في اليوم الدولي لحماية الطفل (يصادف اليوم)، يبحث أكثر من 70 ألف يتيم في روسيا عن عائلات تتبناهم. ليس جميع هؤلاء يتامى بالمعنى الحرفي للكلمة، بل إنّ أكثر أهلهم على قيد الحياة، غير أنهم عاجزون عن الاعتناء بهم لأسباب عدة، فيودعون في دور الأيتام.
تؤكّد رئيسة منظمة الرعاية الاجتماعية للأطفال، نينا لاريونوفا، أنّ واقع أكثرية اليتامى في روسيا يرتبط بأسباب اجتماعية وليس وفاة الأهل. تقول لـ "العربي الجديد": "على الرغم من أنّ الأهل يكونون على قيد الحياة في معظم الأحيان، إلا أنهم حرموا من حقوقهم بموجب قرارات قضائية لإدمانهم المخدرات أو الكحول، أو لأنهم غير قادرين على الاعتناء بأطفالهم لاتباعهم نمط حياة غير مقبول اجتماعياً". تضيف: "بالتالي، يتربّى هؤلاء الأطفال في دور أيتام لا تتيح لهم الاندماج في المجتمع كما يجب".
تشير لاريونوفا إلى مشكلة أخرى. في بعض الأحيان، يكون للطفل منزل إلا أنه يتربّى في الشارع لعدم اعتناء والديه به، خصوصاً في حال انفصال الوالدين أو إصابة الأم بالاكتئاب. كانت "ياسنايا بوليانا"، وهي دار للأيتام في مقاطعة تولا (نحو 200 كيلومتر جنوب موسكو)، قد أنشأت في عام 1948 لإيواء الأطفال الذين قتل آباؤهم خلال الحرب العالمية الثانية. أما اليوم، فقد تحولت إلى مأوى للأطفال الذين خسروا أهلهم لأسباب اجتماعية.
تقول مديرة الدار تاتيانا أليكسييفا إنّ أكثر من 80% من الأطفال في الدار لم يفقدوا أهلهم، لكنهم إما حرموا منهم بسبب قرارات قضائية، أم لأنهم في السجون أم لأنهم عجزوا عن تربيتهم بسبب ظروفهم المعيشية الصعبة. توضح لـ "العربي الجديد": "في الفترة الأخيرة، كنّا نهتم بـ 48 طفلاً، 14% منهم فقط أودعوا الدار بسبب وفاة أهلهم".
وحول مستقبل هؤلاء بعد انتهاء فترة الرعاية، تقول: "في بعض الأحيان، يلتحق خمسة من أصل ستة متخرجين من المدرسة بالجامعات. في حال تبنّتهم أسر، نفقد الاتصال بهم. لكنّ ذلك لا يمنع عديدين منهم من البحث عن أهلهم البيولوجيين بعد بلوغهم سنّ الرشد".
إلى ذلك، ساعد الصندوق الخيري "أطفال ينتظرون" أكثر من ألفَي يتيم في إيجاد أسرة جديدة، من خلال نشر استمارات وصور لليتامى على موقعه الإلكتروني. وتوضح مسؤولة العلاقات العامة في الصندوق، يفغينيا فويما، أنّ خلال السنوات الأخيرة، شهدنا زيادة كبيرة في نسبة تبنّي اليتامى بعد إلغاء بعض الشروط، على غرار تحديد مساحة سكن الوالدين وسنّيهما وحالتهما الاجتماعية وغيرها. وتقول لـ "العربي الجديد": "إذا رغبت عائلة في تبني طفل، عليها جمع الأوراق المطلوبة. تستغرق هذه العملية نحو شهر ونصف الشهر". وفي ما يتعلق بفرص اليتامى في إيجاد أسر، تشير إلى أنّ الأمر يرتبط بكيفية تقديم المعلومات، موضحة أنّ ثمّة فرصة للأطفال المصابين بأمراض خطيرة، مثل الإيدز أو التهاب الكبد وغيرها، في إيجاد أسر لهم. تضيف أنّ الوضع يعدّ أصعب بالنسبة للأطفال المعوقين في ظل عدم توفّر الظروف المناسبة لرعايتهم. مع ذلك، يجدون آباء وأمهات جدداً.
ولعلّ أحدث الأمثلة هي قصة الطفل ماتفيه التي شغلت الرأي العام الروسي. تخلّت عنه والدته (19 عاماً) بعد تعرّضه لحروق في جسمه بنسبة 75 في المائة في المستشفى التي ولد فيها في مدينة تولا بسبب الإهمال. وبعدما تمكّن الأطباء من إنقاذه، أعربت بضع العائلات عن رغبتها في تبنيه، واختار القضاء في فبراير/ شباط الماضي سفيتلانا لتكون أماً له.
وتشير الإحصائيات إلى أنّ نحو 63 ألف يتيم في روسيا وجدوا عائلات جديدة خلال العام الماضي، فيما انخفض عدد المسجّلين كيتامى بنسبة الثلث خلال عامين فقط، ما يزيد من آمال عشرات آلاف آخرين في إيجاد أسر.