أسما ريدزيبوفا.. أغنية غجرية في الريح

15 ديسمبر 2016
(أسما في حفل عام 2007، تصوير: جون لسك)
+ الخط -

حتى رحيلها يوم الأحد الماضي حملت أسما ريدزيبوفا لقب"ملكة الغجر"، إذ تعتبر رمزاً للغناء الغجري في بلادها مقدونيا وفي جمهورية يوغسلافيا سابقاً، كما أنها من أوائل النساء الغجريات اللواتي حققن شهرة عالمية في المجال الغنائي. "الزمان الطيب راح/ بخيره وشره/ وقد عشناه" تقول في واحدة من أغنياتها التي تحمل عنوان "قبل الفجر"، وقد عاشت الفنانة بالفعل حياتها بجميع أبعادها.

ولدت أسما في العاصمة المقدونية عام 1943، في عائلة فقيرة يعمل فيها الأب مغنياً في الأعراس المحلية. وبتشجيع من والدها بدأت بتعلّم الغناء منذ طفولتها، ثم عبرت بصوتها إلى الراديو سنة 1956، حيث كانت الأغنية الغجرية قبلها ممنوعة من البث على الراديو اليوغسلافي. تاريخ صدور أول ألبوم لها سنة 1961 كان بمساعدة الموسيقي ستيفو تيدورفسكي، الذي سيصبح زوجها في ما بعد وتستطيع معه إقناع أهلها بوجوب سفرها إلى بلغراد.

هناك في العاصمة، حققت مع زوجها حضوراً استثنائياً في المشهد الغنائي واستطاعت خلال فترة زمنية أن تحقق حضوراً لافتاً، الأمر الذي من الممكن تفسيره بخصوصية النمط الموسيقي الجديد وغناه، لتصير ريدزيبوفا وقتها واحدة من نجوم التلفاز. من هناك استطاعت بصوتها أن تجتاز دول البلقان نحو مسارح بعيدة، فسجلت مشاركات عديدة حول العالم، وفي أول مهرجان للموسيقا الغجرية الذي أقيم في الهند سنة 1976، حصلت على لقب "ملكة الغجر"، وتوجت وقتها من قبل رئيسة الوزاء الهندية إنديرا غاندي.

اللقب الذي رافق أسما كان بسبب نجاحها في تقديم تراث غجر "الروما" الغنائي، والتعريف بثقافة الغجر عموماً من خلال آلاف الحفلات التي أحيتها، وكانت آخرها في شهر حزيران/ يونيو الماضي. حضورها الاستثنائي الذي يحمل الكثير من الأداء العفوي على الخشبة سرعان ما ينفذ إلى القلب ويحرّك المشاعر، بالطبع مع ملابسها المميزة وطاقتها الكبيرة أثناء الغناء.

في المجال الاجتماعي كان للفنانة بصمة ملحوظة في مجتمعها المقدوني والغجري إذ شغلت عضوية المجلس البلدي في سكوبيه مرتين، وعملت على دعم المرأة الغجرية وحقوقها، كما رعت مع زوجها قرابة خمسين طفلاً غجرياً، وعملت على تقديم المغنين الشباب محاولةً منحهم فرصاً في عالم الغناء كتلك التي نالتها في بداياتها. وبدا وكأنها كانت تعتبر نفسها سفيرة للغجر أينما حلت أو كانت هي كذلك بالفعل.

نلمح من تجربة أسما وكأن صاحبتها كانت تحاول، وبكافة الوسائل، نقل تراث حُصر طويلاً بالأعراس المحلية، إلى خشبات المسارح العالمية، وهو الأمر الذي نجحت به بالفعل. يجوز القول أيضاً أن المغنية، التي كانت تستطيع الغناء بعشر لغات كما يشاع، ساهمت في إيصال شيء من جماليات الموسيقى الغجرية، المحاصرة بالتهميش والصور النمطية إلى العالم. وهي أغنية كأنما بدأت تحصل على مكانتها وتحضر منذ بضعة عقود، بفضل تجارب وأصوات كانت أسما ريدزيبوفا في طليعتها.

المساهمون