ودفعت حالة حبيبة الصحية والدتها للعودة بالذاكرة إلى عامين مضيا، عندما ركضت حاملةً جنينها تحت وقع القصف الإسرائيلي إلى إحدى مدارس الإيواء التابعة لوكالة "أونروا"، هربًا من الموت.
لكن أَمَل الأم في علاج ابنتها تحقق على يد وفود طبية أجنبية زارت غزة، بتنسيق من جمعية "إغاثة أطفال فلسطين". تقول والدة العمور لـ"العربي الجديد"، إن "افتقار القطاع لطواقم طبية متخصصة في جراحات القلب للأطفال، لم يكن أمرًا مُبشرًا قبل علاج طفلتها".
وتضيف الأم الفلسطينية، المقيمة بمنطقة الفخاري شرقي خان يونس جنوب قطاع غزة، "بعد الحرب الإسرائيلية عام 2014، ولدت ابنتي بمشاكل في القلب وأعراض أخرى، ولم نجد علاجًا لها لكون العمليات بالخارج تتطلب تنسيقا ومبالغ طائلة لا نقدر عليها نظرًا للوضع الاقتصادي السيئ الذي نمر به".
وقال والد الطفلة العمور، لـ"العربي الجديد"، إن الجمعية وفرت عليه عناء السفر وتكاليفه، عندما وضعت طفلته بقائمة العمليات الجراحية المنوي إجراؤها على يد وفود طبية يجلبونها إلى غزة، تضم أطباء أجانب يتطوعون للقدوم وإجراء عمليات جراحية للأطفال المصابين بفعل الحروب الإسرائيلية.
وفي بيت حانون شمالاً، وُلد الطفل مهند أبو عودة، بعد الحروب الإسرائيلية على غزة، بمشاكل في نبضات القلب، ولم يختلف حال عائلة أبو عودة كثيرًا عن عائلة العمور، فالوضع الاقتصادي السيئ الذي مرّت به العائلة بعد هدم الاحتلال لمنزلهم منع علاج طفلها.
يقول والد مهند لـ"العربي الجديد": "بعد ولادة ابني بتلك المشكلة، سافرت به إلى المشافي الإسرائيلية لكن العملية لم تتم، وعدت إلى غزة، ولم أجد ما أفعله"، مبينًا أنه بعد معاناة ابنه لفترة طويلة، تم إجراء عمليته بنجاح من قبل الوفود الطبية التي جاءت إلى غزة في السنوات الأخيرة.
وتوضح رئيسة قسم العناية بالمواليد في مستشفى النصر بغزة، شيرين عابد، أنه بناء على دراسة قامت بها حول تشوهات القلب لدى المواليد، فإن الأعوام من 2008 إلى 2015 شهدت زيادة في الأطفال المصابين مقارنة بالأعوام التي سبقت الحروب الإسرائيلية.
وتضيف استشارية طب الأطفال لـ"العربي الجديد"، أنه "على مدار الأعوام السابقة هناك زيادة في نسبة الحالات المصابة، الأمر الذي لا يعني بالضرورة ربط كل الحالات بتداعيات الحروب"، مبينةً أن "أغلب الأطفال المصابين هم من شمال غزة، كونها المنطقة الأكثر تعرضًا لويلات القصف الإسرائيلي".
ويشير مسؤول الوفود الطبية بجمعية إغاثة أطفال فلسطين في الشرق الأوسط، سهيل فليفل، إلى أن قدوم الأطباء من الخارج إلى غزة لإجراء عمليات جراحية تطوعية يأتي في إطار دعم ومساندة الغزّيين، ونظرًا لعدالة القضية الفلسطينية التي يُدافعون عنها.
ويوضح فليفل، أن الجمعية نجحت في علاج نحو 300 حالة منذ بدء مشروع جراحة القلب للأطفال بالقطاع عام 2013، من خلال الوفود الخارجية، لافتا إلى أن هذا التخصص غير موجود حتى الآن في الضفة الغربية وغزة.
ويقول مدير مكتب الجمعية بغزة، إنه "حسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية، يُولد 400 طفل سنويًا في غزة يحتاجون إلى عمليات جراحية أو متابعة علاجية، وهو عدد كبير"، مشيرًا إلى أن الوفود الطبية في حال قدومها أسبوعيًا إلى غزة فإنه يتم إجراء نحو 10 عمليات جراحية.
ويبين فليفل أن جلب الأطباء من الخارج يُوفر على عائلة الطفل عناء السفر واستخراج التصاريح، ولا تكلف الجهات المختصة بوزارة الصحة إلا بتجهيز المعدات اللازمة للعملية الجراحية، "كل ذلك يوفر على العائلات المحتاجة مبلغا يُقدر بـ20 ألف دولار أميركي لسفر أطفالهم للعلاج داخل إسرائيل".