أزمة تعيينات تلوح في الأفق بين النهضة ونداء تونس

03 اغسطس 2015
مخاوف من عرقلة الخلافات العمل الحكومي (تونس)
+ الخط -

شهدت نهاية الأسبوع خلافاً عن بعد بين حزب "نداء تونس"، وحركة "النهضة"، الحزبين المتحالفين اللذين يشكّلان التحالف الحكومي في تونس، وذلك بسبب ما يمكن أن يُسمى بأزمة التعيينات.‏

وعقد كل حزب على حدة اجتماعاً لقياداته العليا، في نفس التوقيت في مدينتين مختلفتين، غير أن ملف التعيينات الحكومية في ‏الإدارات والمناصب العليا، استحوذ على اهتمام الطرفين، على الرغم من تصريحات قياديين في النهضة عن عدم رضاهم بـ "عدم ‏استشارتهم في خصوص التمديد في حالة الطوارئ"، في حين أشار بيانها إلى "تثمين ما تقوم به الدولة والقيادات الأمنية و‏العسكرية، في مقاومة الإرهاب وفي تأمين حدود البلاد وحماية التونسيات والتونسيين  وضيوفهم ...من أجل حماية تونس ‏وتجربتها وحفظ أمن التونسيين ومكاسبهم".

في المقابل، عبّرت النهضة عن موقف مهم في بيانها الختامي إذ تطرقت إلى "انشغال مجلس الشورى ‏خاصة بمسألة التعيينات، التي تقوم بها الحكومة، ودعوتها إلى التحري واختيار الكفاءات الوطنية المشهود لها بالنزاهة ‏والأمانة".‏

وشدد أمين عام "نداء تونس"، محسن مرزوق، في تصريحات إعلامية على هامش انعقاد المكتب التنفيذي لحزبه "على ‏ضرورة مراجعة عديد التعيينات الحزبية بمؤسسات الدولة".‏

كما اعتبر أن المشهد السياسي في تونس يعبر عن انتخابات سنة 2014 (في إشارة إلى التحالف الحكومي)، إلا أن ‏بعض التعيينات على مستوى الإدارات الجهوية ما زالت تعبر عن انتخابات سنة 2011، أي فترة حكم الترويكا، التي جمعت ‏النهضة بحزبي المؤتمر للرئيس السابق منصف المرزوقي، وحزب التكتل لمصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي ‏السابق.

‏إلى ذلك، أشار مرزوق إلى أن التعيينات المشار إليها مبنية وفق المحاصصة القديمة، التي تمت بعد انتخابات أكتوبر/تشرين الأول 2011 داخل ‏النيابات الخصوصية (البلديات المؤقتة) وبعض السلط الجهوية، وهو ما يمكن أن ينتج نوعا من التناقض السياسي الذي ‏يعرقل عمل الحكومة، بحسب رأيه.‏

كما دعا عدد من مسؤولي "نداء تونس" في نفس الاجتماع وزير النقل الحالي (عن نفس الحزب) إلى مراجعة التعيينات الحزبية التي قام ‏بها الوزير السابق (عن حركة النهضة)، وكذلك في عدد من الوزارات الأخرى.‏

اقرأ أيضاً: الجبالي يحذر من سقوط التونسيين في فخ الاستقطاب الإيديولوجي


‏ويشتكي عدد من قيادات حركة النهضة منذ فترة مما أسموه "إقصاءً ممنهجا لمسؤولين في عدد من الإدارات" بسبب انتمائهم ‏للحزب،  وكانت هذه الملاحظات تساق بصوت خافت حفاظا على اللحمة الحكومية، ولكن صياغتها في بيان لمجلس ‏الشورى يعكس تململا واضحا وانزعاجا كبيرا من حركة النهضة إزاء هذا الموضوع.‏

ويُطرح موضوع التعيينات هذه الأيام بقوة على أجندة رئيس الحكومة، الحبيب الصيد، خصوصا في ما يتعلق بالمحافظين و‏الإدارات العليا، استعدادا للانتخابات البلدية في العام القادم من ناحية، وسعيا إلى إحكام التنسيق جهويا لتنفيذ المشاريع ‏المعطلة من ناحية أخرى، بما يتيح تحقيق بعض التقدم على مستوى الإنجازات الحكومية بنسق أكبر.‏

وكانت مصادر في التحالف الحكومي قد قالت لـ "العربي الجديد" إن تنسيقية الاحزاب الحاكمة تعرضت، بالفعل، لموضوع ‏التعيينات القادمة واتفقت على آلية تضمن تمثيلية الأحزاب بشكل متكافئ في هذه المناصب، دون إهمال شرط الكفاءة الذي ‏يبقى المعيار الأساسي في هذا الموضوع، وربما يكون اجتماع التنسيقية هذا الأسبوع حاسما في إنهاء هذا الاختلاف بين ‏الأحزاب أو مناسبة لإشعال الأزمة أكثر.‏

وبالتوازي مع رأي الأحزاب، يسعى رئيس الحكومة، الحبيب الصيد، إلى أن يكون صاحب القرار الأخير في هذا الموضوع،‏ وليس مجرد منسق لاقتراحات الأحزاب، وقد شهدت نهاية الأسبوع الماضي خلافا بين نداء تونس ورئاسة الحكومة، ‏بسبب مقترحات تعيين المحافظين، حيث طلب الصيد، وفق تسريبات إعلامية، قائمة من نداء تونس تتضمن عددا من ‏الأسماء المقترحة لمناصب المحافظين يختار من بينها بنفسه سبعة أسماء، وهو ما رفضه النداء الذي أصر على تقديم سبعة ‏أسماء فقط.‏

وفي حين يحاول حزب النداء مع أمينه العام الجديد، محسن مرزوق، تدارك تمثيله الذي يعتبره ضعيفاً في الحكومة، بوجود أكبر وأوضح في المشهد الإداري والسياسي في تونس، يصطدم هذا التوجه بسعي بقية الأحزاب ورئاسة الحكومة، إلى ‏مشهد أكثر توازناً في الرأي، واستقلالية أكبر للحكومة، مما ينبئ بتصعيدات جديدة ربما تجد حلها في اجتماع التنسيقية القادم ‏أو ترحّل كالعادة إلى لقاءات الكبار إذا ما تعذر الحسم.‏

اقرأ أيضاً: الحبيب الصيد لـ"العربي الجديد": قرار التعديل الحكومي بيدي

المساهمون