لم تكن والدة الطفلة الأوغندية "نماتا" (7 سنوات)، تنوي أن تتخلى عنها، أو أن تسمح لأي أسرة بتبنيها، لقد حصلت على وعود بأن تتلقى طفلتها تعليما جيدا، وأن تستمر في التواصل معها، لكنها حرمت من رؤيتها لأكثر من عام.
الأم لم تخف مشاعر الفرحة حينما رأت وجه صغيرتها مجددا، تحدثتا عبر برنامج "سكايب" لمدة ساعة، بينما تفصل بينهما أكثر من 7400 ميلا، أجرت الطفلة "نماتا" أو "ماتا" كما يحلو لوالدتها مناداتها، المحادثة من منزل والديها بالتبني في ولاية أوهايو الأميركية، ورأت والدتها البيولوجية عبر جهاز الكمبيوتر المحمول حيث تعيش في أوغندا.
ونقل موقع شبكة "سي إن إن" الأميركية، اليوم الجمعة، كيف عاد الأمل لوالدة نماتا بعد أن اعتقدت أنها فقدت ابنتها إلى الأبد، فمع استمرار المحادثة، سألت نماتا والدتها: لماذا أعطتها لعائلة أخرى؟ فقالت الأم إنها لم تكن لديها أبدا نية التخلي عن ابنتها، لكنها تعرضت لخديعة. فقد قيل لها إنها ستمنح فرصة تعليمية كبيرة إذا تم إرسالها بعيدا، وأنها ستعود يوما ما.
كان الأمر بالنسبة لأم نماتا بالتبني "جيسيكا" مرعباً ومدمراً، واجتمعت المشاعر المتناقضة في آن واحد. كان هناك شيء خاطئ في القصة، إذ أخبرتها وكالة التبني ومقرها ولاية أوهايو، أن والد نماتا قد مات، وأن والدتها أهملتها لأنها لا تستطيع تحمل تكاليف إطعامها، وأشارت الوثائق إلى أن نماتا لم تلتحق بالمدرسة أبدا.
لكن في الأشهر التي تلت وصولها إلى الولايات المتحدة، عندما تحسنت مهاراتها في اللغة الإنكليزية، تحدثت بصوت عال مع والدتها. وأكدت محادثة سكايب، بتاريخ 29 أغسطس/ آب 2016، شكوك جيسيكا. كما أنها استوعبت أنها أخذت الطفلة من عائلتها. وقالت إنها أدركت ما يجب عليها القيام به، وهو عودة نماتا إلى أمها.
"نماتا" واحدة من حالات أخرى كثيرة مماثلة تعرضت للاتجار بالأطفال، لأن العائلات الأميركية لا تعرف القصص الحقيقية وراء الأطفال الذين تتبناهم، وكشفت دراسة أجرتها شبكة "سي إن إن"، الاتجار بأطفال يتعرضون للاختطاف من منازلهم فى أوغندا، لافتة إلى أنه يتم وضعهم فى دور الأيتام حتى لو لم يكونوا يتامى، ومن ثم يباعون بما يصل إلى 15 ألف دولار لأسرة أميركية ميسورة.
تعمل كارين رايلي، كناشطة في منظمة "إعادة توحيد أوغندا" التي تساعد الأطفال المتاجر بهم على العودة إلى أمهاتهم الحقيقيات، وتقول إنه يتم استهداف الأمهات الضعيفات والأرامل في كثير من الأحيان، من خلال إقناعهن بأهمية تعزيز الفرص التعليمية لأطفالهن.
وتشمل لائحة المتاجرين بالأطفال عناصر من الشرطة ومحامين ومعلمين وقادة محليين.
وبما أن كلمة "التبني" غير معروفة في لغة العديد من القرويين الأوغنديين، فإنه يسهل على الآخرين خداعهم، ما يجعلهم يتجرعون مرارة قطع الصلة نهائياً مع فلذات أكبادهم الذين تنشأ حياة أخرى لهم في كنف الأسرة الجديدة.
وتقول رايلي، التي نظمت اجتماع الفيديو بين نماتا ووالدتها الحقيقية: "من السهل خداعهم، هذا ما حدث بالضبط مع نماتا التي أرسلت إلى دار للأيتام تسمى (الرحمة)، ومنها بيعت".
اتضح في وقت لاحق أن والدة نماتا قد خدعت، وأغلقت الحكومة الأوغندية دار أيتام الرحمة، وعللت الحكومة قرارها بكون الدار تتاجر بالأطفال، وتتلاعب بوثائقهم. كما وجدت الحكومة أن جميع وثائق التبني التي تم تجهيزها للأطفال من دار الأيتام تمت من خلال مكتب محام أوغندي كان متورطا، وفقا لرسالة من وزارة العمل والتنمية الاجتماعية.
وخلصت دراسة سابقة أجرتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) عام 2015، إلى أن الآباء الأوغنديين "يتلقون رشوة" أو يتعرضون للخداع، وغالبا ما تكون لديهم حوافز مالية، كما لفتت إلى تواطؤ دور أيتام في عمليات المتاجرة بالأطفال وحرمانهم من أسرهم.
(العربي الجديد)