أصدقاء لغتنا: مع محمد شاير

19 فبراير 2020
(محمد شاير)
+ الخط -
 
 
 

تقف هذه الزاوية عند مترجمي الأدب العربي إلى اللغات العالمية، ما هي مشاغلهم وحكاية صداقتهم مع لغتنا. " ما تمتلكه اللغة العربية من قوّة تجعل إيصال الرسالة القوية التي تحملها إلى كل شعوب العالم أمراً ضرورياً"، يقول المترجم التركي.


■ متى وكيف بدأت علاقتك باللغة العربية؟

- بدأت علاقتي بالعربية منذ ولادتي، لأنَّ اللغة العربية هي المحكية في مدينتي التي وُلدت فيها، وهي ماردين. وأمّا الترجمة، فبدأت علاقتي بها عام 1988؛ عندما كنت طالباً أدرس اللغة العربية وآدابها في جامعة أنقرة.


■ ما أوّلُ كتاب ترجمته وكيف جرى تلقّيه؟

- كما ذكرت... أوّلُ تجربةٍ لي في مجال الترجمة كانت أيام الدراسة عام 1988. وبعد التخرُّج عملتُ مترجِماً من العربية إلى التركية في دائرة الأخبار بمديرية الإعلام التابعة لرئاسة الوزراء التركية آنذاك لمدّة 14 سنةً (1993 - 2006). وأمّا الترجمة كعمل منشور أو مطبوع من اللغة العربية إلى التركية فبدأت عام 2008 بترجمة مسلسل "الظاهر بيبرس" الذي جرى عرضُه على شاشات التلفزيون التركي. وفي 2015، ترجمتُ "مجموعة القصص القطرية" التي جرى نشرُها في قطر في السنة الموالية. كذلك، ترجمت منذ 2005 مختاراتٍ للشاعر السوري نزار قباني تضمّ غالباً قصائده الملحّنة، وقد نُشرت عام 2018 تحت عنوان "كلمات ليست كالكلمات".

 

■ ما آخر إصداراتك المترجمة من العربية وما هو إصدارك القادم؟

- آخر إصدار مترجَم لي من العربية إلى التركية هو كتابٌ للمفكّر والكاتب المغربي محمد عابد الجابري، وصدر أواخر 2019. يتكوّن العملُ من كتابَين، الأول "الدين والدولة وتطبيق الشريعة" والثاني "الديمقراطية وحقوق الإنسان". وأمّا في ما يتعلّق بالإصدار القادم، فلا يوجد حالياً.


■ ما العقبات التي تواجهك كمترجم من اللغة العربية؟

- في الحقيقة ليس هناك عقبات لغوية تُذكَر بالنسبة إلى الترجمة من العربية إلى التركية من ناحيتي. ولكن على سبيل المثال، أستطيع أن أذكُر مشكلةَ ترجمة "ياء النسب"؛ حيث لا توجد حالة واحدة لما يقابلها في اللغة التركية، ممّا يسبّب عدم التناسق والتناغم بين العبارات من ناحية الشكل والأصوات، وهذه المشكلة لا علاقة لها باللغة العربية.

وأمّا في ما يتعلّق بنشر وطباعة أعمال أدبية مترجمة ومختارة من قبل أيّ مترجم، فهذا أمر صعب للغاية من ناحية إقناع الناشر بنشر العمل المترجَم، وخاصّةً إذا كان شعراً.


■ نلاحظ أن الاهتمام يقتصر على ترجمة الأدب العربي وفق نظرة واهتمام معينين، ولا يشمل الفكر وبقية الإنتاج المعرفي العربي، كيف تنظر إلى هذا الأمر وما هو السبيل لتجاوز هذه الحالة؟

- أرى أن هناك اهتماماً بالأعمال الجيدة؛ فمثلاً جرت ترجمة الكثير من أعمال محمد عابد الجابري إلى التركية. ولا أظنُّ أنّها لقيت هذا الاهتمام فقط لأنّها تتناول المسائل الدينية، بل لأنها تُعبّر - في رأيي الشخصي - عن آراء قيّمة وفريدة.

وأمّا السبيل إلى تجاوز الحالة التي أشرتُم إليها، فهو إنتاج أعمال قيّمة في المجال الفكري والمعرفي فيها ما يُميّزها من إبداع وأفكار وآراء. ثم لا بدّ من سياسة للتعريف بالأعمال الجديدة ودعمها ودعم ترجمتها من قبل المؤسّسات والمعنيّين.


■ هل هناك تعاون بينك وبين مؤسّسات في العالم العربي أو بين أفراد وما شكل التعاون الذي تتطلع إليه؟

- ليس هناك أيُّ تعاونٍ بيني وبين أي مؤسّسة عربية سوى ما ذكرتُ عن ترجمة ونشر "مجموعة القصص القطرية" التي نُشرت من قبل وزارة الثقافة والرياضة القطرية. وأمّا في ما يتعلّق بالتعاون في هذا المجال، فأرى أن تنظيم ندوات وحتى مؤتمرات وورشات عمل من شأنه أن يدعم التعاون نحو أعمال ترجمة أفضل من العربية إلى التركية.


■ ما هي المزايا الأساسية للأدب العربي ولماذا من المهم أن يصل إلى العالم؟

- برأيي، فإنَّ المزايا الأساسية التي يتميّز بها الأدب العربي هي اللغة العربية الغنية بمفرداتها وتعبيراتها، بالإضافة إلى الثقافة العربية العريقة والبيئة العربية المليئة بالأحداث والحالات التي قد لا يمكن أن يشهدها المرء في بيئات أخرى، وكذلك الروح العربية الحسّاسة والفريدة من نوعها، والتي كانت وما زالت تستقي من كلّ هذه العوامل التي ذكرناها.

وكل تلك المزايا، التي تُعدّ انعكاساً لثقافة عريقة كان لها تأثيرها في الكثير من الشعوب والحضارات عبر التاريخ من خلال ما تمتلكه اللغة العربية من قوّة، تجعل إيصال الرسالة القوية التي تحملها هذه اللغة إلى كل شعوب العالم أمراً ضرورياً.


بطاقة

Mehmet Şayir مترجم تركي من مواليد 1971 في مدينة ماردين بتركيا. درس في "ثانوية المعلّمين" ثم التحق بقسم اللغة العربية وآدابها في كلية اللغات والتاريخ والجغرافيا بجامعة أنقرة وتخرّج منها عام 1990. عمل مترجِماً في دائرة الأخبار بالمديرية العامة للإعلام التابعة لرئاسة الوزراء التركية (1993 - 2006). يعمل منذ 2011 أستاذاً محاضراً في قسم اللغة العربية بمعهد اللغات الأجنبية في جامعة الغازي بأنقرة. ترجم من العربية إلى التركية: "مجموعة القصص القطرية" (2016)، و"كلمات ليست كالكلمات" (2018)؛ ويضمّ مختارات شعرية نزار قباني، و"الدين والدولة وتطبيق الشريعة - الديمقراطية وحقوق الإنسان" لمحمد عابد الجابري (2019).
 

 
المساهمون