أطباء مصر يستعدّون لانتخاب نقيبهم في معركة حامية

08 أكتوبر 2019
اقترب موعد اقتراعهم (ماركو دي لاورو/ Getty)
+ الخط -

من المقرَّر أن يتوجه يوم الجمعة 11 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، أطباء مصر إلى صناديق الاقتراع الخاصة بهم لاختيار نقيب جديد، وكذلك مجموعة من الأعضاء للنقابة العامة والنقابات الفرعية.

تبدو المعركة حامية في انتخابات التجديد النصفي لمجلس النقابة العامة لأطباء مصر، مع تنافس 16 مرشّحاً على مقعد النقيب، من أبرزهم النقيب الحالي حسين خيري، ممثل "تيار الاستقلال" الذي يملك الأغلبية الكاسحة من مجلس النقابة، ووكيل النقابة الحالي أسامة عبد الحيّ، ونقيب أطباء الجيزة محمد نصر، ونقيب أطباء شمال سيناء صلاح سلام، والعميد السابق لمعهد القلب القومي جمال شعبان. وقد دعت اللجنة المشرفة على انتخابات النقابة جميع المرشّحين إلى "التزام ميثاق الشرف الانتخابي، وعدم إقحام المعتقدات الدينية أو المواقف السياسية في العملية الانتخابية، أو تعرّض أيّ مرشح أو مؤيديه لوسائل دعاية من شأنها تشويه منافسيه"، مطالبةً مديري المنشآت الطبية الحكومية والخاصة بـ "تسهيل مهمة المرشَّحين في لقاء الأطباء وعرض برامجهم الانتخابية بلا تمييز بين المرشَّحين".

وتشمل المنافسة أربع قوائم تهدف إلى الفوز بمقعد النقيب وبمقاعد لعضوية النقابة العامة والنقابات الفرعية، وهي قائمة "الاستقلال" التي يرأسها حسين خيري، وتملك أغلبية المجلس الحالي، وقائمة "المستقبل"، وعلى رأسها أسامة عبد الحيّ، الفائز بمقعد وكيل النقابة على قائمة "الاستقلال" في الانتخابات السابقة قبل أن ينشقّ عنها، وقائمة "التقارب" التي شكّلها محمد نصر، وقائمة "أطباء مصر" التي يقودها اللواء السابق في الجيش المصري أحمد رؤوف.

ويُعدّ حسين خيري من أبرز المرشحين للفوز بمقعد النقيب الذي يشغله منذ عام 2015، نظراً إلى ما يحظى به من قبول لدى جموع الأطباء. فهو ساهم في تغيير منظومة تدريب أطباء الامتياز، وفي الربط ما بين أعضاء هيئة التدريس والنواب والامتياز والطلاب بشبكة بريد إلكتروني موحّدة بعد التعاقد مع شركة "غوغل" العالمية، الأمر الذي ساعد على تداول المعلومات، بالإضافة إلى تلافي آثار عدم انتظام سير الدراسة والامتحانات في كليات الطب. وكان خيري قد تولّى عمادة كلية طبّ قصر العيني في جامعة القاهرة بين عامَي 2011 و2014، ونجح في خلالها في تعيين معيدين أكاديميين وأساتذة مساعدين بعد النيابة مباشرة، وكذلك في رفع نسبة النشر الدولي للطلاب وأطباء الامتياز، فضلاً عن تجديد شبكة المياه والكهرباء والمجاري، وفتح مبنى الطوارئ الجديد، وإنشاء نظام إلكتروني يربط أقسام المستشفيات وعياداتها بعضها ببعض، وتجديد منافذ بيع الكتب للطلاب. وفي حملته الانتخابية الأخيرة، تعهّد خيري بإنشاء لجنة "حقوق المرضى" تهدف إلى تلقّي ملاحظاتهم والتعرّف إلى احتياجاتهم وشكاويهم، من خلال زيارة أعضائها المستشفيات للاستماع إليهم على أرض الواقع، وكذلك الاستماع إلى مشكلات الأطباء، ولا سيّما أن نحو أربعة آلاف طبيب قدّموا استقالاتهم في الأعوام الثلاثة الأخيرة، نتيجة تعرّضهم لاعتداءات جسدية ولفظية، إلى جانب تدنّي الرواتب وضعف الإمكانات في المستشفيات وسوء توزيع الأطباء بين المحافظات.




من جهته، تقدّم وكيل النقابة أسامة عبد الحيّ، بأوراق ترشّحه لمقعد النقيب، بعيداً عن قائمة "الاستقلال"، بدعوى استكمال ما بدأه في مجلس النقابة من استرداد لحقوق الأطباء مهنياً، معيداً قرار ترشّحه منفرداً إلى الخلاف الدائم في وجهات النظر مع مجلس النقابة الحالي. يُذكر أنّه يُعَدّ أقوى المنافسين للنقيب الحالي، في ضوء العلاقات التي نسجها مع الأطباء، بحكم منصبه الذي يشغله منذ أربعة أعوام.

أمّا نقيب أطباء الجيزة، محمد نصر، فوعد بالارتقاء بالمستوى المهني للأطباء، وتقريب الفوارق بين الأطباء علمياً وتدريبياً، ووضع ترتيب لكلّ الخرّيجين للتقدّم إلى كلّ الوظائف بلا وساطة ولا محسوبية، وتوحيد شهادة التخصص، سواء أكانت "زمالة" أم "بورد"، من خلال الجامعات، بالتعاون مع اللجان العملية في النقابة، وتدريب الخرّيجين في هيئة الرعاية الصحية، وزيادة عدد الأطباء في المؤتمرات العلمية الدولية التي تُعقَد في خارج مصر. كذلك تعهّد نصر في برنامجه الانتخابي بعدم تحميل الدولة أعباءً جديدة بزيادة الرواتب، باستثناء بدل العدوى، وتنمية تخصص طبيب الأسرة في نظام التأمين الصحي الشامل، واحتساب معاش الأطباء على أساس الدخل الشامل وليس الأساسي، والعمل على استصدار تشريع لتأمين حصانة الأطباء في أثناء العمل، مثل حصانة وكيل النيابة أو ضابط الشرطة.

وبالنسبة إلى نقيب الأطباء في محافظة شمال سيناء صلاح سلام، الذي يشغل منصبه منذ ثمانية أعوام، بالإضافة إلى كونه عضواً في "المجلس القومي لحقوق الإنسان" (رسمي) منذ عام 2013، فإنّه يروّج لنفسه على أنّه مرشّح الدولة الأوفر حظاً لنيل مقعد نقيب الأطباء، استناداً إلى علاقاته الوطيدة مع الأجهزة الأمنية، وخصوصاً "الأمن الوطني" التابع لوزارة الداخلية، على الرغم من محدودية علاقاته بالأطباء عموماً. وقد وعد سلام بإقرار حدّ أدنى لمدخول الطبيب بقيمة 11 ألف جنيه مصري (نحو 670 دولاراً أميركياً)، بهدف مواجهة ظاهرة هجرة الأطباء إلى الخارج، وذلك من خلال رفع تعرفة تذكرة الكشف في المستشفيات العامة، واقتطاع جزء من رسوم الطرقات لمصلحة قطاع الصحة، ورفع رواتب الأطباء، وتخصيص نسبة من الضرائب المحصّلة من قبل الأطباء لميزانية الصحة ونسبة أخرى لتراخيص العيادات، مع تحديد غرامة تصل إلى مليون جنيه (نحو 61 ألف دولار) كعقوبة للاعتداء على الأطباء.




وفي ما يتعلّق بالعميد السابق لمعهد القلب القومي جمال شعبان، فقد استفاد من قرار وزيرة الصحة هالة زايد، بإقالته من منصبه في مارس/ آذار الماضي، لتكوين شعبية بين الأطباء على منصّات التواصل الاجتماعي، معتمداً على نجاحه النسبي في الحدّ من قوائم انتظار المرضى في المعهد، وكذلك على إشادة أعضاء مجلس النواب والقنوات التلفزيونية بإدارته لمنظومة العمل في المعهد الذي يستقبل آلاف المرضى يومياً. وشعبان الذي نال بالفعل شهرة واسعة في خلال الأشهر الأخيرة، فضلاً عن حالة من التعاطف معه نتيجة قرار إقالته المفاجئ من منصبه، أكّد أنّ ترشّحه لمنصب النقيب جاء بهدف إثارة الملفات المسكوت عنها، وتطبيع العلاقات بين الأطباء والمجتمع ومؤسسات الدولة، وتأمين المستشفيات من خلال التعاقد مع شركات أمن محترفة، وإنشاء منظومة تأمين ضد أخطاء المهنة، وتنفيذ حكم القضاء برفع بدل العدوى للأطباء إلى ألف جنيه (نحو 60 دولاراً).