ثمنا باهظاً، فالمليشيات الحوثية التي تطوقها، أو تنتشر في بعض أحيائها قد تغريها القوة التي تمتلكها، لارتكاب حماقاتٍ، بالتأكيد لن تجعلها تستسلم، لكنها ستشوه صورتها الحضارية وقلبها الصافي المتسع للجميع.
وحينها، ستتحول صنعاء من مدينة السلام والتعايش والحياة إلى مدينة تلتهمها نيران الأحقاد الطائفية والمناطقية والجهوية، وهو ما يستدعي من الجميع، وفي المقدمة، الحوثيين، تجنب الصراع المسلح والاكتفاء بالنشاط السياسي، فالعنف لا يثمر غير مزيد من العنف، فهل يدرك دعاة الحرب وقارعو طبولها ذلك.

 

AC6DD897-3190-4DF5-927E-8F58C602D310
AC6DD897-3190-4DF5-927E-8F58C602D310
زياد الجابري (اليمن)
زياد الجابري (اليمن)