ترتفع نسبة إدمان المخدّرات بين تلاميذ المدارس في ليبيا، خصوصاً الحبوب المهدّئة، ما يتطلب جهوداً أكبر من قبل الأهل والمدارس والدولة، والسعي إلى حماية الأطفال، في ظل الظروف الأمنية التي تمر بها البلاد
رغم أنّ عصام (13 عاماً) ما زال تلميذاً في إحدى المدارس في ليبيا، إلّا أنه يتردّد على عيادة في العاصمة طرابلس ليعالَج من إدمانه حبوب مخدرة منذ نحو ثلاثة أشهر. يقول والده إنه بدأ يلاحظ تغيّراً في سلوك ابنه، ليتبين أنه مدمن "ترامادول"، ما اضطره إلى التوقف عن الذهاب إلى المدرسة لاستكمال علاجه. ويلفت إلى أنّ ابنه بدأ تدخين سجائر الحشيش، مؤكداً أن أصدقاءه الذين عرف الإدمان من خلالهم هم زملاء في مدرسته، بحسب إدارة المدرسة التي فتحت تحقيقاً في الأمر.
وبحسب دراسة لجهاز مكافحة المخدّرات صدرت في عام 2016، وشملت 229 تلميذاً تتراوح أعمارهم ما بين 12 و17 عاماً في 14 مدرسة، تبيّن أن نسبة مدمني الكحول هي 2 في المائة، والحشيش 1 في المائة، والحبوب المخدرة 3 في المائة، ما يشير إلى ارتفاع نسب الإدمان بين تلاميذ المدارس. ولوحظ زيادة إقبال الأطفال على حبوب الترامادول؛ لأن أسعارها رخيصة، ومفعولها سريع، كما أنها منتشرة بكثرة. وفي إحصائيّة لمركز مكافحة الإيدز، كان لافتاً وجود إناث بين المدمنين على المخدرات.
وقصدت "العربي الجديد" مستشفى الرازي للأمراض النفسية والعقلية، الذي يستقبل المدمنين ويقدم لهم العلاج اللازم، علماً أن هناك مستشفى آخر في بنغازي لمثل هذه الحالات فقط. ويقول طبيب المستشفى، أكرم عليوان، إن ظاهرة انتشار المخدرات بين تلاميذ المدارس لافتة، وتتطلب تصديا حقيقيا من قبل سلطات البلاد.
يضيف عليوان لـ "العربي الجديد"، أن "المستشفى يعالج تسعة مدمني حبوب مخدّرة، بينهم فتاتان، وتتراوح أعمار هؤلاء ما بين 10 و18 عاماً". ويشير إلى أن آخرين يُعالجون في مستشفيات خاصة في العاصمة. يضيف أن "الظاهرة خطيرة، ويجب رصدها". ويلفت إلى مشكلة اجتماعية تتمثّل في الخوف من الفضيحة، ما يدفع بعض العائلات إلى السفر إلى بعض دول الجوار مثل تونس، لعلاج أبنائها". ويؤكد أنّه من خلال حديثه إلى بعض الذين كانوا يتلقون العلاج في المستشفى، عرف بوجود مدمنين آخرين كثر أصرّ أهلهم على التكتم عليهم وعلاجهم في الخارج أو في عيادات خاصة. يضيف أنّ "المستشفى يعاني بسبب قلّة الإمكانيات، لكن تمكّنا من علاج حالات كثيرة".
اقــرأ أيضاً
وعن أسباب توجّه تلاميذ المدارس إلى المخدرات، يقول الباحث الاجتماعي في جهاز مكافحة الجريمة التابع لوزارة داخلية حكومة الوفاق في طرابلس، عبد الله الجالي، إن "فضول الطفل يعد دافعاً أساسياً، في ظلّ غياب دور الأسرة والمدرسة في التحذير من خطر المخدرات. كما أنّ أطفالاً كثيرين لا يعرفون شكل المخدرات، ويورّطهم زملاؤهم".
لكن الجالي يلفت، في حديثه لـ "العربي الجديد"، إلى وجود أسباب أخرى، قائلاً: "رصدنا أثناء التحقيقات التي يجريها الجهاز تورّطاً لتجار يساهمون في نشر هذه الظاهرة بين تلاميذ كثيرين، يجدون أنفسهم وقد تورطوا في الادمان، وباتوا يبحثون عن مراكز توزيعها". ولا ينسى دور المليشيات المسلحة التي انخرط فيها عدد كبير من تلاميذ المدارس ما فوق 15 عاماً. ومن خلالها، يعد الوصول إلى المخدرات، لاسيما الترامادول، سهلاً. وعادة ما يروج هؤلاء الأطفال لهذه الحبوب في مدارسهم.
ويشدّد الجالي على دور الآباء والأمهات، خصوصاً في متابعة شؤون أطفالهم، لافتاً إلى أن عدداً من الأطفال المدمنين يحصلون على ثمن الحبوب من عائلاتهم، بحجة أنهم يحتاجون إليها للّعب في نوادي الألعاب الإلكترونية وغيرها، من دون أن تعمد الأسر إلى متابعتهم. من جهة أخرى، لا توجد ضوابط في مدارس كثيرة، ويشكو الأهالي بسبب عدم الاهتمام بمتابعة التلاميذ.
ويتحدّث الجالي عن دور السلطات، قائلاً: "طالبنا وزارة الصحة بضرورة توفير متخصّصين ومراكز لعلاج الإدمان، والتنسيق مع وزارة التعليم وإطلاق حملات توعية"، مؤكداً أنه ليست هناك استجابة مطلقة. يضيف: "بعض الأجهزة الأمنية ضبطت كميات كبيرة من المخدرات تدخل البلاد، لكن شبكات تهريب وترويج المخدرات أكبر وأوسع من قدرة هذه الأجهزة، في ظل سلطة المليشيات". ويحذّر من تمادي خطر انتشار المخدرات بين الأطفال وداخل المدارس.
وكمؤشر على انتشار الحبوب المخدرة، أعلنت أجهزة أمنية في البلاد عن ضبط كميات من الترامادول. وفي منتصف أغسطس/آب الماضي، أفادت مديرية أمن المساعد الحدودية مع مصر بأنها ضبطت مليون حبة ترامادول. أما جمارك ميناء مدينة مصراته، فضبطت 12 مليون حبة ترامادول وغيرها، مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، آتية من الهند.
اقــرأ أيضاً
رغم أنّ عصام (13 عاماً) ما زال تلميذاً في إحدى المدارس في ليبيا، إلّا أنه يتردّد على عيادة في العاصمة طرابلس ليعالَج من إدمانه حبوب مخدرة منذ نحو ثلاثة أشهر. يقول والده إنه بدأ يلاحظ تغيّراً في سلوك ابنه، ليتبين أنه مدمن "ترامادول"، ما اضطره إلى التوقف عن الذهاب إلى المدرسة لاستكمال علاجه. ويلفت إلى أنّ ابنه بدأ تدخين سجائر الحشيش، مؤكداً أن أصدقاءه الذين عرف الإدمان من خلالهم هم زملاء في مدرسته، بحسب إدارة المدرسة التي فتحت تحقيقاً في الأمر.
وبحسب دراسة لجهاز مكافحة المخدّرات صدرت في عام 2016، وشملت 229 تلميذاً تتراوح أعمارهم ما بين 12 و17 عاماً في 14 مدرسة، تبيّن أن نسبة مدمني الكحول هي 2 في المائة، والحشيش 1 في المائة، والحبوب المخدرة 3 في المائة، ما يشير إلى ارتفاع نسب الإدمان بين تلاميذ المدارس. ولوحظ زيادة إقبال الأطفال على حبوب الترامادول؛ لأن أسعارها رخيصة، ومفعولها سريع، كما أنها منتشرة بكثرة. وفي إحصائيّة لمركز مكافحة الإيدز، كان لافتاً وجود إناث بين المدمنين على المخدرات.
وقصدت "العربي الجديد" مستشفى الرازي للأمراض النفسية والعقلية، الذي يستقبل المدمنين ويقدم لهم العلاج اللازم، علماً أن هناك مستشفى آخر في بنغازي لمثل هذه الحالات فقط. ويقول طبيب المستشفى، أكرم عليوان، إن ظاهرة انتشار المخدرات بين تلاميذ المدارس لافتة، وتتطلب تصديا حقيقيا من قبل سلطات البلاد.
يضيف عليوان لـ "العربي الجديد"، أن "المستشفى يعالج تسعة مدمني حبوب مخدّرة، بينهم فتاتان، وتتراوح أعمار هؤلاء ما بين 10 و18 عاماً". ويشير إلى أن آخرين يُعالجون في مستشفيات خاصة في العاصمة. يضيف أن "الظاهرة خطيرة، ويجب رصدها". ويلفت إلى مشكلة اجتماعية تتمثّل في الخوف من الفضيحة، ما يدفع بعض العائلات إلى السفر إلى بعض دول الجوار مثل تونس، لعلاج أبنائها". ويؤكد أنّه من خلال حديثه إلى بعض الذين كانوا يتلقون العلاج في المستشفى، عرف بوجود مدمنين آخرين كثر أصرّ أهلهم على التكتم عليهم وعلاجهم في الخارج أو في عيادات خاصة. يضيف أنّ "المستشفى يعاني بسبب قلّة الإمكانيات، لكن تمكّنا من علاج حالات كثيرة".
وعن أسباب توجّه تلاميذ المدارس إلى المخدرات، يقول الباحث الاجتماعي في جهاز مكافحة الجريمة التابع لوزارة داخلية حكومة الوفاق في طرابلس، عبد الله الجالي، إن "فضول الطفل يعد دافعاً أساسياً، في ظلّ غياب دور الأسرة والمدرسة في التحذير من خطر المخدرات. كما أنّ أطفالاً كثيرين لا يعرفون شكل المخدرات، ويورّطهم زملاؤهم".
لكن الجالي يلفت، في حديثه لـ "العربي الجديد"، إلى وجود أسباب أخرى، قائلاً: "رصدنا أثناء التحقيقات التي يجريها الجهاز تورّطاً لتجار يساهمون في نشر هذه الظاهرة بين تلاميذ كثيرين، يجدون أنفسهم وقد تورطوا في الادمان، وباتوا يبحثون عن مراكز توزيعها". ولا ينسى دور المليشيات المسلحة التي انخرط فيها عدد كبير من تلاميذ المدارس ما فوق 15 عاماً. ومن خلالها، يعد الوصول إلى المخدرات، لاسيما الترامادول، سهلاً. وعادة ما يروج هؤلاء الأطفال لهذه الحبوب في مدارسهم.
ويشدّد الجالي على دور الآباء والأمهات، خصوصاً في متابعة شؤون أطفالهم، لافتاً إلى أن عدداً من الأطفال المدمنين يحصلون على ثمن الحبوب من عائلاتهم، بحجة أنهم يحتاجون إليها للّعب في نوادي الألعاب الإلكترونية وغيرها، من دون أن تعمد الأسر إلى متابعتهم. من جهة أخرى، لا توجد ضوابط في مدارس كثيرة، ويشكو الأهالي بسبب عدم الاهتمام بمتابعة التلاميذ.
ويتحدّث الجالي عن دور السلطات، قائلاً: "طالبنا وزارة الصحة بضرورة توفير متخصّصين ومراكز لعلاج الإدمان، والتنسيق مع وزارة التعليم وإطلاق حملات توعية"، مؤكداً أنه ليست هناك استجابة مطلقة. يضيف: "بعض الأجهزة الأمنية ضبطت كميات كبيرة من المخدرات تدخل البلاد، لكن شبكات تهريب وترويج المخدرات أكبر وأوسع من قدرة هذه الأجهزة، في ظل سلطة المليشيات". ويحذّر من تمادي خطر انتشار المخدرات بين الأطفال وداخل المدارس.
وكمؤشر على انتشار الحبوب المخدرة، أعلنت أجهزة أمنية في البلاد عن ضبط كميات من الترامادول. وفي منتصف أغسطس/آب الماضي، أفادت مديرية أمن المساعد الحدودية مع مصر بأنها ضبطت مليون حبة ترامادول. أما جمارك ميناء مدينة مصراته، فضبطت 12 مليون حبة ترامادول وغيرها، مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، آتية من الهند.