أصبن بالسرطان... فطُلِّقن

02 نوفمبر 2016
لم تفكّر في احتمال أن يطلّقها زوجها (محمد الحجار)
+ الخط -
لا تنحصر معاناة مريضات السرطان في قطاع غزة بالحصار، وبالتالي نقص الأدوية والاضطرار إلى العلاج في الخارج. في بعض الأحيان، لا يتردّد أزواجهن في تطليقهن بسبب المرض. بعض هؤلاء يرون أن زوجاتهم لم يعدن قادرات على تحمّل المسؤوليات داخل الأسرة.

وأُثيرت قضيّة النساء المطلّقات بسبب مرض السرطان، أخيراً، بعدما كشف عميد كلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة الإسراء، في غزة، علاء مطر، عن أن 38 في المائة من مريضات السرطان في القطاع طلقهن أزواجهن بعد اكتشاف إصابتهن بأمراض السرطان، وذلك في إطار بحث حول مدى رضا مريضات السرطان في قطاع غزة عن الخدمات الصحية المقدمة لهن.

وتبيّن الدراسة أن البعض اعتبروا المرض معدياً في ظل عدم معرفة شيء عنه. كذلك، يرى آخرون أن المرأة المصابة بسرطان الثدي تكون قد فقدت شيئاً من أنوثتها، وبالتالي لم تعد مناسبة كزوجة، عدا عن مصاريف العلاج التي تفوق قدرة الأزواج. بعدما عرفت غادة (38 عاماً) إصابتها بمرض سرطان الدم، أخبرت أسرتها، فما كان من زوجها إلّا أن طلّقها بعد أسبوع فقط، وقد اعتبر أنها لم تعد تصلح لتكون أمّاً وتتحمّل مسؤوليات الأسرة. تقول لـ "العربي الجديد": "تحوّلت فجأة إلى عار على الأسرة، فأراد زوجي التخلّص مني. حين توجّهت إلى جمعيّة تعنى بشؤون النساء المرضى، لاحظت أن كثيرات قد واجهن مشكلتي نفسها". في الوقت الحالي، يتكفّل أشقّاء غادة بمصاريف علاجها. وأكثر ما يضايقها اليوم هو بعد ابنتها عنها.



من جهتها، تقول أمينة (40 عاماً)، التي تعيش في مخيم الشاطئ (غرب مدينة غزة) مع والدها البالغ من العمر 80 عاماً ووالدتها البالغة من العمر 70 عاماً، إن زوجها طلّقها العام الماضي بعد اكتشاف إصابتها بسرطان نخاع العظم المتعدد، لتحرم من أبنائها الأربعة. حالياً، تعيش في منزل والدها، وتعتمد على المساعدات التي تحصل عليها من وزارة الشؤون الاجتماعية كل ثلاثة أشهر، ولا ترى أبناءها إلّا مرة واحدة كل أسبوعين.

تجدر الإشارة إلى أنّ المبلغ الذي تحصل عليه من الوزارة لا يتجاوز 270 دولاراً، وهو لا يكفي لتغطية مصاريف علاجها وغيرها من الاحتياجات الأساسية. تقول لـ "لعربي الجديد": "على مدى شهرين، عانيت من الوحدة، وقد استعنت بمعالجين نفسيّين". تضيف: "لا أعرف إن كان زوجي السبب أم المرض، فقد خسرت كلّ شيء".

لم تفكّر أمينة في احتمال أن يطلّقها زوجها. تضيف: "للأسف، بعض الأشخاص يتعاملون مع المرض وكأنّه وصمة عار"، مشيرة إلى أن زوجها السابق منع أولادها من لمسها، معتقداً أنّ المرض معد. أما نجوى سعد (34 عاماً)، فقد أصيبت بسرطان الثدي مطلع العام الحالي. أمرٌ أدّى إلى حدوث مشاكل مع زوجها وطلاقها لاحقاً. وبعد أربعة أشهر، حكمت المحكمة بحقه في رعاية طفليه بسبب إصابة الوالدة بالسرطان. تقول لـ "العربي الجديد": "كنت أعمل في مجال التعليم. وبعدما عرفت بإصابتي بالسرطان، تركت العمل من أجل العلاج والاهتمام بطفلي. لكن المشاكل الكثيرة أوصلتني إلى الطلاق. وللأسف، لا أمل كبيراً لدي في الشفاء".

في هذا السياق، تلفت المساعدة الاجتماعية، نوال المغربي، التي تهتم بمساعدة المصابات بالسرطان في ثلاث جمعيات محلية، إلى غياب ثقافة التعامل مع المريض في قطاع غزة ضمن العائلة، بالإضافة إلى عدم قدرة كثيرين على التفرقة بين الأمراض المعدية وغير المعدية. تقول لـ "العربي الجديد": "إنّنا نعاني من نقص في القطاع في ما يتعلق بكيفيّة التعامل مع المرضى"، لافتة إلى الحاجة إلى إعطاء أولويّة للعناية النفسية، خصوصاً أن الراحة تساعد المريض على الشفاء.

وتلفت المغربي إلى أنه في ظل مجتمع ذكوري والعادات والتقاليد، يعتقد الرجل بوجوب تطليق زوجته المصابة بالسرطان، والزواج من أخرى.

المساهمون