أسبوع إيراني ساخن في واشنطن: تمسك بالعقوبات

09 يناير 2018
صعوبة التكهن بقرار ترامب بشأن النووي الإيراني (كريس كليبونيس/Getty)
+ الخط -

بحلول الخميس المقبل، سيكون على الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، البت بأمر التصديق أو عدمه على تقرير المفتشين الدوليين بأن إيران تفي بالمطلوب منها في تنفيذ الاتفاق النووي، وإبلاغ الكونغرس بموقفه، عملاً بالقانون الذي يوجب الإبلاغ بذلك كل 90 يوماً.

كذلك، وبحلول 17 من يناير/ كانون الثاني كأبعد حدّ، على ترامب أن يحسم في ما إذا كان ينوي مواصلة إعفاء إيران مؤقتاً من العقوبات الأميركية أم لا، طالما تقوم طهران بتطبيق الاتفاق، وهو إعفاء يتجدد كل 120 يوماً، ولغاية إلغائه كلياً بعد سنوات من اختبار التطبيق.

مبدئياً، كلا الاستحقاقين مرتبط بالآخر، بحيث لو رفض البيت الأبيض تجديد التصديق لأصبح وقف الإعفاء مسألة تحصيل حاصل. لكن ليس هذه المرة على ما يبدو، إذ المطروح أن تعتمد الإدارة معادلة ملتبسة، بحيث لا تنسحب من الاتفاق النووي، مقابل تحميل طهران التزامات "أوسع" في تطبيقه، مع التمسك بالعقوبات المشددة ضدها، والتي قد تتبعها عقوبات إضافية. 

هذا المخرج مصمم للإبقاء على الاتفاق - بصيغة جديدة – والعقوبات في آن، ويتردد أنه جرت هندسته بهذا الشكل لحمل ترامب على صرف النظر عن الإطاحة نهائياً بالاتفاق، كما سبق وهدد في أكتوبر/ تشرين الأوَّل الماضي.

الثلاثي، الذي يدير دفة الشؤون الخارجية إلى حدّ بعيد – الجنرالات جيمس ماتيس، وجون كالي، وأتش آر ماكمستر، يساندهم ريكس تيلرسون، وقيادات من الحزبين في الكونغرس، دعوا إلى وجوب حماية الاتفاق لتفادي محاذير رفضه، والذي سيرفع من درجة التوتر مع الحلفاء، خاصة الأوروبيين، ويزيد من عزلة أميركا في العالم، فضلا عن أنه قد يفتح الطريق لمواجهة مع إيران لو ردّت هذه الأخيرة بالعودة إلى التخصيب النووي، على أساس أنها صارت في حلّ منه بعد أن تسقط واشنطن الاتفاق. 

وإذا كان هذا الاحتمال الأخير مستبعداً في السابق، فإنه في اللحظة الراهنة قد يكون وارداً، إذ قد يجد النظام الإيراني في قرار العودة ورقة رابحة لتجريد حركة الاحتجاج من زخمها وإطفائها، عبر استنفار الساحة للدفاع عن الوطن.

ولتفادي هذه العواقب وحمل ترامب على تجميد وعوده بتمزيق الاتفاق، ثم برفض التصديق على تطبيقه، جرت صياغة مخرج يقوم على بديلين، كما أشارت معلومات متداولة.

ويقضي المخرج الأول بترك العقوبات على حالها وعدم إعفاء إيران منها، مع حلول موعد الاستحقاق الدوري في 17 يناير/ كانون الثاني. 

وكان نائب الرئيس، مايك بنس، قد لمّح إلى ذلك في الثالث من الشهر الجاري، إذ قال إن ترامب لن يقدم على التصديق مرة أخرى، وأن الإدارة ستواصل العمل بالعقوبات. 

ويبدو أن مهندسي المعادلة التقطوا فرصة الاحتجاجات في إيران لإقناع الرئيس بأن اللحظة الراهنة لا توجب الإطاحة بالاتفاق، بل التركيز على العقوبات وتشديدها، من باب أنها تلعب دوراً في تأزيم الوضع الاقتصادي، وبما يصب المياه في طاحونة الأزمة الإيرانية الداخلية وتأجيجها لزعزعة وضع النظام.

أما المخرج الثاني، فيتعلق بتصديق ترامب على تقرير المفتشين وتعديل النص بشأنه، بحيث يصبح على الرئيس من الآن وصاعداً تزويد الكونغرس كل 90 يوماً بتصديق، ليس فقط على مدى وفاء إيران بالتزاماتها التقنية المذكورة في الاتفاق، بل أيضاً على طبيعة دورها ومدى تدخلها في شؤون المنطقة. وهذا اجتهاد عملت الإدارة، وخاصة وزارة الخارجية، على ترويجه منذ فترة، وجدد تأكيده الوزير تيلرسون في مقابلة جرت معه قبل أيام، وبمقتضاه لم يعد الانضباط بشروط الاتفاق هو وحده المعيار، وإنما يصبح السلوك الإيراني في الإقليم شرطاً ملحقاً به، ومتمماً له.

من هنا يطرح سؤالان: هل يقبل ترامب بمثل هذا المخرج، أم يصرّ على المضي بتنفيذ وعده بتمزيق الاتفاق خلافاً لتوصيات وتحذيرات أركان إدارته، وغالبية المعنيين في واشنطن، كما فعل يوم اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل؟ ثم هل تقبل الدول الموقعة على الاتفاق فضلاً عن إيران إذا جرى اعتماد هذا المخرج؟

كل هذا يتوقف على قرار الرئيس الأميركي الذي يصعب التكهن به، طالما بقيت المزاجية والحسابات الداخلية المأزومة متحكمة فيه.

المساهمون