بقي قطاع الطاقة قيد الحصار الذي يفرضه عليه البائعون، وشهدنا خلال الأسبوع الماضي أسوأ خسائر يتكبدها هذا القطاع منذ شهر يونيو/حزيران 2012، حيث خسر خام برنت، المعيار العالمي، حوالى 8%، بينما كان خام غرب تكساس الوسيط الأميركي متوجهاً إلى أطول مدى خسائر يتعرض لها خلال ثلاثة عقود تقريباً.
تسنّى للنقلة النوعية التي شهدناها في أسواق النفط خلال الشهرين الماضيين الاستمرار دون أي إشارة واضحة على كيفية التعامل مع ارتفاع تخمة العرض.
كان الأسبوع هادئاً نسبياً عبر بعض الأسواق الرئيسية مع وصول مؤشر "أس أند بي 500" إلى رقم قياسي جديد، بينما استمر صعود الدولار لقاء الين الياباني بشكل ملحوظ.
وعلى الرغم من ذلك، تكبدت الدول المنتجة للنفط كروسيا وفنزويلا خسائر فادحة على السندات والأسهم والعملات، مع استمرار تضاؤل عائدات النفط إلى معدل ينذر بالخطر، في حين خضعت روسيا لمزيد من ضغط البيع، الذي يُعزى إلى المخاوف الجيوسياسية القادمة من أوكرانيا.
استأنف قطاع الحبوب انتعاشه الذي بدأ في أوائل أكتوبر/تشرين الأول المنصرم مع تصدر القمح والذرة، هذا الأسبوع، في حين رفعت فترة البرد الحالية في الولايات المتحدة، والتي أدت إلى انتعاش دراماتيكي في الغاز الطبيعي في الأسبوع الماضي، المخاوف حول فناء المحاصيل في هذه المناطق المكشوفة للثلج. ووصلت حبوب الصويا إلى أعلى معدلاتها في ثلاثة أشهر؛ جراء استمرار الطلب القوي على علف الحيوان داخل الولايات المتحدة وخارجها، لكنها هبطت مجدداً بسبب جني الأرباح الذي شهدته الأسواق.
تم تداول المعادن الصناعية بالقرب من نهايتها السفلية من المعدل الحالي؛ بسبب نشاط التصنيع الصيني، الذي جاء أضعف من المتوقع، بينما يحوم خام الحديد بالقرب من أدنى مستوياته في خمس سنوات؛ بسبب بقاء الطلب على الصلب في الصين ضعيفاً.
الذهب يستقر
استقرت المعادن الثمينة فوق الدعم الرئيسي عند 1090 دولارا للأوقية، ولكن مع بقاء سعر الذهب تحت 1180 دولارا للأوقية، لم يجد البائعون، حتى اللحظة، أي سبب يدفعهم لتغيير نظرتهم بشأن بقاء مسار الهبوط هو المسيطر مع أقل قدر من المقاومة، وهبطت المخزونات في المنتجات المتداولة في البورصة المدعومة بالذهب الفعلي إلى 1618 طنا، وهو أدنى مستوى لها منذ شهر مايو/أيار 2009 عندما كان سعر الذهب يدور حول 960 دولارا للأوقية.
تم تسليط الضوء على النقص الحالي على الطلب الفعلي من آسيا، ضمن تقرير اتجاهات الطلب على الذهب للربع الثالث الصادر عن مجلس الذهب العالمي خلال هذا الأسبوع، إذ هبط الطلب العالمي على الذهب بمعدل 2% خلال الربع الثالث، حيث كان الهبوط في الطلب الصيني، على وجه الخصوص، كبيراً بعد هبوطه بمعدل 37% مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية.
توقفت عمليات البيع الدراماتيكية التي شهدناها خلال النصف الأول من عام 2013 فقط عندما تدخل المشترون الآسيويون وقاموا بشراء المعدن الأصفر خلال الربع الثالث، ولم نشهد حتى الآن أية عملية إنقاذ مشابهة لتلك بعد الهبوط الحالي، الذي وصل إلى أدنى مستوى له خلال 4 سنوات.
ستؤدي حركة عكسية ما فوق المقاومة الرئيسية عند 1180 دولارا للأوقية إلى إعادة التفكير ضمن صناديق التحوط، التي امتلكت مواقف قصيرة الأجل قريبة من الرقم القياسي خلال الأسبوع الذي صادف 4 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
تمهيد لانتعاش
استمر قطاع الطاقة في استرعاء الانتباه، مع هبوط كل من خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط إلى مستويات لم نشهدها منذ 2010، في حين حوّل الارتفاع في تخمة العرض، والمتوقع ارتفاعه أكثر خلال عام 2015، المزيد من الاهتمام إلى منظمة "أوبك" وقدرتها على إدارة الأسعار، لا سيما أنه لا يظهر في الوقت الراهن
أي إجماع واضح على الكيفية التي يجب على الكارتل التعامل بها مع ما يتحول بصورة كبيرة إلى أزمة حقيقية للعديد من الأعضاء.
زاد الهبوط المستمر في أسعار النفط من احتمال الإعلان عن بعض الإجراءات في اجتماع منظمة "أوبك" المزمع عقده في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، مما قد يساعد على إبطاء البيع، مع تعرض المتداولين إلى خطر التعرض لمفاجأة جراء الإعلان.
تمثل المملكة العربية السعودية، أكبر المنتجين في منظمة "أوبك"، وهي الدولة التي تنظر إليها كافة الدول على أنها الدولة القادرة على اتخاذ إجراءات معينة عندما تكون التوريدات العالمية سواء مرتفعة جداً أو منخفضة جداً. إلا أن التصريحات والتدابير الصادرة عن المملكة فشلت حتى الآن في تهدئة السوق، وفي واقع الأمر، ومن خلال إلقاء نظرة على حركة السعر في خام برنت بعد ثلاثة من تلك التدابير والتصريحات، شهدنا التأثير السلبي الذي تمخض عنها على السعر.
سواء بقصد أو بدونه، يعتقد السوق في هذه الآونة بوجوب قيام المملكة العربية السعودية بإعطاء حصة السوق الأولوية على حساب استقرار السوق، حيث قد تعاني أسعار النفط العالمية لإيجاد الدعم طالما بقي هذا الفهم موجوداً.
ثورة النفط الصخري
لا يبدو أن الازدهار الذي يشهده إنتاج النفط الصخري في الشمال الأميركي في طريقه إلى التباطؤ، حسب وكالة الطاقة الدولية، لا سيما على المدى القصير، إذ تعتقد الوكالة أن الابتكار المستمر ومكاسب الكفاءة قد أديا إلى تخفيض السعر أكثر. وكمثال على ذلك، تقدر الوكالة أن معظم إنتاج النفط من جبال باكن الصخرية في شمال داكوتا قد بقي رابحاً حتى بعد وصوله إلى 42 دولارا للبرميل.
وكتأكيد على التأثير المحدود قصير الأجل لهبوط الأسعار، أعلنت إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن إنتاج النفط الخام الأميركي يتجاوز الآن تسعة ملايين برميل في اليوم، وذلك لأول مرة منذ ما يزيد على ثلاثة عقود.