وتستقبل المدابغ في مصر جلود الأضاحي، رغم تشوّهها بسبب عدم كفاءة القائمين على عمليتي الذبح والسلخ، الأمر الذي يخفض سعرها مقارنة بالأضاحي المذبوحة داخل أماكن مخصصة للذبح.
وتمثل جلود الأضاحي نحو 15% من إجمالي إنتاج مصر السنوي البالغ نحو 7 ملايين قطعة، ويجري تصدير 80% منه بعد دباغته، فيما يتم تصنيع 20% محلياً، بحسب غرفة صناعة الجلود في اتحاد الصناعات المصري، التي تؤكد سعي الحكومة المصرية للوصول بصادرات هذا المجال، لأكثر من مليار دولار سنوياً مع 2020، مقارنة مع نحو 200 مليون دولار حاليا.
وفي إطار الاستفادة منها، حثّت مؤسسات وجهات حكومية مصرية، على التبرع بجلود الأضاحي، لطرحها وبيعها في مزادات علنية، لصالح دعم مرضى السرطان، وأعمال خيرية أخرى.
يقول حمدي حرب، عضو مجلس إدارة غرفة دباغة الجلود باتحاد الصناعات المصري، لـ"الأناضول" إن "صناعة الجلود من أعرق الصناعات الموروثة عن قدماء المصريين، لكنها تواجه تحديات كبيرة".
ويوضح حرب، أن هذه التحديات تتمثل في تصدير الجلود الخام للخارج، ونقصها في السوق ما يدمر الصناعة المحلية، ويسبب خسائر مالية فادحة للبلاد، لاستيراد المنتجات الجلدية الجاهزة من الخارج".
وترفع المدابغ بمصر، خلال فترة عيد الأضحى، حالة الاستعداد، فتعمل على فترتين مدة 20 ساعة تقريبا، في ظل شكاوى متكررة من أصحاب مصانع الجلود جراء انقطاع الماء والكهرباء خلال فترات العمل.
وتعتمد المدابغ جلود الأضاحي في توفير احتياجاتها من الجلود لمدة 6 أشهر مقبلة، إلا أن المنطقة الحرة في مصر تحصل على كمية كبيرة منها، ما يحدث نُدرة في صناعة الجلود في فترات كبيرة من العام"، بحسب "حرب".
وفقا لتجار ومهتمين بصناعة الجلود في مصر، فإن أسعارها تتراجع خلال فترة عيد الأضحى إلى حوالي النصف، وذلك لوفرة المعروض منها بعد عملية الذبح.
ويصل سعر الجلد البقري إلى 500 جنيه (28.2 دولارا) للقطعة، والجاموسي 400 جنيه (22.6 دولارا)، والبتلو (العجل الصغير) 200 جنيه (11.3 دولارا) والأغنام 10 جنيهات (0.565 دولار).
ويؤكد متخصصون في هذا المجال، أن أسعار الجلود ترتفع وتنخفض وفقا لبورصة الجلود العالمية (الجلد الخام)، إذ إنها لا ترتبط مطلقا بالسوق المحلية أو بالمستهلك المصري.
ويقول أمين فوزي، رئيس شعبة المنتجات الجلدية باتحاد الصناعات المصري سابقا، إن الأضاحي تنعش سوق الجلود في مصر كل عام.
ويضيف فوزي، أن القيود التي فرضتها وزارة التجارة والصناعة على المنتجات المستوردة (من الخارج)، أنعشت حركة البيع بالسوق المحلي خلال الفترة الأخيرة".
ويبلغ عدد المدابغ في مصر نحو 1200 مدبغة متركزة في منطقة سور مجري العيون، وتشير بيانات المجلس التصديري للجلود في مصر، إلى أنّ "صادرات البلاد من هذه السلعة تصل إلى 1.2 مليار جنيه سنوياً".
وفي يونيو/حزيران الماضي، فرضت الوزارة قواعد جديدة للاستيراد، إذ شددت شروط تسجيل المستوردين، وذلك في محاولة لتخفيف العجز التجاري ودعم الصناعة المحلية.
وتترجم الحكومة اهتمامها بقطاع الجلود ودباغتها، عبر سعيها للانتهاء من نقل المصانع من منطقة "الضيفة"، في مصر القديمة (سور مجرى العيون)، التي تبلغ مساحتها نحو 70 فدانا (قرابة 300 ألف متر مربع)، إلى منطقة "الروبيكي"، على مساحة 1629 فدانا (قرابة 6 ملايين 850 ألف متر مربع)، مع حلول 2018.
وتابع فوزي، أن "نقل مصانع الدباغة من مصر القديمة لمنطقة الروبيكي (شمال شرقي القاهرة)، يعد نقلة كبيرة في صناعة الجلود بمصر مستقبلا". وأشار إلى أن صغار الدبّاغين هم المتضرر الأكبر في الوقت الراهن.
وأضاف "كنت من أوائل المُطالبين بنقل المصانع (دبغ الجلود)، للحد من التلوث والتكدّس الناجم عن وجودها في منطقة مصر القديمة، لكن صعوبة المواصلات وعدم توفير سكن للعمالة، يشكّلان عبئا جديدا.
وتضم منطقة مصر القديمة حوالي 320 مدبغة خاصة، ومخازن للجلود الخام والكيماويات، وورش صيانة ووحدات إنتاج الغراء والجيلاتين، ويعمل بها نحو 8 آلاف عامل.
وتعاني منطقة مصر القديمة من مخاطر صحية وبيئية جراء عمليات دبغ الجلود بالطرق التقليدية، واستخدام المواد الكيميائية لمعالجة الجلود، ما دفع الحكومة المصرية إلى البدء بنقل المدابغ بمنطقة "الروبيكي".