أكاديمية مصرية للسلطة: ارفعوا أيديكم عن الجامعة

12 ابريل 2014
+ الخط -

قبل عقود، وبعد معركة حول كتابه "في الشعر الجاهلي" غضب الملك فؤاد على عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين بعد هجومه على لجنة دستور 1923 ثم رفضه رئاسة تحرير صحيفة (الشعب) لسان حال القصر، فصدر قرار بنقله من عمادة كلية الآداب إلى إحدى الوظائف بديوان عام وزارة المعارف (وزارة التعليم)، في ذاك الوقت كان أحمد لطفي السيد هو مدير الجامعة، ورفضاً للاعتداء على سلطة الجامعة واستقلالها وحرية الأستاذ الجامعي في إبداء رأيه، لم يتردّد مدير الجامعة في كتابة استقالته، ما أحدث ضجة كبيرة وقتها.

الآن وفي الجامعة نفسها، يعاقب الأساتذة بسبب مواقفهم السياسية المعارضة للسلطة، بل ويعاقب الطلاب أيضاً على مواقفهم السياسية بالتحالف مع قوات الأمن. وترى الدكتور راندة أبو بكر، عضو حركة 9 مارس لاستقلال الجامعة، أن هناك إمكانية لضغط أساتذة الجامعات في مصر لسحب الثقة من القيادات الجامعية المنتخبة، وعلى رأسهم رئيس جامعة القاهرة الدكتور جابر نصار، في حال استمرارهم في الاستخدام المتعسف للسلطة.

وانتقدت أستاذة الأدب الإنجليزي بجامعة القاهرة في حوار لها مع "العربي الجديد"، استمرار سياسة الانتقام من الأساتذة المعارضين للسلطة الحالية، ووقفهم عن العمل "على خلفية انتمائهم لجماعة الإخوان المسلمين" أو رفضهم للانقلاب العسكري، أو اعتراضهم على تصرفات الحكومة.

ما تعليقك على قرار مجلس عمداء جامعة القاهرة بالسماح بدخول الشرطة للحرم الجامعي بشكل دائم؟

لم يكن هذا القرار مفاجئاً لنا، فقد سبق أن سمحت الجامعة بدخول الشرطة في الفصل الدراسي الأول، بناء على طلب من رئيس الجامعة، عقب بعض أحداث العنف، وتكرر هذا في جامعات أخرى، ودائما ما نرفض هذا الأمر لأنه يؤدي إلى تفاقم الأوضاع، والخسائر في أرواح الطلاب، إضافة إلى الإصابات الشديدة نظراً لعدم قدرة الداخلية على ضبط النفس، ونعترض بشدة على هذا القرار لأنه جاء فيما يبدو كرد فعل على حادث الانفجار أمام الجامعة، ومع إدانتنا لهذا العمل لكن قرار مجلس العمداء يعطي إحساساً بأن الانفجار كان هدفاً واتخذ ذريعة فقط لإصدار القرار، بينما هناك حكم قضائي صريح من المحكمة الإدارية العليا بمنع عودة حرس الداخلية إلى الجامعة، وبالتالي فإن توقيع بروتوكول مع الداخلية أو اصدار قرار من مجلس العمداء يسمح بدخول الجامعة أمر غير قانوني.

كيف ترين محاولات إلصاق تهمة الانفجارات بالطلاب واستدعاء رئيس اتحاد طلاب كلية الهندسة للتحقيق بشأنها؟

تصريحات القيادات الأمنية يجب أن تكون بناء على تحريات واستقصاء من دون اتهام جهات معينة بشكل فوري وجاهز، وهذا يصيبنا بالقلق ويفقدنا الصدقية في جهات التحقيق، ونرفض التحامل الشديد على الطلاب - ومنهم الإخوان - وتوريطهم في أمور كثيرة تحصل داخل الجامعة وخارجها، ومقصود بها تقييد حركة الطلبة وحرياتهم، وهذه ممارسات معروفة منذ نظام مبارك وللأسف مستمرة حتى الآن.

ما رأيك في تهديدات وزير التعليم العالي للطلاب بالمحاكمات العسكرية للمعتدين على أفراد الجيش المتمركزين أمام الجامعة؟

أرى أن هناك إجراءات عنيفة جداً متعجلة ومتحيزة تم تفصيلها ضد الطلاب، ومنها عقوبة الفصل النهائي، والآن تصل إلى المحاكمات العسكرية، ويجب التعامل مع مثل هذه المواقف بشكل قانوني وإجراء تحقيقات عادلة لتوضيح من المتسبب في هذا الاعتداء، والمشكلة أن الجامعة تعمل على طرد الطلاب ونفيهم من دون إعطائهم الحق في الدفاع عن أنفسهم.


الشرعي المنتخب

وما الرد المناسب الذي يمكن أن تتخذوه إزاء قرارات رئيس الجامعة الذي يردد دوماً أنه رئيس شرعي منتخب؟

إذا كان هناك تعسف في استخدام السلطة، من الممكن أن تتعرض القيادة المسؤولة إلى المساءلة من الجمعية التي انتخبتها، وهذا جزء من العقد الاجتماعي وقت الانتخابات. صحيح لا يوجد ما يسمى بسحب الثقة، ولكن هناك إجراءات شبيهة بسحب الثقة، ومنها دعاوى قانونية أو توجيه لوم، أو الضغط على المجمع الانتخابي للتفاوض مع رئيس الجامعة، وهناك مجالات مختلفة وأتصور أننا لسنا عاجزين عن هذا، وسنعمل على خلق رأي عام بين الطلاب والأساتذة ضد هذا التعسف، وخير مثال على هذا نجاح الطلاب والأساتذة في منع قرار الضبطية القضائية الذي كان سيطبقه الوزير السابق للتعليم العالي حسام عيسى على الجامعات.

ما وسائل التصعيد للأساتذة الرافضين لدخول الشرطة للجامعة أو الاجراءات التأديبية المتعسفة ضد طلابها؟

للأسف ليس هناك اجماع على وسيلة معينة للتصعيد بين الأساتذة، لكن هناك العديد من بيانات الإدانة التي أصدرتها حركة 9 مارس، فضلاً عن التفاف مجموعة من الأساتذة المستقلين الذين يرفضون المساس باستقلال الجامعة واستخدام العنف ضد الطلاب من الداخلية أو الإدارة الجامعية، ويطالبون بالحفاظ على الوضع الأمني في الجامعة عبر تدريب وتأهيل أفراد الأمن الإداري، واستطاعت تلك المجموعة التدخل ازاء واقعة التحرش داخل الجامعة.

وهل أدى هذا التدخل إلى أي تأثير؟
نعم تواصلنا مع طلاب يعملون ضد التحرش داخل الجامعة ومنهم "الاشتراكيون الثوريون"، وجماعات ضد التحرش خارج الجامعة، وحاليا نجري جلسات عمل تضم كل المجموعات لتقديم خطة لمنع تكرار هذا، وبعد اللقاء مع رئيس الجامعة تم الاتفاق على تشكيل قوى تمنع التحرش داخل الجامعة، ونتوقع أن تتحول إلى أسرة أو حركة.

ما ردك على وقف بعض الأساتذة عن العمل نظراً لمواقفهم السياسية أو انتمائهم لجماعة الإخوان؟

للأسف بعض التهم التي وجهت للأساتذة، مثل الدكتور في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية باكينام الشرقاوي، فضفاضة، أو مضحكة، ومنها مثلا عقاب الدكتور في كلية العلوم أحمد عبد الباسط، بوقفه عن العمل بسبب كتاباته على "فيسبوك"، وهذا أمر بعيد عن المنطق، أو حتى بأثر رجعي ضد الدكتور في كلية العلوم السياسية سيف عبد الفتاح، نظراً لعمله مستشاراً للرئيس السابق محمد مرسي.

وأعتقد أن تجريم أستاذ نظراً لعمله أو انتمائه لجماعة الإخوان أمر في منتهى الغرابة، وإلا فمن العدل معاقبة كل المسؤولين الذين حلفوا اليمين أمام مرسي، ومنهم وزير الدفاع المستقيل عبد الفتاح السيسي، وغير مقبول أن يكون هناك انتقائية وتعسف في تطبيق القانون.


البدائل

ما بدائل دخول الشرطة للجامعة لتأمينها؟
لا أرى أي داع لدخول الشرطة من الأساس، ومرفوض أن يقوموا بأي تحريات على الطلاب والأساتذة أو يعملوا على إرهابهم، أو استخدامهم للتأكد من عدم حمل للطلاب أي أسلحة، فمن الممكن أن يقوم بهذا الدور الأمن الإداري.

هل كلمة استقلال الجامعة أصبحت كلمة لا محل لها من الإعراب الآن في ظل ما يحدث؟

طوال الوقت كان الاستقلال غاية ولم يتحقق، ودائماً ما يتأثر الاستقلال بالواقع السياسي والمجتمعي، مثلما تعثرت الثورة خارج أسوار الجامعة، فإن حالة الاستقلال لا تسر، خصوصاً بعد تفكك كتلة منظمة من الأساتذة كانوا يقفون مع الاستقلال، وأرى أن هذا أمر وقتي والوضع لا يدعو لليأس.
بعد تغير مواقف وزير التعليم السابق حسام عيسى، كيف يمكن تقييم مواقف رموز تيار الاستقلال؟

طوال الوقت الداعمون للاستقلال كانوا أقلية، واستقلال الجامعة يحتاج إلى نفس طويل، وليس إلى حلول كان يراها الدكتور حسام عيسى اصلاحية، وإذا كانت مواقفه السابقة ترفض دخول الشرطة، فإن أي تغير في تلك المواقف تحت أي ظرف أو ضغط ليس مقبولا.

ما ردك على اتهام رؤساء الجامعة لمظاهرات الطلاب بأنها مثيرة للشغب وتستدعي تدخل الداخلية؟

أرى أن مظاهرات طلاب جامعة القاهرة سلمية سواء من طلاب الإخوان أو من غير الإخوان، وهناك دوماً عنصر يسعى إلى اشعال الأمر وتحويله إلى مظاهرات عنيفة، وبعض تلك العناصر تأتي من خارج الجامعة، والبعض الآخر من طلاب لديهم حماسة زائدة.

ويجب ألا نفصل بين عنف قوات الداخلية وبين عنف بعض الطلاب، لأن أي فعل له رد فعل، وأرى بداية، أنه ممنوع استخدام الشرطة للرصاص أو المطاط أو الخرطوش داخل الجامعة، ومرفوض أن يكون أول رد فعل لقواتها تسديد الرصاص على أدمغة الطالب، ويجب استبدال هذا بخراطيم المياه والعصي الكهربائية، وغيرها من الأساليب، كما أنه من غير المفهوم قيام بعض قيادات جامعة الأزهر بزيادة إشعال الأوضاع عبر استدعاء الشرطة المتكرر.

المساهمون