أغلقوا جامعة الدول العربية

15 مارس 2016
+ الخط -
يومياً، يستيقظ العرب على أخبار مفزعة مفرغة، تطلق من أجل تكدير عيشة المواطن العربي الذي بلغ به الكيل مداه، والغل أقصاه. ومن ضمن هذه الأخبار، سمعنا أن أحمد أبوالغيط أصبح أميناً عاماً، لما يسمى جامعة الدول "العربيه". شخص افتقد أقل معاني العروبة والشهامة الأخلاقية، فضلا عن افتقاده صفة العدل، ولو أصبح أمينا، لكنه الزمن الذي يأمن فيه الخائن، ويخون الأمين، وينطق فيه الرويبضة.
لو سمعنا أن هذا الشخص تولى أي منصب إسرائيلي لتعجبنا أيضاً، لأنهم يحترمون شعوبهم وعقولهم، ولو أقدموا على فعل ذلك، لعلمنا أنهم يعرّضون بلدهم للانتحار والدمار، لكنه زمن الرويبضة. ولا زالت دماء أهل غزة غضة طرية، لم تجف من مباركته حرب 2008، وهل غاب عن أذهان المشاهد العربي صوره الحميمية مع تسيبي ليفني، وما خفي كان أعظم؟ وقبضه على يديها يشبه شخصين يوقعان اتفاقية سلام بعد سنين طوال من الحروب!
إنها العبثية والاستخفاف، فالرجل لم يكن يوماً بينه وبين إسرائيل عداوة، اللهم إلا عداوة الكلمات والتصريحات، وقد انكشفت! وهل ينسى المصريون والعرب زيارة إيهود بارك إلى القاهرة قبيل العدوان على غزة، ليأخذ المباركة والتأييد، ولا أقول الأذن، فهؤلاء أذنهم معهم فى ظل حكم هؤلاء العرب، زيارة كانت تحمل أحط درجات الخسة والنذالة في تأييد قتل شعب عربي مسلم محاصر، برّاً وبحرّاً وجوّاً.
مبارك الذي كان يُنعت بأنه كنز إسرائيل الاستراتيجي، وقيل إن إسرائيل فقدت بسقوطه أهم رجالها في المنطقة، فنكتشف اليوم أنها كنوز، وليس كنزاً واحداً. لم يخلع مبارك بعد، ونظامه هو بعينه من يحكم، ألم يكن هذا الرجل آخر وزير خارجية لمصر في عهد حسني مبارك، ثم قامت الثورة؟ نعم هو الذي شاهد الثورة التونسية، وهاجمها وهاجم ثوارها، واستبعد مطلقاً أن يحدث شيء في مصر، مطلقاً عبارته الشهيره! وهل تونس الثورة، وليبيا الثورة، ومصر الثورة، واليمن الثورة... هل نجحوا في أن يزيلوا الأنظمة الاستبدادية الاستهلاكية من مقاعدهم؟ وهل الشعوب ثارت، أم هم من ثاروا عليها؟ وهل بعد ذلك نحن بحاجة إلى "جامعة"، لنجتمع فيها، ويلحق بها اسم العربية؟
الأمة على مر عصورها لم يأت عليها رجال بهذه التبعية والخضوع، ولم تصل إلى هذه الهوة السحيقة يوما ما.
أغلقوا الجامعة، إلى أن تجدوا لها أعضاء هيئة تدريس لديهم ذمة وكفاءة، إلى أن تجدوا طلاباً يتشرفون بالانتساب إليها، وإلى أن تجدوا مناهج تدرس فيها، لأن كلامكم أصبح عقيماً، ومناهجكم بالية، شاخت وهرمت، وأصبحت عقيمة، لا تشبع العقل، ولن ترضي العاطفة.
avata
avata
أحمد الشريف (مصر)
أحمد الشريف (مصر)