أصبحت امرأة

13 ديسمبر 2014
هذه اللحظة تتوّجها امرأة (ماثيو ألكسندر/فرانس برس)
+ الخط -
كانت في الصف حين بدأت زميلاتها الحديث عن العادة الشهرية. كن ما يزلن دون العشر سنوات. ماذا تكون هذه العادة؟ كان عليها أن تعرف. شرحت لها والدتها ما سيحصل معها. استغربت قليلاً ونست الأمر إلى أن حان دورها. توقعت أن تبكي على غرار صديقاتها. لكنها لم تفعل. خجلت من سعادة كانت عاجزة عن إخفائها. نعم كانت سعيدة. هذه اللحظة تتوّجها امرأة. قريباً ستلبس حمالة الصدر. أليس هذا كافياً لتكون سعيدة؟

بعد العادة، كثيراً ما صارت تتأمّل جسدها عدا الأسبوع الذي تأتيها فيه. خلاله، تتكوّر على نفسها، تشدّ على معدتها خشية أن تتمزّق. الأدوية لا تسكّن الألم على الفور. وإلى حين سريان مفعولها، تبدو مستعدة للتنازل عن أنوثتها.

رأت في عيون زملائها الصبيان ذلك الفضول. متى؟ ماذا عن هذه؟ من تكون شاحبة الوجه اليوم؟ أو تسند رأسها إلى الحائط وتلفّ بطنها بشال؟ من طلبت كوباً من الشاي؟ أو سألت صديقتها أن تنظر إليها وهي تمشي، لتتأكد أن ثيابها خالية من أية بقعة؟ كان ذلك أشبه بتواطؤ غير معلن بين الفتيات والصبيان. هنّ يعشن الدورة الشهرية سراً، وهم يقرأون ما بين السطور، ويكتشفون "رجولتهم".

بقي الهمس لغة مشتركة بين الفتيات من جهة والصبيان من جهة أخرى. الخجل غير المفهوم أيضاً. لماذا قد تخجل الفتاة من أنوثتها؟

في البيت، تصل الفوط الصحية إلى النساء والفتيات سراً. كأنها تسلك طريقاً غير شرعي كي لا يراها الرجل، حتى الأب والشقيق، ولاحقاً الزميل في العمل. كأن بعض النساء ما زلن مصرّات على الهرب من "شيطنة" الصف. برأي هؤلاء، ضحكات الصبيان ستصير ضحكات رجال. ينبع ذلك أيضاً من عدم تفهم كثيرين للتغيرات السلوكية التي تطرأ على المرأة. منها التوتر، الضغط النفسي، القلق، العصبية الزائدة، فرط الحساسية، الرغبة في البكاء، صعوبة التركيز، والتعب.

ففي أي موقف تبدو فيه المرأة عصبية، يلفت الرجل إلى تغيّر هرموني لا بد أنها تعاني منه. هذا التهكّم يجعل بعضهن في حالة "تستّر" دائم على الحيض ومزاجيتهن. كأنهن بذلك مجبرات على حماية الرجل من "هرموناتهن" بدلاً من تفهّم الرجل لهن، علماً أن الأمر لا يدوم طويلاً، ولا يشكل عبئاً عليه.

تتردّد بعض النساء أيضاً في الاستفادة من الأنظمة الداخلية لبعض الشركات التي تسمح للمرأة بيوم إجازة مدفوعة في الشهر أثناء الحيض. لا يردن أن يعرف الزملاء "سرهنّ". فكما اعتادت الفتاة أن تعدّ الشطيرة لشقيقها، اعتادت أيضاً أن تحميه من تغيرات جسدها التي لا دخل لها فيها. عجزت عن الاحتفاظ بالسعادة الأولى، وهو استغلّ فشلها هذا.​
دلالات
المساهمون