أطراف فرنسية تسوّق إسرائيل نموذجاً لـ"مكافحة الإرهاب"

10 اغسطس 2016
سياسات إسرائيل الأمنية مثار إعجاب في أوساط "الجمهوريون" (Getty)
+ الخط -

تستغل أطراف في الطبقة السياسية الفرنسية، حالة التوتر التي تعيشها البلاد، بعد عدد من الهجمات الإرهابية، لتسويق إسرائيل كنموذج يجب الاستفادة منه في الأمن ومكافحة "الإرهاب".

وزار النواب الفرنسيون، إيريك سيوتي وغيوم لاريفي من حزب "الجمهوريون"، ومايير حبيب من حزب "الاتحاد الديمقراطي المستقل"، إسرائيل؛ من أجل "جلب" خبرتها في المجال الأمني، بعد ما رأى الكثيرون في الاعتداءات الإرهابية التي ضربت فرنسا، مؤخراً، إخفاقات أمنية واستخباراتية مُكلفة.

وقد استغرقت الزيارة ثلاثة أيام، وكان هدفُها المعلن هو "استلهام الإجراءات الأمنية القائمة في إسرائيل في مواجهة التهديد الإرهابي".

ونشر سيوتي، في حسابه على "تويتر"، صورة تمثل مركز احتجاز إداري يقبع فيه معتقلون وموقوفون فلسطينيون في انتظار محاكمات، عليها تعليق: "مركز حجز إداري إسرائيلي يتيح مكافحة الإرهاب، بشكل فعّال".

ويبدو أن تعليق سيوتي، المعروف منذ فترة طويلة بهواه الإسرائيلي، أثار امتعاض وزير العدل الفرنسي، جان جاك ارفواس، المقرب من رئيس الحكومة مانويل فالس، إذ كتب تغريدة: "المعلومات التي تبرر التوقيف في هذه المؤسسات الإسرائيلية، لا يَطَّلعُ عليها الشخص الموقوف ولا محاميه".

وهو ما دفع سيوتي، ثانية، إلى الرد على وزير العدل، وعاب عليه التصوير الكاريكاتوري الذي يقدمه عن الحجز الإداري، وأيضاً عن فعاليته ضد الإرهاب.

كما وصف موقف الوزير بـ"البذيء"، إذا ما قورن بالحصيلة التي حققتها الحكومة الإسرائيلية في مجال الأمن.

وراح سيوتي، الذي يُقدّم نفسَه في فرنسا باعتباره خبيراً في قضايا الأمن، يتحدث عن إنجازات الحكومة الإسرائيلية في هذا الميدان، قائلاً: "في 15 سنة انخفض عدد ضحايا الإرهاب بشكل كبير في إسرائيل، وأمْكَنَ تجنّب عدة آلاف من الاعتداءات في السنة".

ودعا وزير العدل إلى "تواضع أكبر وإلى الواقعية"، بسبب "الوضعية المأساوية التي يوجد فيها بلدنا".

وتدخَّل المحامي الفرنسي من أصول يهودية ورئيس "المؤسسة اليهودية الفرنسية"، أرييل غولدمان، للدفاع عن سيوتي وعن إسرائيل وعن مراكز الحجز الإداري في إسرائيل، فكتب: "توجد كثير من الضمانات في هذه المراكز، ولكني أقولها من جديد: في لحظةٍ مَا يبقى الخيارُ هو ما ينقذ أبرياء"، في تبرير مكشوف لأي تجاوز للقانون.

وقد أصبحت إسرائيل، في الآونة الأخيرة، وجهة شبه ضرورية للسياسيين الفرنسيين، بمن فيهم اليمين المتطرف، الذي يُتَّهَم، عادة، بميوله المعادية للسامية.

 فقبل سنوات، زارت رئيسة حزب "الجبهة الوطنية"، مارين لوبين، إسرائيل، في محاولة لإصلاح العلاقات مع اليهود في فرنسا، وامتدحت النجاحات الأمنية "المشروعة في الدفاع عن أمن إسرائيل".

ولا يمكننا إغفال مواقف قيادات اشتراكية كبيرة من إسرائيل، على رأسها الرئيس فرانسوا هولاند الذي تميَّزَ بدعمه المكشوف لبنيامين نتنياهو في حربه على غزة قبل سنوات.

وكذلك، مواقف رئيس الحكومة، مانويل فالس، الذي أعلن عن "ارتباطه الأبدي" بإسرائيل، بعد زواجه بامرأة يهودية، فأصبح يهدد بمعاقبة كل الداعين لمقاطعة البضائع الإسرائيلية، معتبراً أن انتقاد إسرائيل أو "الصهيونية"، إنما هو نوع من معاداة السامية، الذي يعاقب عليه القانون الفرنسي.

أما حزب "الجمهوريون"، الذي لعب نيكولا ساركوزي الدور الأكبر في تأسيسه، لم تُخفِ شخصياتٌ كبيرةٌ ونافذةٌ فيه إعجابَها بدولة إسرائيل، بينها النائب غيوم لاريفي، الذي رافق إيريك سيوتي إلى إسرائيل.

فقد اعتبر لاريفي، أن "إسرائيل مثالٌ للبلد الذي يكافح الإرهاب بشكل مرن، وهي ديمقراطية حية، وأمّة شجاعة، يجب احترامها. وإن قرارات الحجز الإداري هي موضوع مُراقَبة قضائية حقيقية. إن إسرائيل تعرف قوة القانون".

ويبدو أن إسرائيل وسياساتها الأمنية أصبحت مثار إعجاب متزايد في أوساط "الجمهوريون"، التي ترشحه كل استطلاعات الرأي، للعودة للحكم في فرنسا سنة 2017.

قبل زيارة النواب الثلاثة إلى إسرائيل، كان عمدة مدينة نيس، كريستيان إستروزي، المقرب من ساركوزي، قد زار إسرائيل، في فبراير/شباط 2016، من أجل "استلهام المناهج الإسرائيلية المحلية في ميدان الأمن"، في أفق جعل مدينة نيس "مرجعية في ابتكار الأمن".

كما أن رجل القضاء الفرنسي السابق والنائب عن "الجمهوريون"، جورج فينيش، زار إسرائيل، وقبلها الولايات المتحدة الأميركية، لاستلهام الحلول الأمنية.

ويبدو أن خيار الاعتقال أو الحجز الإداري وتطبيقه في فرنسا أصبح يراود آمال الكثير من قيادات "الجمهوريون"، وعلى رأسهم ساركوزي.