أعمال عنف في سجن بغدادي تودي بحياة العشرات

09 مايو 2015
روايات متضاربة حول حقيقة ما جرى بسجن الخالص (Getty)
+ الخط -

في سيناريو مشابه لعمليات اقتحام السجون العراقية المتكررة، حيث يجري قتل النزلاء بحجة هجوم "إرهابي"، أو بدعوى أن السجناء قُتلوا خلال المناوشات بين قوات الأمن و"الإرهابيين"، ارتكبت مجموعة مسلحة مجزرة جديدة في محافظة ديالى شرق بغداد، باقتحامها سجن الخالص المحصن، وبلغ عدد القتلى في حصيلة أولية 35 سجيناً، غالبيتهم كانت محكمة الخالص الجنائية قد أصدرت أحكاماً تبرئهم من التهم المنسوبة إليهم.

وقال برلماني عراقي عن محافظة ديالى، فضل عدم الكشف عن هويته، لـ"العربي الجديد"، إن "مليشيات مسلحة بقيادة شخص يدعى "السيد"، اقتحمت سجن الخالص المركزي المحصن في ساعة متأخرة من ليل الجمعة، وأطلقوا سراح ثلاثة من زملائهم في السجن، كانوا قد اعتقلوا في وقت سابق بأمر من رئيس الوزراء بسبب سرقتهم ممتلكات من مدينة تكريت، عقب السيطرة عليها، أقدموا بعدها على قتل 35 سجيناً، وعدداً من عناصر الشرطة التابعين لوزارة الداخلية بعد محاولتهم التصدي لعناصر المليشيات".

وأضاف البرلماني أن "السجن لم تظهر عليه أي علامات كسر أبواب، أو إطلاق نار على السور الخارجي ولم تكن هناك أي مظاهر عنف في محيطه".

وأشار المسؤول العراقي، إلى إنه "من بين السجناء الذين قتلوا ستة ممن تم تبرئتهم من قبل القضاء"، مؤكداً أن الهجوم على السجن سبقه اغتيال القاضي ثامر هوبي، والذي يعمل رئيساً لمحكمة المدينة، بعد رفضه إصدار أحكام إدانة بحق معتقلين عرضوا على القضاء، واصفاً محافظة ديالى بـ"المختطفة من قبل المليشيات الممولة إيرانياً".

بدورهم، شكك بعض ذوي المعتقلين بالروايات الرسمية العراقية التي اتهمت تنظيم "داعش" بالوقوف وراء الهجوم.

وقال أحد وجهاء ديالى، عبد الرحمن القيسي، لـ"العربي الجديد"، إن "العملية مفبركة تهدف لقتل بعض المعتقلين الذين صدرت أوامر قضائية بإطلاق سراحهم"، متسائلاً عن كيفية حدوث هذا الخرق في مدينة الخالص المؤمَّنة، وتزامنه مع مقتل وإصابة العشرات بحادثة الهجوم على حسينية في ديالى، أمس الجمعة.


اقرأ أيضاً العراق: أكثر من 400 قتيل في السجون بسبب التعذيب

وأضاف القيسي، "الخالص لم يدخلها داعش، وهي معقل آمن للمليشيات، ولا يمكن حتى لقوات الجيش دخولها قبل تأمين التنسيق مع المليشيات، ونحن نرى الحادث مسرحية جديدة كالمسرحيات السابقة". ومنعت قوات الشرطة أهالي المعتقلين، صباح السبت، من الوصول إلى محيط السجن.

وقالت سيدة عرفت عن نفسها باسم أم طه، لـ"العربي الجديد"، "أريد أن أعرف مصير ابني هل هو حي أم ميت. لا أحد يسمح لي بالوصول. ابني بريء والقاضي أمر بإطلاق سراحه منذ أيام"، مؤكدة أن "ابنها طالب جامعي، اعتقل خلال حملة اعتقالات عشوائية شنتها قوات مشتركة".

من جهتها، نقلت وكالة "فرانس برس" عن المتحدث باسم وزارة الداخلية، العميد سعد معن، أن موقوفا في سجن مركز شرطة الخالص "استولى على قطعة سلاح من الحراس. وبعد قتل شرطي، توجه السجناء الى المشجب (غرفة تخزين السلاح) واستولوا على ما فيه"، وأضاف: "اندلعت بعدها اشتباكات بين سجناء وعناصر الشرطة. خسرنا ضابطا برتبة ملازم أول وخمسة (عناصر) من الشرطة، وتمكن أربعون سجينا من الفرار بينهم تسعة متهمين بقضايا إرهاب، وخلال المواجهة وبعد تطويق السجن، قُتل ثلاثون سجيناً".

بدوره، قال النقيب في شرطة ديالى، محمد حيدر التميمي، لـ"العربي الجديد"، إن العملية تمت بشكل غامض، عبر اختراق الأسوار المحصنة للسجن الواقع داخل مركز شرطة البلدة، وإطلاق سراح المعتقلين.

وأبدى التميمي، استغرابه من هذا الخرق في مدينة الخالص التي تعتبر معقل مليشيات "الحشد الشعبي".

وأكد التميمي مقتل 5 عناصر من حماية السجن و35 سجيناً في حصيلة أولية، وفقدان آخرين ليس معروفاً إن كانوا قد فروا أم أنهم احتجزوا أو اختطفوا من قبل المسلحين.

وأشار إلى أن السجن الذي يقبع فيه نحو 250 نزيلاً، يحتوي على بعض الموقوفين الذين برأهم القضاء بعد عدم ثبوت ارتكابهم قضايا جنائية، ولم يتم إطلاق سراحهم لأسباب مجهولة.

في المقابل، اتهمت السلطات الأمنية في محافظة ديالى تنظيم "داعش" بالوقوف وراء الهجوم.

وقال رئيس لجنة الأمن والدفاع في المحافظة، صادق الحسيني، في بيان، إن "عناصر من داعش هاجموا، في ساعة متقدمة من ليلة أمس، مديرية شرطة قضاء الخالص، شمال بعقوبة، لتهريب سجناء خطرين في التنظيم، ما أسفر عن اندلاع اشتباكات بين المهاجمين والقوات الأمنية المكلفة بحماية المديرية، ما أدى إلى مقتل 20 من عناصر داعش، وثمانية سجناء وإصابة 14 آخرين بجروح متفاوتة".

وأضاف الحسيني أن "عدداً من السجناء استطاعوا الهروب بينهم محكومون بالإعدام"، مشيراً إلى أن "القوات الأمنية تنفذ حملة دهم وتفتيش بحثاً عن الفارين".

اقرأ أيضاً: اختفاء 130 معتقلاً في السجون العراقية وترجيحات بإعدامهم