يُعد اليسار من أقدم التيارات السياسية السورية، ذلك أن الزعيم خالد بكداش مؤسس الحزب الشيوعي السوري تمكن من الوصول إلى قبة البرلمان السوري عام 1954، ليكون أول شيوعي عربي يُنتخب نائباً في البرلمان، بعد أن كان منذ عام 1933 أمينا عاماً للحزب الشيوعي السوري اللبناني.
انشقاقات لا تنتهي
يتميز اليسار السوري بانشقاقات لا تنتهي، بدأت في القترة اللاحقة لنهاية الوحدة السورية المصرية في عام 1961، إذ شهد الحزب الشيوعي السوري اللبناني الانقسام الأول، بعد أن أعلن الجناح اللبناني في الحزب انشقاقه من طرف واحد، بسبب بيروقراطية بكداش وتفرده بقيادة الحزب، وذلك في عام 1964، لتبدأ مع هذا الانشقاق سلسلة انشقاقات طويلة لم تنته إلى اليوم.
عقب ذلك تأسس الحزب الشيوعي السوري-المكتب السياسي، بزعامة المعارض السوري، رياض ترك، إثر خلافات حادة أثناء مؤتمر الحزب الشيوعي السوري الثالث عام 1969 بين جناح رياض الترك، الذي طالب من خلال برنامجه في المؤتمر بتبني مشروع الوحدة العربية ودعم الفدائيين الفلسطينيين، وجناح خالد بكداش الذي انتقد هذه الطروحات، واعتبرها نفاقاً للتيارات القومية العروبية المخالفة لمبادئ الحزب الشيوعي الأممية.
استمرت الخلافات ثلاث سنوات، قبل أن تعلن كتلة خالد بكداش عام 1972 بياناً ادعت فيه أنها تمثل غالبية قيادات الحزب وقواعده، ليحصل الانشقاق في الحزب، ويتكرس بشكل نهائي مع انضمام الحزب الشيوعي السوري بزعامة خالد بكداش للجبهة الوطنية التقدمية التي يقودها حزب البعث، في مقابل بقاء الحزب الشيوعي السوري-المكتب السياسي خارج الجبهة.
بعد ذلك تصاعدت معارضة رياض الترك وحزبه للنظام السوري، مع تدخل النظام السوري في الحرب الأهلية اللبنانية، وقمع النظام السوري لانتفاضة حركة الإخوان المسلمين في سورية في بداية الثمانينيات، الأمر الذي أدى إلى اعتقال النظام السوري لرياض الترك منذ عام 1980 حتى عام 1998.
حصل بعدها انشقاق آخر في الحزب الشيوعي السوري الذي يتزعمه خالد بكداش، إذ أعلن الشيوعي السوري، قدري جميل، عن تأسيس اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين عام 2003، والتي عرفت فيما بعد باسم حزب الإرادة الشعبية.
ويوضح الصحافي والعضو السابق في الحزب الشيوعي السوري، حسين برو، لـ"العربي الجديد" أن الانقسامات الكثيرة والمتتالية التي شهدها اليسار السوري كانت بسبب التمييز والاستبداد الذي مارسه قياديو الحزب الشيوعي السوري، وخصوصا خالد بكداش، على قواعد الحزب باسم القيم والحرية المسؤولة وغيرها من المبادئ التي أدت إلى ترسيخ تبعية الفرد داخل التيارات والأحزاب اليسارية السورية، لتنقسم هذه الأحزاب مراراً بسبب خلافات قياديي هذه الأحزاب وصراعاتهم البينية.
ويؤكد برو أن الحزب اليساري السوري الوحيد الذي لم يكن ابناً لسلسلة الانشقاقات في الحزب الشيوعي السوري، هو حزب العمل الشيوعي الذي أُسس في منتصف السبعينيات تحت اسم رابطة العمل الشيوعي، من مجموعة من الشباب السوريين اليساريين الذين رفضوا هيمنة الأفراد على الأحزاب اليسارية في سورية.
وتعرض أعضاء هذا الحزب لسلسلة طويلة من الاعتقالات التي قامت بها استخبارات النظام السوري، كان آخرها اعتقال المعارض السوري عبدالعزيز الخير منذ شهر سبتمبر/أيلول عام 2012، وهو أحد مؤسسي حزب العمل الشيوعي ورئيس مكتب العلاقات الخارجية في هيئة التنسيق الوطنية المعارضة للنظام، وكان قد قضى نحو ثلاثة عشر عاما في سجون النظام السوري منذ بداية التسعينيات حتى عام 2005.
الأقليات خزان بشري
كان أبناء الأقليات العرقية والدينية في سورية خزاناً بشرياً هاماً للأحزاب والتيارات السياسية اليسارية السورية، إذ وجد أبناء الأقليات العرقية والدينية السورية في النظرة الأممية في الفكر اليساري ملجأ لهم من الشعارات الإسلامية التي تطرحها التيارات اليمينية الإسلامية، والشعارات القومية التي طرحتها الأحزاب القومية العربية.
يشهد على ذلك كون نسبة لا يستهان بها من كوادر وقواعد الحركات والتيارات اليسارية السورية من أبناء الأقليات الدينية كالعلويين والإسماعيليين والمسيحيين والدروز والأقليات العرقية التي يأتي في مقدمتها الأكراد السوريون، فكان منهم خالد بكداش مؤسس الحزب الشيوعي السوري، مع عدد كبير من كوادر وأعضاء مختلف التيارات والأحزاب اليسارية السورية.
اليساريون ضد النظام
تعد جميع الأحزاب والتيارات السياسية السورية اليسارية معارضة للنظام السوري، باستثناء الحزب الشيوعي السوري الذي تتزعمه وصال بكداش، والحزب الشيوعي السوري الموحد، والحزبان منضويان في الجبهة الوطنية التقدمية التي يقودها حزب البعث واجهة النظام السوري السياسية.
شاركت هذه التيارات والأحزاب اليسارية المعارضة للنظام السوري في التوقيع على بيان التسعة والتسعين الذي وقعه مثقفون وسياسيون معارضون للنظام السوري إبان استلام الرئيس السوري بشار الأسد للسلطة عام 2000، داعين فيه النظام إلى إجراء إصلاحات سياسية، فردت استخبارات النظام السوري على البيان بعمليات اعتقال للموقعين عليه، ليتلو البيان بعد أشهر قليلة بيان آخر وقعه ألف مثقف ومعارض سوري، طرح المعارضون السوريون فيه آليات للتغيير الديمقراطي في سورية.
بعد ذلك أسست في دمشق وحلب عدة منتديات سياسية، كان أشهرها منتدى جمال الأتاسي في دمشق. وكان للقوى اليسارية السورية المعارضة للنظام السوري دور كبير في نشاطات هذه المنتديات.
جرى كل ذلك قبل أن توقع مختلف القوى السياسية اليسارية والليبرالية وشخصيات المجتمع المدني السورية وثيقة عرفت باسم إعلان دمشق في أكتوبر/تشرين الأول عام 2005 وتضمنت دعوة واضحة لإنهاء حكم عائلة الأسد لسورية، واستبداله بنظام ديمقراطي.
مع انطلاق الثورة في سورية في 15 مارس/آذار 2011، واصل المعارضون السوريون اليساريون انتقاد ممارسات النظام السوري التي هدفت إلى قمع التظاهرات وإسكاتها.
وانضمت الأحزاب والتيارات السورية اليسارية إلى مختلف كيانات المعارضة السورية، إذ انضم حزب العمل الشيوعي وتجمع اليسار الماركسي والحزب اليساري الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي PYD لهيئة التنسيق الوطنية، وانضم عدد من الأحزاب والتيارات السياسية اليسارية للمجلس الوطني السوري، ومن ثم الائتلاف السوري المعارض، وكان أشهرها حزب الشعب الديمقراطي الذي انتخب أمينه العام السابق، جورج صبرا، لرئاسة المجلس الوطني السوري، ومن ثم رئاسة الائتلاف السوري.
ترافق انطلاق الثورة في سورية من جانب آخر بانشقاق معظم كوادر الحزب الشيوعي السوري الموحد العضو في الجبهة التقدمية التابعة للنظام السوري، لتشكل هذه الكوادر المنشقة تنسيقيات الشيوعيين السوريين في دمشق، قبل أن يقوم النشطاء الشيوعيون المنشقون عن الحزب بتشكيل تنسيقية شيوعيي حلب وتنسيقية شيوعيي دمشق وتنسيقيات مماثلة في كل من حماة وإدلب وغيرها.
وتوضح الناشطة السورية، واعدة الوهب، لـ"العربي الجديد" أن: "النشطاء الشيوعيين في حلب قاموا بتأسيس تنسيقية شيوعيي حلب في أواخر عام 2011، بهدف التنسيق بين النشطاء المنشقين عن الأحزاب الشيوعية الموالية للنظام السوري ونشطاء منشقين عن أحزاب أخرى موالية للنظام السوري كالحزب القومي السوري الاجتماعي وغيره"، وتؤكد أن "نشاطات التنسيقية شملت الوقفات الاحتجاجية، وتوزيع المناشير التي تحض "الأغلبية الصامتة" على الانخراط في الثورة".
المليشيات اليسارية المسلحة في سورية
قامت مجموعة من الشباب التابعين للحزب الشيوعي السوري الذي تتزعمه وصال بكداش بتشكيل مليشيا صغيرة، قام النظام السوري بتسليحها تحت اسم "شبيبة خالد بكداش"، نسبة إلى مؤسس الحزب. وتواجد مسلحو المليشيا بشكل ملحوظ في جامعة دمشق ومحيطها، حيث كانوا معروفين بالشارات الحمراء على سواعدهم، والتي كتب عليها "شبيبة خالد بكداش"، وقاموا بالتعاون مع استخبارات النظام السوري بقمع الحراك المعارض للنظام في الجامعة في العامين الأولين للثورة.
من جانب آخر تعد قوات حماية الشعب الكردية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، والتي تسيطر على جميع المناطق ذات الغالبية الكردية شمال سورية، مليشيات ذات فكر يساري، ففكر حزب الاتحاد الديمقراطي مستمد من حزب العمال الكردستاني الذي يحمل فكراً شيوعياً ماوياً (صينياً) في أدبياته.
وضع خاص لليسار الكردي السوري
خرج الحزب الديمقراطي الكردي السوري الأقدم وأول الأحزاب الكردية في سورية، والمعروف اختصاراً باسم البارتي، من عباءة الحزب الشيوعي السوري، إذ تم تأسيسه عام 1957 من مجموعة من المثقفين والشخصيات الكردية التي كان عدد منها أعضاء سابقين في الحزب الشيوعي السوري.
ويؤكد الكاتب الكردي السوري، مصطفى إسماعيل، لـ"العربي الجديد" أن: "الأحزاب السياسية السورية الكردية ليست أحزاباً يسارية بالمعنى الدقيق للكلمة، بالرغم من اعتماد عدد منها على المقاربة اللينينية والماركسية للمسألة القومية، فهي في النهاية أحزاب قومية انشقت عن بعضها منذ بداية ستينيات القرن الماضي إلى اليوم عدة مرات، وذلك بسبب خلافات شخصية بين قياداتها حول قيادة هذه الأحزاب دون خلافات فكرية حقيقية، كما هي عادة اليسار السوري".
انشقاقات لا تنتهي
يتميز اليسار السوري بانشقاقات لا تنتهي، بدأت في القترة اللاحقة لنهاية الوحدة السورية المصرية في عام 1961، إذ شهد الحزب الشيوعي السوري اللبناني الانقسام الأول، بعد أن أعلن الجناح اللبناني في الحزب انشقاقه من طرف واحد، بسبب بيروقراطية بكداش وتفرده بقيادة الحزب، وذلك في عام 1964، لتبدأ مع هذا الانشقاق سلسلة انشقاقات طويلة لم تنته إلى اليوم.
عقب ذلك تأسس الحزب الشيوعي السوري-المكتب السياسي، بزعامة المعارض السوري، رياض ترك، إثر خلافات حادة أثناء مؤتمر الحزب الشيوعي السوري الثالث عام 1969 بين جناح رياض الترك، الذي طالب من خلال برنامجه في المؤتمر بتبني مشروع الوحدة العربية ودعم الفدائيين الفلسطينيين، وجناح خالد بكداش الذي انتقد هذه الطروحات، واعتبرها نفاقاً للتيارات القومية العروبية المخالفة لمبادئ الحزب الشيوعي الأممية.
استمرت الخلافات ثلاث سنوات، قبل أن تعلن كتلة خالد بكداش عام 1972 بياناً ادعت فيه أنها تمثل غالبية قيادات الحزب وقواعده، ليحصل الانشقاق في الحزب، ويتكرس بشكل نهائي مع انضمام الحزب الشيوعي السوري بزعامة خالد بكداش للجبهة الوطنية التقدمية التي يقودها حزب البعث، في مقابل بقاء الحزب الشيوعي السوري-المكتب السياسي خارج الجبهة.
بعد ذلك تصاعدت معارضة رياض الترك وحزبه للنظام السوري، مع تدخل النظام السوري في الحرب الأهلية اللبنانية، وقمع النظام السوري لانتفاضة حركة الإخوان المسلمين في سورية في بداية الثمانينيات، الأمر الذي أدى إلى اعتقال النظام السوري لرياض الترك منذ عام 1980 حتى عام 1998.
حصل بعدها انشقاق آخر في الحزب الشيوعي السوري الذي يتزعمه خالد بكداش، إذ أعلن الشيوعي السوري، قدري جميل، عن تأسيس اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين عام 2003، والتي عرفت فيما بعد باسم حزب الإرادة الشعبية.
ويوضح الصحافي والعضو السابق في الحزب الشيوعي السوري، حسين برو، لـ"العربي الجديد" أن الانقسامات الكثيرة والمتتالية التي شهدها اليسار السوري كانت بسبب التمييز والاستبداد الذي مارسه قياديو الحزب الشيوعي السوري، وخصوصا خالد بكداش، على قواعد الحزب باسم القيم والحرية المسؤولة وغيرها من المبادئ التي أدت إلى ترسيخ تبعية الفرد داخل التيارات والأحزاب اليسارية السورية، لتنقسم هذه الأحزاب مراراً بسبب خلافات قياديي هذه الأحزاب وصراعاتهم البينية.
ويؤكد برو أن الحزب اليساري السوري الوحيد الذي لم يكن ابناً لسلسلة الانشقاقات في الحزب الشيوعي السوري، هو حزب العمل الشيوعي الذي أُسس في منتصف السبعينيات تحت اسم رابطة العمل الشيوعي، من مجموعة من الشباب السوريين اليساريين الذين رفضوا هيمنة الأفراد على الأحزاب اليسارية في سورية.
وتعرض أعضاء هذا الحزب لسلسلة طويلة من الاعتقالات التي قامت بها استخبارات النظام السوري، كان آخرها اعتقال المعارض السوري عبدالعزيز الخير منذ شهر سبتمبر/أيلول عام 2012، وهو أحد مؤسسي حزب العمل الشيوعي ورئيس مكتب العلاقات الخارجية في هيئة التنسيق الوطنية المعارضة للنظام، وكان قد قضى نحو ثلاثة عشر عاما في سجون النظام السوري منذ بداية التسعينيات حتى عام 2005.
الأقليات خزان بشري
كان أبناء الأقليات العرقية والدينية في سورية خزاناً بشرياً هاماً للأحزاب والتيارات السياسية اليسارية السورية، إذ وجد أبناء الأقليات العرقية والدينية السورية في النظرة الأممية في الفكر اليساري ملجأ لهم من الشعارات الإسلامية التي تطرحها التيارات اليمينية الإسلامية، والشعارات القومية التي طرحتها الأحزاب القومية العربية.
يشهد على ذلك كون نسبة لا يستهان بها من كوادر وقواعد الحركات والتيارات اليسارية السورية من أبناء الأقليات الدينية كالعلويين والإسماعيليين والمسيحيين والدروز والأقليات العرقية التي يأتي في مقدمتها الأكراد السوريون، فكان منهم خالد بكداش مؤسس الحزب الشيوعي السوري، مع عدد كبير من كوادر وأعضاء مختلف التيارات والأحزاب اليسارية السورية.
اليساريون ضد النظام
تعد جميع الأحزاب والتيارات السياسية السورية اليسارية معارضة للنظام السوري، باستثناء الحزب الشيوعي السوري الذي تتزعمه وصال بكداش، والحزب الشيوعي السوري الموحد، والحزبان منضويان في الجبهة الوطنية التقدمية التي يقودها حزب البعث واجهة النظام السوري السياسية.
شاركت هذه التيارات والأحزاب اليسارية المعارضة للنظام السوري في التوقيع على بيان التسعة والتسعين الذي وقعه مثقفون وسياسيون معارضون للنظام السوري إبان استلام الرئيس السوري بشار الأسد للسلطة عام 2000، داعين فيه النظام إلى إجراء إصلاحات سياسية، فردت استخبارات النظام السوري على البيان بعمليات اعتقال للموقعين عليه، ليتلو البيان بعد أشهر قليلة بيان آخر وقعه ألف مثقف ومعارض سوري، طرح المعارضون السوريون فيه آليات للتغيير الديمقراطي في سورية.
بعد ذلك أسست في دمشق وحلب عدة منتديات سياسية، كان أشهرها منتدى جمال الأتاسي في دمشق. وكان للقوى اليسارية السورية المعارضة للنظام السوري دور كبير في نشاطات هذه المنتديات.
مع انطلاق الثورة في سورية في 15 مارس/آذار 2011، واصل المعارضون السوريون اليساريون انتقاد ممارسات النظام السوري التي هدفت إلى قمع التظاهرات وإسكاتها.
وانضمت الأحزاب والتيارات السورية اليسارية إلى مختلف كيانات المعارضة السورية، إذ انضم حزب العمل الشيوعي وتجمع اليسار الماركسي والحزب اليساري الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي PYD لهيئة التنسيق الوطنية، وانضم عدد من الأحزاب والتيارات السياسية اليسارية للمجلس الوطني السوري، ومن ثم الائتلاف السوري المعارض، وكان أشهرها حزب الشعب الديمقراطي الذي انتخب أمينه العام السابق، جورج صبرا، لرئاسة المجلس الوطني السوري، ومن ثم رئاسة الائتلاف السوري.
ترافق انطلاق الثورة في سورية من جانب آخر بانشقاق معظم كوادر الحزب الشيوعي السوري الموحد العضو في الجبهة التقدمية التابعة للنظام السوري، لتشكل هذه الكوادر المنشقة تنسيقيات الشيوعيين السوريين في دمشق، قبل أن يقوم النشطاء الشيوعيون المنشقون عن الحزب بتشكيل تنسيقية شيوعيي حلب وتنسيقية شيوعيي دمشق وتنسيقيات مماثلة في كل من حماة وإدلب وغيرها.
وتوضح الناشطة السورية، واعدة الوهب، لـ"العربي الجديد" أن: "النشطاء الشيوعيين في حلب قاموا بتأسيس تنسيقية شيوعيي حلب في أواخر عام 2011، بهدف التنسيق بين النشطاء المنشقين عن الأحزاب الشيوعية الموالية للنظام السوري ونشطاء منشقين عن أحزاب أخرى موالية للنظام السوري كالحزب القومي السوري الاجتماعي وغيره"، وتؤكد أن "نشاطات التنسيقية شملت الوقفات الاحتجاجية، وتوزيع المناشير التي تحض "الأغلبية الصامتة" على الانخراط في الثورة".
المليشيات اليسارية المسلحة في سورية
قامت مجموعة من الشباب التابعين للحزب الشيوعي السوري الذي تتزعمه وصال بكداش بتشكيل مليشيا صغيرة، قام النظام السوري بتسليحها تحت اسم "شبيبة خالد بكداش"، نسبة إلى مؤسس الحزب. وتواجد مسلحو المليشيا بشكل ملحوظ في جامعة دمشق ومحيطها، حيث كانوا معروفين بالشارات الحمراء على سواعدهم، والتي كتب عليها "شبيبة خالد بكداش"، وقاموا بالتعاون مع استخبارات النظام السوري بقمع الحراك المعارض للنظام في الجامعة في العامين الأولين للثورة.
من جانب آخر تعد قوات حماية الشعب الكردية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، والتي تسيطر على جميع المناطق ذات الغالبية الكردية شمال سورية، مليشيات ذات فكر يساري، ففكر حزب الاتحاد الديمقراطي مستمد من حزب العمال الكردستاني الذي يحمل فكراً شيوعياً ماوياً (صينياً) في أدبياته.
وضع خاص لليسار الكردي السوري
خرج الحزب الديمقراطي الكردي السوري الأقدم وأول الأحزاب الكردية في سورية، والمعروف اختصاراً باسم البارتي، من عباءة الحزب الشيوعي السوري، إذ تم تأسيسه عام 1957 من مجموعة من المثقفين والشخصيات الكردية التي كان عدد منها أعضاء سابقين في الحزب الشيوعي السوري.
ويؤكد الكاتب الكردي السوري، مصطفى إسماعيل، لـ"العربي الجديد" أن: "الأحزاب السياسية السورية الكردية ليست أحزاباً يسارية بالمعنى الدقيق للكلمة، بالرغم من اعتماد عدد منها على المقاربة اللينينية والماركسية للمسألة القومية، فهي في النهاية أحزاب قومية انشقت عن بعضها منذ بداية ستينيات القرن الماضي إلى اليوم عدة مرات، وذلك بسبب خلافات شخصية بين قياداتها حول قيادة هذه الأحزاب دون خلافات فكرية حقيقية، كما هي عادة اليسار السوري".