أعلن الصحافيون والموظفون في "دار الحياة" القيام بوقفة احتجاجية أمام سفارة المملكة العربية السعودية في العاصمة اللبنانية بيروت، يوم الخميس المقبل، للمطالبة بمستحقاتهم التي تمتنع الدار عن تسديدها لهم منذ أكثر من سنة.
وشارك صحافيو "دار الحياة" وموظفوها التي تضم صحيفة "الحياة" ومجلة "لها"، في الدعوة على حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وحثّوا وسائل الإعلام على المشاركة معهم في هذه الوقفة الاحتجاجية، دعماً لقضيتهم ولحقّهم الموثّق قانوناً في شأن هذه المستحقات، "ولا سيما بعد المماطلة التي مارستها إدارة الدار في الرياض وفي دبي، وتعاميها عن الظروف القاسية التي يمرّ فيها لبنان".
لكن مصادر مطلعة على مضمون نقاشات موظفي "دار الحياة" قالت لـ"العربي الجديد" إن إعلان الوقفة الاحتجاجية حرّك اتصالات من جهات رسمية سعودية، ما يرجّح انعقاد اجتماع بين سفير المملكة في لبنان وليد بخاري، ونقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزيف القصيفي، مطلع الأسبوع المقبل، لبحث الأزمة، على أن يحدّد الصحافيون في ضوئه اتجاه تحركاتهم يوم الخميس.
وفي حديث نقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزيف القصيفي مع "العربي الجديد"، قال إنه "يفضل عدم الحديث عن اجتماع بينه وبين السفير السعودي في لبنان"، مؤكداً "إجراء اتصالات مكثفة خلال الأسبوع المقبل مع مراجع سعودية مسؤولة للإضاءة على أزمة الزملاء في (دار الحياة) المطلعين بشكل كامل على مضمونها، على أن يحددوا بناءً عليها شكل تحركهم يوم الخميس المقبل".
وقال القصيفي إن القرار النهائي يعود إلى الصحافيين والموظفين في "دار الحياة"، وإن النقابة تدعمهم في أي إجراء يتخذونه.
وتأتي هذه الوقفة الاحتجاجية بعدما وقّع صحافيو "دار الحياة" في بيروت توكيلاً جماعياً لمكتب محاماة في دبي، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لتقديم دعوى باسمهم وتمثيلهم، منضمين بذلك إلى زملائهم في دبي الذين نقلوا شكاواهم من عهدة "هيئة تطوير المناطق الحرة" (تيكوم) إلى المحاكم المختصة بقضيتهم، وسلموا ملفات الدعاوى لوزارة الموارد البشرية والتوطين، في 31 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بعدما "أعيتهم المماطلات والوعود الجوفاء من مسؤولي الدار، وبعدما باتوا في أوضاع مالية مزرية، إذ طُرد بعضهم من بيوتهم لعدم تمكّنهم من دفع الإيجار، وأنذرت المصارف بعضهم الآخر بإجراءات قضائية لعدم قدرتهم على سداد الديون المتراكمة وفوائدها، وصاروا جميعاً من دون تأمين صحي، ما أدى إلى حرمانهم وعائلاتهم أيّ عناية طبية، حتى في الحالات الطارئة".
وكان الصحافيون قد نشروا بياناً، تزامناً مع توجههم إلى القضاء، قالوا فيه إن "إدارة (دار الحياة) في دبي لا تزال تماطل في دفع مستحقات الصحافيين والموظفين الذين يربو عددهم على 70 شخصاً، ولا يزال رئيس مجلس الإدارة، عايض الجعيد، يطلق الوعود المتوالية كل أسبوع أو عشرة أيام، من دون أي خطوات عملية لإنصاف المطالبين بحقوقهم المتأخرة لأكثر من عشرة أشهر، وبعضهم لسنة".
وأضافوا: "منذ اضطرار الرئيس التنفيذي للدار في دبي، إبراهيم بادي، إلى الانتقال إلى السعودية، خوفاً من صدور قرار بمنعه من السفر، بعدما تراكمت الديون والمستحقات على المؤسسة وعليه شخصياً، تنادى صحافيون وموظفون إلى تقديم شكاوى لدى "هيئة تطوير المناطق الحرة" (تيكوم) في دبي التي تشرف على (مدينة الاستوديوهات) حيث مكاتب الشركة. واليوم (31 أكتوبر/ تشرين الأول)، قرر هؤلاء تحويل الشكاوى إلى القضاء".
وأردفوا: "وفي خضم ذلك كله، ليس معروفاً إذا كان مالك المؤسسة، الأمير خالد بن سلطان، على علم تامّ بما يجري في مؤسسته، أو إذا كان الجعيد يخفي عنه التفاصيل المتعلقة بأوضاع موظفيه المأسوية، علماً أن منتسبي الدار في السعودية ولبنان يعيشون الظروف نفسها، ولم يتسلموا مستحقاتهم منذ أشهر طويلة".
يذكر أن المؤسسة التي يملكها الأمير خالد بن سلطان، ويرأس مجلس إدارتها عايض الجعيد، تمتنع عن دفع رواتب العاملين ومستحقاتهم منذ نحو سنة، رغم ما ترتب عن ذلك من أوضاع إنسانية شديدة الصعوبة، وخاصة أن بعض العاملين في دبي مهددين بالإبعاد بعد انقضاء مدة إقامتهم من دون أن تجددها "دار الحياة".
وباستثناء الوعود الشفهية، لم تستجب الإدارة لمناشدات موظفيها في الرياض ودبي وبيروت والقاهرة، ولم تصدر أي بيان يوضح أسباب تأخرها أو تصورها لمعالجة الأزمة.
وكان العاملون في مكتب دبي قد أضربوا عن العمل في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2018، ما أدى إلى تعطيل صدور الطبعة الدولية من الصحيفة، سبقها إضراب المستكتبين في بيروت، علماً أن صحيفة "الحياة" توقفت عن الصدور ورقياً في الأول من يونيو/ حزيران عام 2018، تزامناً مع إقفال مكتبها الأكبر في بيروت، والنسخة الإلكترونية غير متوافرة حالياً أيضاً.
وفي السياق نفسه، قال نقيب محرري الصحافة اللبنانية، جوزيف القصيفي، إنه التقى وزير الإعلام في المملكة العربية السعودية، في 3 ديسمبر/ كانون الأول الحالي، على هامش "منتدى الإعلام السعودي، وسلّمه كتاباً من موظفي صحيفة "الحياة" ومجلة "لها" في بيروت، شرحوا فيه معاناتهم نتيجة عدم دفع رواتبهم ومستحقاتهم وتعويضاتهم.
كذلك أصدرت النقابة، في 20 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بياناً قالت فيه إن "المماطلة في تسديد المستحقات الموثقة للزملاء في (دار الحياة) لم تعد مقبولة إطلاقاً، وإن أوضاعهم تفاقمت إلى حد لا يطاق، خصوصاً في ظل اشتداد الضائقة المالية والاقتصادية، والمصاعب التي تعصف بقطاع الإعلام"، مشددة على دعم حقهم في اللجوء إلى القضاء المختص، و"تضع مكتبها القانوني في تصرفهم، وتفتح أبوابها أمام كل تحرك يقومون به لإيصال ظلامتهم إلى المعنيين بأزمتهم".