تقف هذه الزاوية عند مترجمي الأدب العربي إلى اللغات العالمية المختلفة، ما هي مشاغلهم وأسئلتهم وحكاية صداقتهم مع اللغة العربية. هنا يتحدّث المترجم الإيطالي سيموني سيبيليو عن واقع الترجمة من العربية إلى الإيطالية وآماله حوله.
■ متى وكيف بدأت علاقتك باللغة العربية؟
بدأت علاقتي مع اللغة العربية في "جامعة نابولي الشرقية" في تسعينيات القرن الماضي. هناك، في مدينة مفعمة بالروح المتوسطيّة، وبالشعور بالضيافة والتشابك الاجتماعي، بدأت حكايتي مع اللغة والثقافة والأدب العربي، ضمن مسار تطوّري الإنساني والمهني، والذي لم يتوقف بل استمر بعد أن مررت إلى الجانب الآخر من الكرسي الأكاديمي، في محاولة لإعادة ما تلقيته من علم وقيم ومبادئ إنسانية، على أمل المساهمة بوسائلي وإمكانياتي القليلة في تعزيز الحوار بين الحضارات من أجل مستقبل أفضل.
■ ما هو أول كتاب ترجمته وكيف جرى تلقيه؟
منذ بداياتي كدارس وباحث، اشتغلت على ترجمة الشعر العربي الحديث، وأوّل كتاب ترجمته هو "أغاني أفريقيا" للشاعر السوداني محمد الفيتوري. بالنسبة لتلقيه، لا أستطيع الحديث عن تقييم موضوعي، نظراً لعدم وجود بيانات موثوق بها، وغياب الشعر أو قلته في الدائرة النشرية الإيطالية.
■ ما هو آخر إصداراتك المترجمة من العربية وما هو إصدارك القادم؟
آخر إصداراتي المترجمة من العربية مقطعان، الأول من رواية عاطف أبو سيف "حياة معلّقة" لعدد خاص في جريدة L’Internazionale المعروفة، عن الفنون الفلسطينية أعدته سعاد العامري، ومختارات للشاعر المغربي محمد مقصيدي. إصداري القادم سيكون مختارات من الشعر العربي.
■ ما العقبات التي تواجهك كمترجم من اللغة العربية؟
أهم العقبات هي المتعلقة بسياق البناء النحوي للغة العربية، وفي ترجمة عبارات أو مفاهيم ثقافية محدّدة.
■ نلاحظ أن الاهتمام يقتصر على ترجمة الأدب العربي وفق نظرة واهتمام معينين، ولا يشمل الفكر وبقية الإنتاج المعرفي العربي، كيف تنظر إلى هذا الأمر وما هو السبيل لتجاوز هذه الحالة؟
لا أرى ذلك. أعتقد أن الاهتمام الغربي بصفة عامّة، واهتمام النشر الأوروبي بصفة خاصّة، يشمل عدّة مجالات اليوم من الجغرافيا السياسية إلى الدراسات الإسلامية، من الفكر إلى وسائل الإعلام. طبعاً تلعب ترجمة الأدب العربي دوراً أساسياً في مكافحة التحاملات والتحيّزات والأحكام المسبقة، وتقديم مرآة لما يعيشه ويشعر به جزء كبير من المجتمع العربي، من مشاعر وأحلام واحتياجات ومخاوف. أما الفكر وبقية الإنتاج المعرفي العربي، فالموضوع يصبح أكثر تعقيداً لأنه يعتمد على سوق النشر ومنطقه ودواليبه التجارية.
■ هل هناك تعاون بينك وبين مؤسسات في العالم العربي أو بين أفراد، وما شكل التعاون الذي تتطلّع إليه؟
لا يوجد تعاون بيننا وبين مؤسسات في العالم العربي، ولا يوجد شكل من أشكال دعم أو تمويل ترجمة الإنتاج المعرفي والأدبي العربي. هذا النقص أو انعدام الرؤية السياسية والثقافية، هو العامل الأساسي في هذا المأزق، ويفسّر الصعوبات التي نواجهها في عملنا اليومي، كما أنه دليل على الأزمة الثقافية العميقة في العالم العربي اليوم.
بطاقة
Simone Sibilio باحث ومترجم إيطالي ومدرّس اللغة العربية وآدابها في "جامعة كافوسكاري" في البندقية، وفي "الجامعة الحرة للغات وعلوم الاتصال - يولم" في ميلانو. يهتم خصوصاً بالشعر العربي الحديث، والترجمة، ووسائل الإعلام والسينما العربية، والقضية الفلسطينية. وبين أبرز دراساته البحثية: "الذاكرة الأدبية للنكبة الفلسطينية" (2013، بالإيطالية). ترجم العديد من الشعراء العرب من بينهم محمود درويش، ومحمد الفيتوري، وطلال حيدر، وعاشور الطويبي، وغسان زقطان، ومنصف الوهايبي.