ينشغل الأميركيون حالياً بمتابعة التسويات القضائية في أكبر قضية احتيال في مجال العمل الخيري في الولايات المتحدة، والتي فاقت فيها الأموال المستفاد منها لحسابات شخصية مئات الملايين من الدولارات.
فقد حصل الأميركي جيمس رينولد من ولاية تنيسي وعائلته على مبلغ قدره 187 مليون دولار من تبرعات جمعها على مدى عشرين عاماً تحت عنوان العمل الخيري لمرضى السرطان، واستغلها لحسابه الشخصي، ما جعل موضوع المؤسسات الخيرية والعمل الخيري يخضع للمزيد من الرقابة والتدقيق.
فقد بينت لجنة التجارة الاتحادية في الولايات المتحدة في شكواها أن المدعو جيمس رينولد وزوجته السابقة روز بيركنز وابنه رينولد جونيور جمعوا 187 مليون دولار لصالح جمعيات خيرية أسسها رينولد وهي: صندوق السرطان الأميركي في نوكسفيل في ولاية تنيسي الذي أسسه في العام 1987، جمعية سرطان الثدي في ميسا في ولاية أريزونا، وصندوق سرطان الأطفال في أميركا في ولاية تنيسي. وأنفقت العائلة الأموال على شراء السيارات وعضوية النوادي الرياضية والإجازات السياحية الفاخرة، ورسوم التعليم الجامعي وتوظيف أفراد الأسرة بمرتبات عالية بين الأعوام 2008 و2012.
وكانت التبرعات تجمع باسم العمل الخيري عبر الهاتف من كل الولايات المتحدة، ويتم إقناع الأشخاص بالتبرع بمبلغ 20 دولاراً، مقابل تأمين المساعدات المالية والأدوية وخدمات النقل والعلاج لمرضى السرطان.
وأوضحت لجنة التجارة الاتحادية وخمسون ولاية أميركية تقدموا بالشكوى أن القليل من المال الذي تم جمعه ذهب بالفعل إلى مرضى السرطان، وهو ما تعادل قيمته 3 في المائة فقط من أموال التبرعات البالغة مئات الملايين من الدولارات. في حين أن المبالغ الأكبر استخدمت خارج أية ضوابط يمكن أن تحكم العمل الخيري، واصفة حالة الاحتيال بأنها "إقطاعية شخصية تتفشى فيها المحسوبية والتناقض الصارخ والفاضح مع أصول العمل الخيري، والاستفادة المفرطة المبطنة".
وزير الخارجية لشؤون جنوب كارولينا مارك هاموند والذي انضم إلى مجموعة التحقيق بالقضية في العام 2012 قال: "بعض المؤسسات الخيرية تجمع التبرعات لكي ترسل الأطفال المصابين بالسرطان إلى عالم ديزني، بينما في هذه الحالة كانت أموال التبرعات تستخدم لكي يرفه مؤسسو صندوق السرطان عن أنفسهم في عالم ديزني".
بدأت مقاضاة رينولد الأب، وصندوق السرطان الأميركي، وكذلك بدأ العمل باتفاقات التسوية مع الابن والزوجة السابقة وصديقة الأسرة كايل إفلر، الذين أنفقوا الكثير من المال الذي جمعوه من العمل الخيري وأغلقت مؤسساتهم.
وتقول جيسيكا ريتش مديرة مكتب حماية المستهلك الأميركي "معظم المال قد أنفق" لكنها رفضت أن تشير إلى ما إذا كان أي تحقيق جنائي منفصل قد تمت المباشرة به.
جمعية سرطان الثدي وافقت على وقف أعمالها كجزء من التسوية، ونشرت بياناً مطولاً باسم مديرها التنفيذي جيمس رينولد، يلوم فيها أجهزة الرقابة الحكومية، ويشير إلى أن الجمعية ستوقف كل نشاطها الخيري في مساعدة المحتاجين للرعاية والدواء والمساعدة. ويذكر صندوق السرطان أن رينولد الذي ترأس الصندوق، كان قد خدم في القطاع الطبي في الجيش الأميركي لمدة 12 عاماً ودرس في جامعة بريغهام يونغ. أما زوجته السابقة روز بيركنز فقد أدارت صندوق سرطان الأطفال.
ووفقاً للشكوى، فقد أخفت الجمعيات المذكورة نفقاتها الإدارية عن الجهات المانحة والهيئات المنظمة للعمل الخيري. كما تبين من تدقيق ملفاتها المالية أنها حصلت على أكثر من 223 مليون دولار هدايا عينية قد استفاد منها من تلقاها، في حين كانت التبرعات العينية البسيطة توزع على المرضى. كما أن بعض التبرعات العينية لم تكن مناسبة لمرضى السرطان وجرى تسليمها لرابطة رجال الإطفاء في نوكسفيل، والبرنامج المحلي لكرة القدم للشباب.
ويرى المحققون أن التلاعب بمسك الدفاتر والمحاسبة يفسر كيف استمر المخطط لسنوات طويلة، والقدرة على الاحتيال بمبالغ بهذه الضخامة ساعدت على خلق الوهم بأن الجمعيات كفية وقادرة على التصرف بدراية بأموال التبرعات.
أما التسويات فستتم بتعليق دفع الزوجة السابقة روز بيركنز ما عليها من مال وقيمته 30 مليون دولار بسبب "عدم القدرة على الدفع"، ويتم تعليق الحكم على رينولد جونيور بدفع 65.5 مليون دولار في حال دفع 75 ألف دولار. أما الصديقة إفلر فقد واجهت حكماً بدفع 41 مليون دولار ولكن سيتم إلغاؤه إذا دفعت 60 ألف دولار.
اقرأ أيضاً:الخير التونسي من العام إلى الخاص