أصحاب "السترات الصفراء" يعودون لشوارع باريس بعد توقف اضطراري

12 سبتمبر 2020
الحركة تواجه اختبار العودة (جولين ماتيا/ الأناضول)
+ الخط -

عاد نشطاء حركة "السترات الصفراء"، اليوم السبت، إلى الخروج في مظاهرات بفرنسا، بعد أن تراجعت في الأشهر الأخيرة الاحتجاجات ضد سياسات الرئيس إيمانويل ماكرون، وذلك في اختبار جدي لمستقبل الحركة، بعدما شلت الأزمة الصحية الناجمة عن جائحة كورونا التحركات وأدت إلى تعليقها.

وحتى ظهر اليوم السبت، أعلنت مديرية شرطة باريس اعتقال 193 متظاهراً، تم إصدار قرار باحتجاز 54 منهم، بعد اشتباكات اندلعت بين المتظاهرين وقوات الشرطة. وفرضت السلطات الأمنية إجراءات استثنائية شملت إغلاق مداخل شوارع عديدة بسواتر وسيارات للشرطة للحد من سير مواكب المتظاهرين التي خرجت في 5 نقاط في العاصمة الفرنسية باريس، في موازاة تظاهرات أخرى خرجت في مدن مرسيليا، وتولوز، وليون، وليل، ونانت، ونيس، وبوردو، وستراسبورغ.

وبينما شهدت ساعات الذروة حرب أرقام بين جماعة "السترات الصفراء" والسلطات الفرنسية، أعلنت الأرقام الحكومية أن بضعة آلاف فقط استجابوا للدعوة، وأن نحو 1000 شخص تجمعوا في الدائرة 17 في العاصمة باريس، وهي كانت إحدى نقاط انطلاق المواكب، فيما قال منظمو احتجاجات السبت إن المشاركين حتى أولى ساعات ظهر يوم السبت بين 8 إلى 10 آلاف شخص.
وكانت الانطلاقة من جادة الشانزلزيه في التاسعة صباحاً، لكن الشرطة كانت قد استدعت جيداً منذ ظهر يوم أمس الجمعة، حيث أغلقت المنطقة بالكامل، وسدت كل المداخل لمنع المتظاهرين من الوصول إلى المركز التقليدي لمتظاهري الحركة، فيما سمح لهم بالتظاهر في منطقتين في محيط الشانزلزيه. وبرر محافظ الشرطة ديدييه لالما بأنه "لا يمكن السماح بأن يكون هناك فوضى في الشانزلزيه".

وقبيل التظاهرات، انتشرت في شوارع العاصمة والضواحي الباريسية لافتات وملصقات كثيرة تدعو الفرنسيين للنزول إلى الشارع اليوم السبت، كتب عليها "لحياة أفضل، لوقف الامتيازات، من أجل ديمقراطية مباشرة وتشاركية... كونوا معنا في 12 سبتمبر".

وبحسب ما نقلت وسائل إعلام فرنسية عن مصادر في الشرطة، فإن السلطات تتوقع وصول ما بين 4 و5 آلاف متظاهر ممن يطلق عليهم تسمية "ألترا راديكو" (المتطرفون جدا) بنية إحداث أعمال شغب وتكسير للممتلكات العامة.
وفي مناطق أخرى خارج العاصمة، كانت إجراءات الشرطة أسهل للحد من تحركات جماعة "السترات الصفراء"، حيث حظرت الشرطة في مدينة تولوز التظاهر، وأصدرت بياناً بررت فيه قرارها بالقول إن "ارتفاع معدلات انتشار فيروس كورونا (..) وما أحدثته تحركات الجماعة من تبعات خطيرة على الممتلكات العامة" استدعت اتخاذ قرار حظر تحركات يوم السبت.

وما تزال حركة "السترات الصفراء" متمسكة بالمطالب التي طرحتها خلال تحركاتها ما قبل فرض الحجر الصحي في فرنسا. وفي هذا السياق، قال ريمي، وهو أحد أعضاء الفريق الإعلامي للجماعة في باريس، لـ"العربي الجديد": "ما زلنا ننتظر إجراءات ملموسة وفورية من الحكومة لمساعدة الفئات الأكثر حرماناً".  وأضاف "مطالبنا واضحة وبسيطة للغاية: خفض ضريبة القيمة المضافة على الضروريات الأساسية، ورفع مساعدة APL (مساعدة تقدمها الحكومة الفرنسية للعاطلين عن العمل وذوي الدخل المحدود لدفع إيجارات سكنهم)، و/أو تشديد الرقابة على أسعار الإيجارات، وتوفير المزيد من فرص العمل والخدمات للأشخاص ذوي الإعاقة، وبلا شك تأمين سكن فوري لأولئك الذين هم بلا مأوى ويعيشون في ظروف غير إنسانية في الشارع".

وتابع ريمي شرح مطالب الحركة قائلاً "المستشفيات ومقدمو الرعاية الصحية والمساعدة المنزلية على شفا الهاوية. لا مزيد من المعدات، رواتب زهيدة بحسب للدراسات التي أجريت. كما نطالب بتخفيض رسوم الشركات التي تفي بمعايير معينة، زيادة الحد الأدنى للأجور، المزيد من الموارد للتعليم الوطني، ووضع خطة من أجل الضواحي للخروج من الفقر لمن يتطلعون إلى مستقبل أفضل وحياة أكثر إنسانية".

وحذّر ريمي من أن الحريات باتت في خطر، خصوصاً مع ما أحدثه الحجر الصحي بعد جائحة كورونا، مضيفاً "نظرة عامة للمواطنين على ما يحدث في بلادنا، فإن الحريات تنتهك بشكل متزايد، وتتضاءل الظروف المعيشية عاماً بعد عام (..) هذا يفرض على كل فرنسي متابعة حركة الاحتجاج التي بدأت منذ 17/11/2018". وختم ريمي حديثه لـ" العربي الجديد" بالقول إن "التحركات التي بدأت اليوم كانت ثمرة تخطيط منذ فترة طويلة، وتنسيق انضمت له العديد من الجمعيات والتجمعات والنقابات وعدد كبير من الموظفين (..) ولذلك سنعلن أن يوم 17 سبتمبر/ أيلول سيكون يوم إضراب وطني في فرنسا".

ويأمل كثر أن تسفر التحركات هذه المرة عن تغيير حقيقي، مع تصاعد الغضب وولادة حركات أخرى نجحت في جمع عشرات آلاف الأشخاص للتظاهر ضد سياسات الحكومة خلال الأشهر القليلة الماضية، وخصوصاً تلك التي تعنى بشؤون المهاجرين والعنصرية وعنف الشرطة.