ويشكل الطعام والشراب في الأجواء الباردة أحد عناصر مقاومة البرد. وكلما انخفضت درجات الحرارة في الخارج، تثقل الملابس والأغطية، وترتفع فوق المواقد المأكولات الشتوية، من الشوربات إلى الحبوب والطبخات الدسمة الغنية بالدهون، إلى جانب أباريق الماء الساخن التي تغلى فيها الأعشاب والبهارات والتي تساعد على الوقاية من نزلات البرد.
واعتادت بلداننا العربية على موجات البرد والصقيع التي تشتد بين شتاء وآخر. وتشكل العاصفة الحالية التي تعددت أسماؤها عبر الحدود، تحدياً فعلياً يتطلب إجراءات وقاية صارمة، منها إلى جانب التدفئة وعدم البقاء في الخارج لأوقات طويلة، تناول الأطعمة التي تنشط الجسم وتبقيه دافئاً، مع الحرص على إضافة الأصناف التي تحسن جهاز المناعة وتقويه، خوفاً من أمراض الشتاء مثل الزكام والأنفلونزا والنزلات الصدرية وغيرها.
مأكولات شتوية ومغذية
وأطباق الشوربة الدافئة تمد الجسم بالطاقة وكل أنواع المعادن والاحماض والبروتينات الجيدة، مثل شوربة العدس، شوربة البصل، شوربة البروكلي، شوربة الجزر أو الطماطم، التي تسبق وجبة الغداء الرئيسية. وبعض الشوربات تكون دسمة، مثل شوربة الخضار مع الدجاج أو اللحوم على سبيل المثال، عندها تعتبر وجبة غداء كاملة بحد ذاتها، كما يمكن أن يضاف إليها الخبز المحمص، لضمان احتواء الوجبة على النشويات.
وتشكل الأسماك كذلك أطباقاً شتوية دافئة، وأفضل مثال على ذلك، سكان الدول الباردة، مثل البلدان الإسكندنافية والمناطق القطبية، الذين يعتمدون بشكل أساسي على لحوم الأسماك في غذائهم إضافة إلى اللحوم الحمراء. فالقيمة الغذائية للأسماك عالية، كونها مصدراً هاماً للبروتين الحيواني، الذي يعد من أسهل البروتينات الغذائية هضماً، كما أنها تحتوي على عناصر معدنية متعددة كالفوسفور واليود والكالسيوم والماغنيسيوم والكبريت.
وطبخ البقوليات في الشتاء يساعد على إبقاء الجسم دافئاً. فالفاصوليا، والعدس واللوبياء والحمص والفول والماش وغيرها تحوي كميات منخفضة من السكر والدهون لكنها غنية بالبروتين النباتي. ويحتوي الفول والعدس على الكربوهيدرات وعلى نسبة عالية من الفولات، والفوسفور، والبوتاسيوم، والزنك، والسيلينيوم، والكالسيوم. أما فول الصويا والفاصوليا واللوبياء ففيها مركبات مضادة للالتهاب، وتساعد الجهاز المناعي على مقاومة السرطان، وتخفض الكوليسترول.
ويرى أخصائيو التغذية أن من المفيد جمع البقول في وجبة واحدة، لأنها إلى جانب احتوائها على الغذاء الذي يغني عن البروتين الحيواني، فهي تعطي شعوراً بالشبع والدفء. ونذكر على سبيل المثال وجبة " المخلوطة" الشتوية وهي خليط متنوع من الحبوب (العدس، القمح، الفاصولياء، إضافة إلى الأرز والعدس) والبهارات مثل القرفة والكمون، ووجبة الهريسة التي ترتكز على القمح كأحد مكوناتها وغيرها الكثير من الأكلات. كما ينصح المختصون، لنيل وجبة غذائية متوازنة، بتناول فطائر الذرة أو خبز القمح وزبدة الفول السوداني، إلى جانب الحبوب.
ماذا نشرب في الشتاء؟
كثيرة هي المشروبات التي تنشر الدفء في الجسم، خصوصاً تلك التي يضاف إليها بعض البهارات، ونذكر منها اليانسون والبابونج والزهورات وغيرها.
ولكن إضافة القليل من القرفة للشاي عند نقعه بالماء الحار، يجعل الشراب الدافئ أكثر فائدة، فالقرفة تقلل نسبة السكر في الدم ونسبة الكوليسترول وتحافظ على الأسنان، كما انها تحسن الهضم وتخفف الاحتقان الذي ينتج من نزلات البرد والحساسية، وتنشط أداء الدورة الدموية.
أما شاي الزنجبيل (ينصح بعدم الإكثار منه) فيفيد بدوره في علاج نزلات البرد ويساعد على الهضم ويمنع التقلصات، ويوسع الأوعية الدموية ويمنح الشعور بالدفء. ويمكن إعداد منقوع الزعتر البري، كونه مضاداً لالتهابات الحلق والسعال، وهي من الأعراض الشائعة التي تصيب الإنسان في الشتاء غالباً.
أما شرب منقوع الريحان فيعتبر مثالياً في الشتاء، خصوصاً إذا عرفنا أن من فوائده المساعدة على الشفاء من نزلات البرد، كما أنه يجعل التنفس أسهل، ويعتبر منشطاً للرئتين ومهدئاً للأعصاب ومخففاً للصداع والحمى.
والكثير من الناس يعتمدون في الشتاء على كوب الشوكولاتة الدافئ، فإضافة إلى حالة التنبه التي يعطيها الكافيين للجسم، فالمواد المضادة للأكسدة الموجودة في الشوكولاتة أو الكاكاو، تساعد في الوقاية من أمراض السرطان وأمراض القلب، كما تقلل من ظهور علامات الشيخوخة.
بالطبع هناك الكثير من الأطعمة والمشروبات الأخرى التي تمنح الإنسان الطاقة والدفء، وعلينا التفكير باعتمادها لمقاومة البرد وحماية صحتنا، خصوصاً الأطفال والمسنين الذين هم أكثر عرضة من غيرهم لأمراض الشتاء.