أسعار الفائدة..قرار صعب لمصر في ظل نقص النقد الأجنبي

10 ديسمبر 2015
تحديات مالية تواجه الاقتصاد المصري المنهك (Getty)
+ الخط -

يواجه البنك المركزي المصري قراراً صعباً على وجه الخصوص، عند البت في أمر أسعار الفائدة، في 17 ديسمبر/كانون الأول، نظراً لنقص العملات الأجنبية في البلد، الذي يصارع من أجل إنعاش اقتصاده وسط اضطرابات سياسية أعقبت الانتفاضة الشعبية التي خرجت في عام 2011.

ويقول مجموعة من خبراء الاقتصاد، إن هناك حاجة لرفع أسعار الفائدة لدعم الجنيه المصري، والحيلولة دون دخول معدلات التضخم في خانة العشرات في بلد يعيش الملايين فيه على حد الكفاف.

وقد تتزايد الضغوط إذا أقدم مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) على رفع أسعار الفائدة يوم 16 ديسمبر/كانون الأول، كما هو متوقع.

لكن أسعار الفائدة على الإقراض والإيداع في مصر، مرتفعة بالفعل عند 9.75% و8.75% على التوالي، ومن شأن رفعها أكثر من ذلك، الإضرار أكثر بالاستثمارات والنمو الاقتصادي، كما أن الأمر سيكون مكلفاً للحكومة التي شكلت تكلفة خدمة ديونها 22% من إجمالي حجم إنفاقها العام الماضي.

وقال الخبير الاقتصادي لدى "بلتون المالية" زياد وليد، إن "القرار، الأكثر صعوبة هذه المرة. حتى الآن نعلم أن هناك جهوداً للحيلولة دون حدوث انخفاض كبير في قيمة العملة."

ومنذ أن تولى طارق عامر منصب محافظ البنك المركزي، في نوفمبر/تشرين الثاني، يعمل هذا الأخير على دعم الجنيه المصري، من خلال رفع أسعار الفائدة بشكل غير مباشر، وإمداد البنوك بالدولارات. لكن تقلص احتياطيات النقد الأجنبي -حيث هبطت من 36 مليار دولار في 2011 إلى 16.423 مليار دولار في نوفمبر تشرين الثاني- يعني افتقار البنك للقوة التي تسمح له بالبقاء على المسار نفسه.

اقرأ أيضاً: التضخم في مصر يقفز إلى 11.1% خلال نوفمبر

وتسببت الاضطرابات السياسية في عزوف السياح والمستثمرين الأجانب عن مصر، مما جعل البلد يعاني من عوز العملة الصعبة، التي تحتاجها لسداد فاتورة الواردات، وتشمل كل شيء بدءاً من الغذاء ووصولاً إلى البنزين والمواد الخام.

واضطر البنك المركزي بسبب هذا إلى اللجوء لبيع احتياطاته من الدولارات، الآخذة في التآكل، من خلال عطاءات للبنوك دفاعاً عن الجنيه في مواجهة ضغوط نزوله المتزايدة.

ورفع أكبر بنكين حكوميين في مصر -بنك مصر والبنك الأهلي المصري- الشهر الماضي، أسعار الفائدة على شهادات الادخار بالجنيه المصري إلى 12.5% من نحو 10%.

لكن تلك الزيادة لم تنعكس بعد في صورة عائدات أعلى على الدين الحكومي، حيث يقول مصرفيون، إن البنوك الحكومية تدفع بقوة في اتجاه عائدات أقل على أذون الخزانة في عمليات الطرح الدورية، كي تحافظ على تكاليف الاقتراض الحكومي عند مستويات منخفضة.

ومن شأن رفع أسعار الفائدة من البنك المركزي، زيادة العائد على أذون الخزانة على الفور، لكن يبدو، حتى الآن، أن البنك المركزي يفضل أن تتحمل البنوك الحكومية الهادفة للربح تكلفة سياسته.

وقال رئيس الأبحاث في فاروس المتخصصة في الوساطة في الأوراق المالية، هاني جنينة، "نعتقد أن (البنك المركزي) سيفضل على الأرجح زيادة بسيطة في أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساساً".

وأضاف أن هذا "سيحقق على الأرجح الهدف المزدوج المتمثل في تقليل الأثر على الحكومة والشركات المقترضة إلى الحد الأدنى، وفي الوقت ذاته، السماح للبنوك برفع أسعار الفائدة على إيداعاتها لزيادة جاذبية الجنيه المصري".

التدفقات الأجنبية

ويقول مصرفيون وخبراء اقتصاد، إن البنك المركزي قد يكون لديه أمل أن يجعل رفع أسعار فائدة الديون الحكومية، أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب، لكن هذا الأمر سينجح فقط إذا كان المستثمرون يثقون في أن بإمكانهم إعادة تحويل دولاراتهم للخارج.

وحدد البنك المركزي، في فبراير/ شباط، سقفاً للإيداعات بالدولار عند 50 ألف دولار شهرياً. وأجبر البنوك على إعطاء الأولوية لواردات الغذاء والدواء عند صرف الدولارات، وهو ما جعل من الصعب على المستثمرين الأجانب تحويل استثماراتهم إلى دولارات مرة أخرى، وإخراجها من مصر.

وفي بداية من ديسمبر/كانون الأول، سددت مصر متأخرات بقيمة 546 مليون دولار، كانت مستحقة لمستثمرين أجانب في أسهم وأوراق مالية، وفي الوقت ذاته، شجعت الأجانب على الاستثمار من خلال خطة إعادة توطين، يديرها البنك المركزي، لضمان حصولهم بسرعة على النقد الأجنبي.

ولم يعرف بعد ما إذا كان الإجراء طمأن المستثمرين الأجانب. وعلى الرغم من تحركات البنك المركزي لدعم الجنيه، فإن المستثمرين الأجانب ما زالوا يتوقعون تخفيض قيمة العملة، وينتظر كثيرون أن يروا الجنيه مستقراً قرب قيمته السوقية.

وقال خبير الاقتصاد لدى "سي.آي كابيتال" هاني فرحات "لو كنت مستثمراً أجنبياً في مصر فإن وضع 100 مليون دولار لاستثمارها في أذون خزانة مصرية بعائد 10%، لن (تجعلني) استثمر في مصر، إذا لم أكن سأخسر هذه النسبة نفسها في تخفيض قيمة العملة، وأظل عالقاً في مصر، بعد ذلك لثلاثة أشهر بعد استحقاق استثماراتي".

اقرأ أيضاً: تقرير:39.8 مليار دولار خرجت من مصر بصورة غير مشروعة

المساهمون