أضلاع مثلث التعلم... تركيز وجدية وشغف

23 ابريل 2016
الشغف بالقراءة والاطلاع مهم للتحصيل الدراسي (Getty)
+ الخط -
نعيش في عالم مفتوح، تتوافر فيه كل وسائل التعلم، بداية من أكبر المراجع حتى أثقل المساقات (الكورسات)، لكننا لا نزال نواجه نفس المشكلة: كيفية التعلم وتحصيل أكبر قدر ممكن من الفائدة من خلال تلك المصادر، فأنت غالبا ما تشعر بتشتت شديد، ولا تعرف من أين تبدأ، وتدفعك هذه الكثرة إلى التأجيل، تأجيل قراءة هذا وتأجيل تعلم ذاك. وللتغلب على هذا التشتت إليك مجموعة من الأفكار التي قد تساعدك:

أولاً: قم بعمل مهمة واحدة في الوقت نفسه وبشكل متصل، مساق أو كتاب أو موضوع بحث واحد فقط، الدراسة المتصلة للشيء ذاته، هي سر اللعبة، لو كان التعلم مثلثاً فسوف تكون

أضلاعه هي: التركيز والجدية والشغف، التركيز بشكل متصل مع مهمة واحدة، أشبه ببناء هرم خوفو مثلاً، أما التركيز المتقطع فهو أشبه ببناء ألف هرم صغير بحجم لعب الأطفال، التركيز مع مهمة واحدة، هو ما يصنع فارقاً حقيقياً سريعا.

أضف لذلك أن "الشغف" هي كلمة واسعة وفضفاضة، غالباً ما تُستخدم بشكل "أسطوري"، يجد فيها بعضهم مبررا جيدا للهروب من بذل جهد حقيقي، والنوم 12 ساعة متواصلة، لأنه "ليس لديه شغف"، بينما الشغف في الحقيقة هو شيء يمكن "تخليقه"، من خلال مجرد الاعتماد على ميل خفيف قديم للعلوم أو الآداب بشكل عام.

من الخطأ النظر للشغف على أنه شيء سحري فوقيّ بعض الناس يولدون به وبعضهم لا يولد به. الشغف هو شيء ينشأ بسيطاً ويتطور مع الوقت والعمل والممارسة المستمرة، ليس ضرورياً أن تنشأ محباً للعزف على العود مثلاً من طفولتك، بل أن تطور ميلا ناحية الموسيقى لا أكثر، لذلك فالشغف هو روح عملية وليس قصيدة شعر. وهو الشيء الوحيد الذي يساعدك على تحمل صعوبة التعلم، التعلم عملية صعبة، وقد تكون محبطة وبطيئة، لذلك فغالباً ما يسقط المئات من القطار في أثناء الرحلة.


ثانياً: ضع الخطة ولا تنجح في تحقيقها:
 الخطط مهمة لكن اليأس ينتج دائماً من عدم إتمامها بنجاح، لذلك لا تهتم لفشلك هنا، وتعلم التالي: التخطيط ضروري، لكن أول عيوبه هو التقييد الذي يضعك فيه، لذلك كن مرناً في خططك قدر الإمكان، لتكن خططا هيكلية فقط لا تتعرض للتفاصيل، سوف يعطيك ذلك 50% من الحرية مقابل 50% من الالتزام، هنا سوف تضع عقلك في منطقة وسط.



ثالثاً: لتبدأ من أبسط المصادر ثم تستمر درجة بدرجة لأعلى
: واحدة من المشكلات الكبيرة هي أن يبدأ الشخص من المرجع textbook كبداية، ثم يتسبب ذلك بالطبع في إحباط سريع، لا تخجل من أن تبدأ بكتب المدارس، لطالما كانت كتب الثانوية العامة بداية رائعة.

في كل الأحوال نوّع مصادرك ونوّع شكلها، لتبحث في أكثر من مكان عن نفس الموضوع، سواء كان المرجع، أو كتابا للشرح المبسط، أو كتابا موضوعه موضح بالصور.
 

عدم الفهم من المرة الأولى لمحاولاتك مع الفيزياء الكمّية مثلاً، لا يعني أنك لا تستطيع هضم تلك المادة، من الممكن أن تكون طريقة تقديم الكتاب للمادة العلمية غير مناسبة. كل مصدر له وجهة نظر في الشرح، قد تحب التجريد بينما المصدر يعرض للمادة العلمية بطريقة قصصية، قد يكون المنهج وصفيا بينما تفهم أنت المعادلات أكثر، هناك مراجع تعليمية ومراجع ليست تعليمية، اسأل من سبقك بخطوة.

كما أن الكتاب ليس المصدر الوحيد للتعلم، المساقات المجانية على الويب تعتبر أفضل فرصة ممكنة للتعلم.. مواقع كـ Coursera و Edx مثلا تقدم كما ضخما من التخصصات لتعلمها بشكل دائم، جامعات ومعاهد كـ MIT وStanford تقوم بتسجيل محاضرات بعض المواد العلمية ورفعها مجاناً. يقدم المساق إطارا دراسيا كاملا يساعدك في التعامل كأنك في جامعة، وهو ما نعتبره أفضل طريق ممكن للتعلم، كذلك استخدم الورقة والقلم والسبورة في أثناء تعلمك للشرح وفهم التفاصيل والمعادلات والرسوم والخرائط، لتتعامل كأنك في فصل دراسي حقيقي.


وأخيراً: لا أحد يجري خلفك:
لا توجد مواعيد نهائية ولا امتحانات حولية، فقط أنت وما تريد أن تتعلمه، وتلك هي أهم نقطة، لأنها مقياس لهدفك من التعلم، أنت لا تحتاج أن تحصل على نوبل أو تحصل على كرسي فيزياء في هارفارد أو أن تنافس سارتر، كل ما تحتاجه أن تتعلم ما تحب، بلا أي أهداف مستقبلية غير الاستمرار في متابعة تلك العملية، لا أكثر.  

 

نصائح سريعة

1- اهتم بالعلم وليس "ما حول العلم"، بالمصادر الحقيقية لتعلم الفيزياء بداية من الميكانيكا وصعوداً حتى الفيزياء الحديثة، كتب مثل "الكون في قشرة جوز" و"الكون الأنيق" تقدم نوعا من التعريف البسيط بأساسات الفيزياء الكونية، لكن لا يمكن اعتباره "تعلم فيزياء"، كذلك بالنسبة للفلسفة، والاجتماع وأي شيء آخر.

2-  "القراءة السريعة" يمكن أن تطور قدراتك على القراءة؛ السر الوحيد لقراءة سريعة هو القراءة في نفس الموضوع لأكثر من مرة، الكتاب الأول في الثقوب السوداء سوف يكون صعباً بالتأكيد، بينما يمكنك إنهاء الكتاب الخامس في ليلة، تلك هي القراءة السريعة.

3- لا تكن مثالياً، محاضرة أفضل من لا شيء، وتصفح كتاب أفضل من ألا تقرأه.

4- التواصل مع آخرين يتناقشون في نفس الموضوعات التي تهتم بها هو ضرورة إضافية سوف تتفاجأ من كم الاختلاف في طرق الفهم والفائدة والمتعة في ذلك.

5- يجب أن تكسر حاجز اللغة.

6- لا تهتم كثيراً بتوضيح وجهة نظرك للآخرين. اختر هدفاً وحاول أن تعش من خلاله.

 

المساهمون