أقفلوا الـCNN!

09 يوليو 2017
هل "الجزيرة" أخطر من "سي أن أن" بالنسبة للعرب؟(Getty)
+ الخط -
ثمة حساسية لدى معظم الحكام في العالم من الصحافة. ولن تنتهي محاولات وضعها تحت السيطرة بكل الوسائل الشرعية، وغير الشرعية أيضاً، وبالإكراه أو بالإغراء. لكن حساسية الحكام العرب من صحافيي المنطقة، تجاوزت كل الحدود وتعدّت كل معقول. ولم يفهموا بعدْ أن الشعوب اخترعت إعلامها البديل، وأن المعلومة تصل إلى الكل وفي أي مكان سواء كانت فيه جريدة وإذاعة أو كانت قفاراً وخلاء. وعلى الرغم من أن هذا أمر معلوم عن حكامنا منذ أن أصبحوا حكامنا، إلا أن ما كشفته الحملة على قطر يعكس حقيقة هذا الرعب العربي من الكلمة. وبدا غريباً لمن يراقبنا من خارج العالم العربي، أن تطالب أربع دول مجتمعة بإقفال قناة "الجزيرة" ووسائل إعلام أخرى من بينها "العربي الجديد". ولعل هذا المطلب يمثل البند الأول في قائمة مطالب دول المحور من قطر، إذ يبدو الأمر سوريالياً وغريباً، بل مضحكاً مبكياً في نفس الوقت، لأن الأمور في الصحافة تتم عبر المنافسة وليس عبر الضغط والترهيب. وكان يمكن لهذه الدول مجتمعة أن توحد جهودها وتوجهها نحو إنشاء قناة أقوى من "الجزيرة". وتاريخ المنافسة التلفزيونية حافل بالأمثلة في هذا الاتجاه. ولقد حاولت بعض هذه الدول بالفعل أن تنافس "الجزيرة" وأن تمحوها من سماء العرب. لكن يتضح جلياً أن ذلك لم ينجح، لذلك انتقلت دول المحور إلى الحصار، كحل بديل، لا سيما بعدما فشلت في تسويق كل الاتهامات، بسبب الوعي العربي الجديد ووجود إعلام بديل لم يعد بفضله المواطن العربي رهن حكومته.

ويتساءل كثيرون في أوساط الرأي العام العربي الذي يتابع مأساة هذا القرن الجديد التي ستزيد من الفرقة بين العرب، ما إذا كانت "الجزيرة" أخطر من القناة الأميركية، "سي أن أن" (CNN) وقنوات غربية كثيرة أخرى تلاعبت بمصالح العرب وعملت على تشويه صورتهم وتلويثها بكل الأشكال، وعتّمت حروباً ضدهم وزوّرت احتلالات. ومع ذلك، لم يفتح حاكم عربي واحد فمه بنقدها. وجاءت "الجزيرة" لتعيد ترتيب الأوراق ولتنتج مضموناً عربياً جديداً يصل إلى كل العالم. ولا يعني هذا أننا لا نختلف معها في كثير من الأمور، لكنها نجحت حيث فشل كثيرون.

أحياناً أتساءل وأنا أتابع البرنامج الفرنسي السياسي الساخر "الغينيول" (Les Guignols) على قناة فرنسية مشفّرة، "كانال +"، هل تصبر حكومة عربية اليوم، باستثناء لبنان وتونس، على حلقة واحدة منه؟ أم سيشنق أصحابه في الشوارع؟
المساهمون