أشعل في نفسه النار فطال لهيبها العرب

17 ديسمبر 2014
بسرعة قلد بعض المصريين بو عزيزي (GETTY)
+ الخط -


خرج الشاب التونسي، محمد بو عزيزي (26 عاما) من مبنى بلدية مدينة سيدي بو زيد، والغضب يعصف به، جراء مصادرة عربة الخضار التي يكسب منها قوت يومه، ورفضِ السلطات قبول شكوى أراد تقديمها في حق الشرطية فادية حمدي التي صفعته أمام الملأ؛ ليضرم النار في نفسه، فامتدت النيران إلى باقي البلدان العربية، حاملة معها ربيعا عربيا "متعثرا"، يطالب بالعيش والكرامة والحرية.

أما "Dégage"، أو "ارحل"، التي قالتها الشرطية لـ"بو عزيزي"، فقد أصبحت شعار الثورة للإطاحة بالرئيس التونسي، زين الدين بن علي، وكذلك شعار الثورات العربية المتلاحقة. توفي الشاب التونسي ولم ير بعينه اليوم الذي هرب فيه بن علي، بعد اندلاع الثورة الشعبية التي أطاحت به وبنظامه، وأدخلت تونس عصرا جديدا استجابة لنداء الشعب "ارحل".
في أعقاب واقعة بو عزيزي أضرم نحو 50 مواطناً عربياً النار في أنفسهم لأسباب اجتماعية مشابهة.
في مصر، امتدت نيران بو عزيزي، إلى رصيف مجلس الشعب (البرلمان)، الذي كان بمثابة قبلة للمتظاهرين والمحتجين من أنحاء البلاد، لكن بواقعة الانتحار التونسية، تحول إلى قبلة للمنتحرين.
أقدم أربعة مواطنين في أسبوع واحد من انتحار بو عزيزي، على إشعال النار في أجسادهم أمام مقر البرلمان، احتجاجا على أوضاع لم تختلف كثيراً عن أوضاع دفعت الشاب التونسي إلى حرق جسده.
صاحب مطعم صغير في محافظة الإسماعيلية، اسمه عبده عبد المنعم، كان أول محاولة انتحار أمام البرلمان بعد بو عزيزي مباشرة، أشعل النار في جسده بعدما أغرق نفسه بالبنزين، احتجاجا على عدم حصوله على حصته من الخبز المدعم لمطعمه.
لم تمض 24 ساعة على فشل محاولة عبده الانتحار، حتى أقدم المحامي محمد فاروق على محاولة مماثلة، احتجاجاً على تباطؤ أجهزة الأمن في إعادة ابنته المختفية إليه، فيما أحبط الأمن محاولتين لمواطنين آخرين.
وأسفل عجلات مترو الأنفاق، ألقى أربعة مواطنين بأنفسهم بالتزامن مع قدوم القطار.
بهذا. اختلف المشهد الاحتجاجي المصري، من التظاهر أو الإضراب أو الاحتجاج على أرصفة مجلس الشعب، أو الهيئات الحكومية المختلفة، إلى الانتحار على غرار بو عزيزي التونسي، الذي أشعل الثورة التونسية.

لكن الواقع أن الثورة في مصر لم تشتعل باشتعال جسد بو عزيزي، ولا باشتعال الثورة التونسية، كانت الواقعة وثورة الياسمين بل اشك عاملا محفزا، لكن الشارع المصري كان في أقصى مراحل الاشتعال، وكان الوضع السياسي مشجعا على الثورة طيلة السنوات الخمس الأخيرة قبل انطلاقها بالفعل في 25 يناير/كانون الثاني 2011.