أفغانستان تتحول إلى إمبراطورية للمخدرات

24 أكتوبر 2014
أفغان يحصدون زهرة الخشخاش التي تنتج الأفيون (Getty)
+ الخط -
بعد قرابة عقد ونصف من الغزو الأميركي لأفغانستان وإنفاق أكثر من تريليوني دولار، ترحل الجيوش الأميركية وتترك أفغانستان أكثر فوضى، وطالبان أقوى وأثرى مما كانت عليه، حيث تمكنت طالبان خلال الوجود الأميركي من بناء إمبراطورية تجارية ضخمة من زراعة زهرة الخشخاش التي تنتج الأفيون، ومن ثم تصنيع الهيروين والمورفين والمشتقات السامة الأخرى.
وحسب التقرير الأخير الذي رفعه المفتش العام لإعادة إعمار أفغانستان، جون سبوكو،فإن أميركا خسرت فعليّاً الحرب التي أعلنتها على تجارة الأفيون في أفغانستان بعد إنفاقها 7.8 مليار دولار، كما خسرت أهداف القضاء على الإرهاب الذي أعلنت عنه إدارة الرئيس السابق، جورج بوش، في عام 2001.
يقول التقرير، الصادر يوم الثلاثاء الماضي وقدم للكونغرس وسلطات مكافحة المخدرات الأميركية، إن إنتاج الأفيون في أفغانستان ارتفع إلى أعلى معدلاته في أفغانستان خلال عام 2013، كما أن المساحات المزروعة بهذا النبات السام القاتل، تضاعفت منذ عام 2001 الذي غزت فيه أميركا أفغانستان.

عصابات

أشار التقرير إلى أن حركة طالبان وعصابات المافيا المسلحة الصغيرة الأخرى، تحقق الآن دخلاً أكبر من مبيعات الأفيون أكثر من أي وقت مضى. وتبيع طالبان وعصاباتها المنظمة منذ مدة الأفيون في شكل منتجات مثل الهيروين والمورفين بدلاً من بيعه كأفيون خام.
وحسب التقرير، فإن حركة طالبان استخدمت التقنيات الحديثة التي جلبتها الولايات المتحدة لتحويل الإنتاج الزراعي في أفغانستان من زراعة الأفيون إلى زراعة محاصيل أخرى، في ري الأراضي الجدباء والتوسع أكثر في زراعة الأفيون.
وفي الصعيد ذاته، يقول تقرير الأمم المتحدة الأخير الخاص بالمخدرات والجريمة، إن المزارعين في أفغانستان زادوا من مساحات زراعة الأفيون في السنوات الأخيرة، ومنذ إعلان برنامج مكافحة المخدرات في أفغانستان.
وحسب تقرير الأمم المتحدة، فإن المزارعين الأفغان، زرعوا الأفيون في مساحات تقدر بحوالى 209 آلاف هكتار" حوالي 515 ألف فدان" في العام الماضي. وهذا المعدل من المساحات المزروعة يفوق مساحات الأفيون المزروعة في عام 2012 بنسبة 36%. وبلغت مساحات
نبات الأفيون المزروعة 154 ألف هكتار في عام 2012 و193 ألف هكتار في عام 2007.
وتشير تقديرات المفتش العام سبوك إلى أن موسم حصاد الأفيون للعام الجاري بات على الأبواب، ومن المحتمل أن يكون المحصول الجديد أكبر من العام الماضي.
من جانبه يقول تقرير استراتيجية مكافحة المخدرات الأميركي الأخير، إن العاصمة كابول باتت عاصمة الأفيون عالميّاً وإن أفغانستان تنتج حالياً حوالي 80% من الأفيون عالميّاً. ومعلوم أن الأفيون يتم تصنيعه الى مخدرات الهيروين والمورفين ومشتقات أخرى من المخدرات التي تسمم أدمغة الشباب في العواصم الغربية.
وتقدر الأمم المتحدة قيمة الأفيون الخام الذي تنتجه أفغانستان بحوالي 950 مليون دولار، لكن حينما يحول هذا الأفيون الى مشتقات المخدرات الأخرى، أي يتم تصنيعه وبيعه في الأسواق الغربية، فإن قيمته تتضاعف الى أكثر من عشرة مليارات دولار.
وحسب معدل الإنتاج الحالي، فإن الأفيون الخام بات يعادل نسبة 5% من إجمالي الناتج المحلي في أفغانستان البالغ حوالي 20 مليار دولار، لكن بحساب الأفيون المصنع فإن قيمته تعادل حوالي 15% من إجمالي الدخل الأفغاني.
يذكر أن هذا التوسع في الإنتاج والدخل المتحقق من الأفيون في أفغانستان يناقض تماماً استراتيجية مجموعة الثماني الصناعية التى أعلنت عنها فى يونيو/حريزان العام الماضى فى قمتها التى عقدت في إيرلندا الشمالية، حيث دعا قادة العالم الصناعي الى ضرورة اتخاذ إجراءات إضافية لخفض زراعة الأفيون ونشاطات المخدرات فى العالم وخصوصاً فى أفغانستان.
وتبحث الولايات المتحدة والدول الغربية المتحالفة في الحرب ضد الإرهاب في أفغانستان في إيجاد وسائل فاعلة لبناء اقتصاد يعتمد على دعائم غير فاسدة مثل زراعة المحاصيل وتنشيط السياحة والتجارة. ويلاحظ أن تجارة المخدرات الأفغانية لها باع طويل في إفساد الساسة والسيطرة عليهم عبر الرشى والتسهيلات المالية، كما تتيح لطالبان السيطرة على النشاط التجاري في كابول ومعظم المناطق في أفغانستان.

للمخدرات مصانع

كانت عصابات الجريمة المنظمة وحركة طالبان تبيع محصول الأفيون في شكله الخام الى مافيا المخدرات الدولية ومن بينها الإيطالية والروسية التى تقوم بدورها بتحويله الى مخدرات الهيروين والمورفين.
ولكن فى الآونة الأخيرة برعت ألمافيا الأفغانية فى تصنيع الأفيون محليّاً وتحويله الى مشتقات الهيروين والمورفين وتصديره الى أسواق أوروبا وآسيا والشرق الأوسط عبر إيران وباكستان ودول آسيا الوسطى. ولا يصدر الأفيون الأفغانى إلا بكميات قليلة إلى الأسواق الأميركية التى تسيطر عليها عصابات ألمافيا المكسيكية والكولومبية.
ونسبت صحيفة البرافدا الروسية إلى الهيئة الفدرالية لمكافحة المخدرات الروسية، قولها إن
إنتاج الأفيون كان أقل في عهد طالبان قبل عام 2001 وأنه ازداد بدرجة كبيرة بنسبة تصل إلى 40 مرة مع انتشار القوات الأميريكية في أفغانستان.
وقالت الهيئة إن أربعة ملايين مزارع متورطون في زراعة الأفيون، وأن ثلث أو نصف سكان أفغانستان يعملون في عملية إنتاج المخدرات.
وقالت الصحيفة، إنه وفقاً لأجهزة المخابرات الروسية، فإن هناك 2000 معمل في أفغانستان لإنتاج المخدرات، وأن أكثر من أربعة ملايين شخص متورطون في تجارة المخدرات.
وفي الختام تحدثت الصحيفة عن كيفية حماية روسيا من المخدرات الأفغانية، قائلة، إنه يجب العمل في شمال أفغانستان حيث توجد العرقيات الأوزبكية والطاجيكية، موضحة أنه ينبغي تحسين أوضاعها الاقتصادية وتوفير فرص عمل لها.

حرب الأفيون

بعد استعمار الهند في القرن التاسع، عجزت بريطانيا عن فرض سيطرتها على الصين. فلجأت الى الحرب القذرة، وهي حرب المخدرات، حيث قامت بزراعة زهرة الخشخاش التي يصنع منها الأفيون. وبدأت تصنع هذا الأفيون وترسله الى الصين، فأدمن الصينيون استخدام الأفيون، وتفكك المجتمع الصيني وارتفع الفقر وتضعضع الجيش. ومن ثم تمكنت بريطانيا من فرض اتفاقيات مجحفة على الصين، كما تم استعمار هونج كونج ومن ثم اتخذت المخابرات الغربية وعلى رأسها المخابرات الأميركية، جزيرة هونج كونج مركزاً لتوزيع الأفيون في كامل آسيا ضمن الحرب الكورية وحرب فيتنام.
المساهمون