تخشى أوروبا اليوم من تجدّد تدفّق المهاجرين طالبي اللجوء إليها، لا سيّما أنّ العلاقة بين بعض دولها وتركيا متوتّرة في الآونة الأخيرة. يأتي ذلك وسط قلق تعبّر عنه منظمات إنسانيّة عدّة
بعد عام على بدء تنفيذ اتفاق الهجرة واللجوء بين تركيا والاتحاد الأوروبي، ما زال الجدال الأوروبي مستمراً حول ما سمّي منذ خريف عام 2015 "أزمة اللاجئين". وقد تصاعدت أخيراً التحذيرات من عودة ذلك المشهد، على الرغم من انخفاض أعداد الوافدين، خصوصاً مع الأزمة التركية الأوروبية المستجدّة.
"متعثّراً"، هكذا يرى باحثون ومنظمات مهتمة بشؤون اللاجئين الاتفاق التركي الأوروبي حول إعادة المهاجرين طالبي اللجوء. الأوروبيون أملوا بأن يفرمل الاتفاق تدفّق المهاجرين وطالبي اللجوء عبر بحث طلبات اللجوء في اليونان، وإعادة آخرين إلى تركيا، واستقبال أوروبا أعداداً من تركيا، ودعم ماليّ لأنقرة بقيمة ثلاثة مليارات يورو (2016-2017)، وفتح حدود شنغن أمام مواطنيها. لكنّ تكدّس آلاف طالبي اللجوء في الجزر اليونانية، نحو 64 ألفاً في عموم البلاد، والخوف من عودة التدفّق عبر البحر الأبيض المتوسط، بدآ بإقلاق الأوروبيين. تعبّر دوائر الهجرة الأوروبية عن قلقها نظراً إلى الأنباء الواردة عن محاولات جديدة لاستخدام القوارب المطاطية انطلاقاً من شواطئ تركيا مع تحسّن الأحوال الجوية. وهو الأمر الذي زاد كذلك من القلق المرتبط بالتهديد التركي المبطّن القائل بالتراجع عن بنود الاتفاق.
تشير أرقام المنظمة الدولية للهجرة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومكتب الإحصاء الأوروبي (يورستات) إلى أنّ عام 2015 شهد تدفّق أكثر من 856 ألف مهاجر نحو اليونان. وفي النصف الثاني من عام 2016، أي بعد بدء تطبيق الاتفاقية الأوروبية التركية، انخفض العدد إلى نحو 22 ألفاً. يُذكر أنّ 86 في المائة من هؤلاء هم من الأفغان والسوريين والعراقيين.
اقــرأ أيضاً
آمال لم تتحقق
في مارس/آذار 2016 كان نحو 30 ألف مهاجر يأملون باستمرار رحلتهم نحو دول الاتحاد الأوروبي، إلا أنّ إغلاق مسار البلقان أدّى إلى تكدّس آلاف من هؤلاء في ظروف قاسية وصعبة على العائلات والشبان غير المصحوبين، مع وعود كثيرة بدراسة أوضاعهم، من دون نتيجة عملية بعد مرور عام كامل.
بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي، فإنّ انخفاض نسبة الوافدين عبر اليونان بنحو 98 في المائة خلال الأشهر الاثني عشر من تاريخ بدء التطبيق، هو ما يُعدّ الأهم. لكنّ الخشية تتزايد في الأسابيع الأخيرة من أن "يرخي الأتراك قبضتهم فيعود التدفّق مرّة أخرى عبر بحر إيجه"، بحسب تحذيرات منظمات محلية وإقليمية ودولية تعنى بشؤون المهاجرين واللاجئين والمخاطر التي يتعرّضون لها في رحلتهم نحو أوروبا. واليوم، يرغب الأوروبيون في تثبيت الوضع الذي خلقه الاتفاق المشار إليه آنفاً، على الرغم من توتر العلاقة بين تركيا وعدد من دولهم.
تقول الخبيرة ميتا إبيلغوورد، وهي متخصّصة في شؤون اللجوء والهجرة في آرهوس، وسط الدنمارك، لـ"العربي الجديد"، إنّه "في حال نظرنا إلى الطبقة السياسية في أوروبا نرى أنّها تخشى الموقف التركي في مجال فتح بحر إيجه أمام قوارب التهريب نحو اليونان. لكن على المستوى البيروقراطي، وعند مقرّري شؤون الهجرة في البرلمانات كذلك، نسجّل تعبيراً عن حالة من عدم الارتياح من قبل هؤلاء حين يسمعون تصريحات سياسية متشابكة مع تركيا. فالأتراك عملياً أنقذوا أوروبا من وفود أكثر من مليون مهاجر/ لاجئ خلال 12 شهراً".
واقع الحال يقول بأنّ الاهتمام البيروقراطي بانخفاض عدد الوافدين عبر تركيا تقابله وباستمرار انتقادات لاذعة لمنظمات حقوقية محلية ودولية، لما تسبب به ذلك الاتفاق. ولعلّ أبرز تلك الانتقادات جاء على لسان نائبة مدير منظمة هيومان رايتس ووتش لقسم أوروبا وآسيا الوسطى، جوديث ساندرلاند، حول ما يتعلق بشؤون الهجرة ومكافحة التمييز. فقد انتقدت ساندرلاند الاتفاق منذ البداية، مؤكّدة أنّ "قادة الاتحاد هربوا من توقّعاتهم بانهيار الاتحاد نحو تلك الاتفاقية، من دون تحمّل مسؤولية جماعية تجاه المهاجرين واللاجئين والاكتفاء بطرح فكرة سيئة وراء أخرى".
قلق ومخاوف
واليوم، تُثير حياة عشرات الآلاف ممن تقطعت بهم السبل في اليونان مخاوف عدد من المنظمات. ويبدو أنّ مخيّم ريستونا (86 كيلومتراً إلى شمال أثنيا) يعبّر عن مأساة حقيقية يعانيها هؤلاء، خصوصاً الذين يحملون أطفالهم على مدى أشهر آملين بالوصول إلى الاتحاد الأوروبي، على الرغم من إغلاق البلقان حدوده في وجههم. ويزداد الواقع مأساوية مع التشديدات الكبيرة التي أدخلتها حكومات دول شرق أوروبا ووسطها، من مقدونيا إلى المجر. وقد ظهر أخيراً تهديد باستخدام قوة "حرس حدود" من المدنيين، مستعدة لاستخدام العنف بهدف منع وفود المهاجرين. يُضاف إلى ذلك بناء مزيد من السياجات والجدران في وجه هؤلاء.
ما يقلق المنظمات الحقوقية وتلك التي تهتم بمصالح المهاجرين واللاجئين، ليس فقط ما يفوق 64 ألف مهاجر طالب لجوء تقطّعت بهم السبل في اليونان في ظروف غير محتملة، بل الانتخابات (في ألمانيا خصوصاً) التي بدأت تدفع في اتجاه إعادة المهاجرين طالبي اللجوء إلى اليونان.
مع تراجع شعبية المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والخشية من خسارتها انتخابات سبتمبر/ أيلول المقبل، صرّح أخيراً وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزيير بأنّ بلاده "سوف تبدأ بعملية ترحيل الذين دخلوا أراضيها وافدين من اليونان". والإعلان الألماني وما سبقه من مطالبة هولندا بإعادة الذين دخلوا إلى البلاد عبر اليونان إلى تركيا، دفعا بمدير مكتب مؤسسة "فريدريش إيبرت شتيفتونغ" في أثينا، خريستوس كاتسيوليس، إلى التحذير من أنّ "هذه القوانين الألمانية هي سياسية انتخابية، ولا تتضمّن عدالة في معاملة اللاجئين. وهذه قضية سوف تُظهر انعدام التضامن بين دول الاتحاد الأوروبي الذي تدافع عنه برلين دائماً. وذلك تناقض غريب". وانتقاد كاتسيوليس للخطوة الألمانية يستند إلى أنّ "حكومة اليونان تعاني في الأساس انخفاضاً في الموارد بسبب أزمة ديونها الكبيرة. وهي حاولت كذلك ممارسة سياسة إنسانية مع اللاجئين عبر إيواء أكثر من 62 ألف لاجئ على أراضيها".
وعود لم تنفّذ
دول الاتحاد الأوروبي كانت قد وعدت باستقبال 160 ألف مهاجر طالب لجوء من الجزر اليونانية وإيطاليا حتى سبتمبر/ أيلول المقبل، لكنّ واقع الحال يشير وفقاً لما جرى خلال عام إلى أنّ الاتحاد لم يستقبل أكثر من خمسة آلاف وأنّه "ترك اليونان وإيطاليا تواجهان مشكلتهما وحدهما بعيداً عن شمال أوروبا"، بحسب ما قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة أثنيا ديمتريس كريستوبولوس. من جهته، رأى المتحدث الرسمي باسم رئيس بلدية ليسبوس، ماريوس أندريوتيس، أنّ "ثمّة من يبدو من الجانب التركي غير راغب في التقيّد بما عليه أن يفعل وفقاً للاتفاقية". بالنسبة إلى أندريوتيس، فإنّ "المخاوف تتعاظم مع حلول الربيع والشعور بأنّ الفرامل في الجانب الآخر بدأت تتراخى".
اقــرأ أيضاً
بعد عام على بدء تنفيذ اتفاق الهجرة واللجوء بين تركيا والاتحاد الأوروبي، ما زال الجدال الأوروبي مستمراً حول ما سمّي منذ خريف عام 2015 "أزمة اللاجئين". وقد تصاعدت أخيراً التحذيرات من عودة ذلك المشهد، على الرغم من انخفاض أعداد الوافدين، خصوصاً مع الأزمة التركية الأوروبية المستجدّة.
"متعثّراً"، هكذا يرى باحثون ومنظمات مهتمة بشؤون اللاجئين الاتفاق التركي الأوروبي حول إعادة المهاجرين طالبي اللجوء. الأوروبيون أملوا بأن يفرمل الاتفاق تدفّق المهاجرين وطالبي اللجوء عبر بحث طلبات اللجوء في اليونان، وإعادة آخرين إلى تركيا، واستقبال أوروبا أعداداً من تركيا، ودعم ماليّ لأنقرة بقيمة ثلاثة مليارات يورو (2016-2017)، وفتح حدود شنغن أمام مواطنيها. لكنّ تكدّس آلاف طالبي اللجوء في الجزر اليونانية، نحو 64 ألفاً في عموم البلاد، والخوف من عودة التدفّق عبر البحر الأبيض المتوسط، بدآ بإقلاق الأوروبيين. تعبّر دوائر الهجرة الأوروبية عن قلقها نظراً إلى الأنباء الواردة عن محاولات جديدة لاستخدام القوارب المطاطية انطلاقاً من شواطئ تركيا مع تحسّن الأحوال الجوية. وهو الأمر الذي زاد كذلك من القلق المرتبط بالتهديد التركي المبطّن القائل بالتراجع عن بنود الاتفاق.
تشير أرقام المنظمة الدولية للهجرة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومكتب الإحصاء الأوروبي (يورستات) إلى أنّ عام 2015 شهد تدفّق أكثر من 856 ألف مهاجر نحو اليونان. وفي النصف الثاني من عام 2016، أي بعد بدء تطبيق الاتفاقية الأوروبية التركية، انخفض العدد إلى نحو 22 ألفاً. يُذكر أنّ 86 في المائة من هؤلاء هم من الأفغان والسوريين والعراقيين.
آمال لم تتحقق
في مارس/آذار 2016 كان نحو 30 ألف مهاجر يأملون باستمرار رحلتهم نحو دول الاتحاد الأوروبي، إلا أنّ إغلاق مسار البلقان أدّى إلى تكدّس آلاف من هؤلاء في ظروف قاسية وصعبة على العائلات والشبان غير المصحوبين، مع وعود كثيرة بدراسة أوضاعهم، من دون نتيجة عملية بعد مرور عام كامل.
بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي، فإنّ انخفاض نسبة الوافدين عبر اليونان بنحو 98 في المائة خلال الأشهر الاثني عشر من تاريخ بدء التطبيق، هو ما يُعدّ الأهم. لكنّ الخشية تتزايد في الأسابيع الأخيرة من أن "يرخي الأتراك قبضتهم فيعود التدفّق مرّة أخرى عبر بحر إيجه"، بحسب تحذيرات منظمات محلية وإقليمية ودولية تعنى بشؤون المهاجرين واللاجئين والمخاطر التي يتعرّضون لها في رحلتهم نحو أوروبا. واليوم، يرغب الأوروبيون في تثبيت الوضع الذي خلقه الاتفاق المشار إليه آنفاً، على الرغم من توتر العلاقة بين تركيا وعدد من دولهم.
تقول الخبيرة ميتا إبيلغوورد، وهي متخصّصة في شؤون اللجوء والهجرة في آرهوس، وسط الدنمارك، لـ"العربي الجديد"، إنّه "في حال نظرنا إلى الطبقة السياسية في أوروبا نرى أنّها تخشى الموقف التركي في مجال فتح بحر إيجه أمام قوارب التهريب نحو اليونان. لكن على المستوى البيروقراطي، وعند مقرّري شؤون الهجرة في البرلمانات كذلك، نسجّل تعبيراً عن حالة من عدم الارتياح من قبل هؤلاء حين يسمعون تصريحات سياسية متشابكة مع تركيا. فالأتراك عملياً أنقذوا أوروبا من وفود أكثر من مليون مهاجر/ لاجئ خلال 12 شهراً".
واقع الحال يقول بأنّ الاهتمام البيروقراطي بانخفاض عدد الوافدين عبر تركيا تقابله وباستمرار انتقادات لاذعة لمنظمات حقوقية محلية ودولية، لما تسبب به ذلك الاتفاق. ولعلّ أبرز تلك الانتقادات جاء على لسان نائبة مدير منظمة هيومان رايتس ووتش لقسم أوروبا وآسيا الوسطى، جوديث ساندرلاند، حول ما يتعلق بشؤون الهجرة ومكافحة التمييز. فقد انتقدت ساندرلاند الاتفاق منذ البداية، مؤكّدة أنّ "قادة الاتحاد هربوا من توقّعاتهم بانهيار الاتحاد نحو تلك الاتفاقية، من دون تحمّل مسؤولية جماعية تجاه المهاجرين واللاجئين والاكتفاء بطرح فكرة سيئة وراء أخرى".
قلق ومخاوف
واليوم، تُثير حياة عشرات الآلاف ممن تقطعت بهم السبل في اليونان مخاوف عدد من المنظمات. ويبدو أنّ مخيّم ريستونا (86 كيلومتراً إلى شمال أثنيا) يعبّر عن مأساة حقيقية يعانيها هؤلاء، خصوصاً الذين يحملون أطفالهم على مدى أشهر آملين بالوصول إلى الاتحاد الأوروبي، على الرغم من إغلاق البلقان حدوده في وجههم. ويزداد الواقع مأساوية مع التشديدات الكبيرة التي أدخلتها حكومات دول شرق أوروبا ووسطها، من مقدونيا إلى المجر. وقد ظهر أخيراً تهديد باستخدام قوة "حرس حدود" من المدنيين، مستعدة لاستخدام العنف بهدف منع وفود المهاجرين. يُضاف إلى ذلك بناء مزيد من السياجات والجدران في وجه هؤلاء.
ما يقلق المنظمات الحقوقية وتلك التي تهتم بمصالح المهاجرين واللاجئين، ليس فقط ما يفوق 64 ألف مهاجر طالب لجوء تقطّعت بهم السبل في اليونان في ظروف غير محتملة، بل الانتخابات (في ألمانيا خصوصاً) التي بدأت تدفع في اتجاه إعادة المهاجرين طالبي اللجوء إلى اليونان.
مع تراجع شعبية المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والخشية من خسارتها انتخابات سبتمبر/ أيلول المقبل، صرّح أخيراً وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزيير بأنّ بلاده "سوف تبدأ بعملية ترحيل الذين دخلوا أراضيها وافدين من اليونان". والإعلان الألماني وما سبقه من مطالبة هولندا بإعادة الذين دخلوا إلى البلاد عبر اليونان إلى تركيا، دفعا بمدير مكتب مؤسسة "فريدريش إيبرت شتيفتونغ" في أثينا، خريستوس كاتسيوليس، إلى التحذير من أنّ "هذه القوانين الألمانية هي سياسية انتخابية، ولا تتضمّن عدالة في معاملة اللاجئين. وهذه قضية سوف تُظهر انعدام التضامن بين دول الاتحاد الأوروبي الذي تدافع عنه برلين دائماً. وذلك تناقض غريب". وانتقاد كاتسيوليس للخطوة الألمانية يستند إلى أنّ "حكومة اليونان تعاني في الأساس انخفاضاً في الموارد بسبب أزمة ديونها الكبيرة. وهي حاولت كذلك ممارسة سياسة إنسانية مع اللاجئين عبر إيواء أكثر من 62 ألف لاجئ على أراضيها".
وعود لم تنفّذ
دول الاتحاد الأوروبي كانت قد وعدت باستقبال 160 ألف مهاجر طالب لجوء من الجزر اليونانية وإيطاليا حتى سبتمبر/ أيلول المقبل، لكنّ واقع الحال يشير وفقاً لما جرى خلال عام إلى أنّ الاتحاد لم يستقبل أكثر من خمسة آلاف وأنّه "ترك اليونان وإيطاليا تواجهان مشكلتهما وحدهما بعيداً عن شمال أوروبا"، بحسب ما قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة أثنيا ديمتريس كريستوبولوس. من جهته، رأى المتحدث الرسمي باسم رئيس بلدية ليسبوس، ماريوس أندريوتيس، أنّ "ثمّة من يبدو من الجانب التركي غير راغب في التقيّد بما عليه أن يفعل وفقاً للاتفاقية". بالنسبة إلى أندريوتيس، فإنّ "المخاوف تتعاظم مع حلول الربيع والشعور بأنّ الفرامل في الجانب الآخر بدأت تتراخى".
في مقابل التراجع الذي يشهده بحر إيجه في نسب المهاجرين الذين يحاولون عبوره، تشير أرقام الاتحاد الأوروبي إلى أنّه في الشهرين الأولين من العام الجاري أنقذ 15 ألفاً و760 مهاجراً طالب لجوء في عرض البحر بواسطة البواخر الأوروبية. ويُعدّ ذلك زيادة بنسبة 50 في المائة بالمقارنة مع يناير/كانون الثاني 2016. إلى عمليات الإنقاذ تلك، انتشلت كذلك 477 جثة لغرقى في الفترة نفسها، بالإضافة إلى العثور على 140 جثة على شواطئ ليبيا.
بالنسبة إلى الأوروبيين، فإنّ هذه المستجدات في المتوسط مقلقة وتشير إلى تعثّر خطط قادة الاتحاد لوقف الهجرة نحو إيطاليا في العام الماضي. وقد رأى قادة الاتحاد في قمتهم التي عقدوها في مالطا في فبراير/ شباط الماضي بأنّه "من الضروري إغلاق الباب الخلفي لأوروبا"، بحسب ما صرّح رئيس وزراء الدنمارك لارس لوكا راسموسن.
وفقاً لتقييم المنظمة الدولية للهجرة، فإنّ "عصابات تهريب البشر وخلافاتها على الأموال أدّت إلى مقتل عدد كبير من هؤلاء مقابل السواحل الليبية من خلال عمليات تبادل لإطلاق النار".
بالنسبة إلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومنظمة هيومان رايتس ووتش، بالإضافة إلى منظمات حقوقية محلية، فإنّ التعديلات الصارمة التي أدخلها الاتحاد الأوروبي على سياسة اللجوء والهجرة بعد عام 2015 "دفعت بسوق التهريب نحو الازدهار، مع ما يحمله ذلك من مخاطر كبيرة على حياة البشر. وتنامي المنافسة على السيطرة على شواطئ التهريب يدفع ثمنه المهاجرون طالبو اللجوء في محاولتهم العبور والوصول إلى أوروبا". وفي فبراير/ شباط الماضي، صرّح المتحدث باسم المنظمة الدولية للهجرة، جويل ميلمان: "نشهد نشاطاً متزايداً في صناعة التهريب التي وصلت إلى حدود ومستويات يُمارس فيها العنف وإطلاق النار للمنافسة على خطوط التهريب".
ويبدو أنّ القلق الأوروبي يتزايد من تصاعد موجة الهجرة نحو إيطاليا، بعدما وصل في العام الماضي 181 ألف مهاجر طالب لجوء من شمال أفريقيا إلى شواطئ الجزر الإيطالية. يُذكر أنّ التخبّط الذي يعيشه الاتحاد الأوروبي في خططه التي أطلقها في عام 2015 تحت عنوان عملية "صوفيا" من خلال نشر السفن في البحر الأبيض المتوسط أدّى كذلك إلى العجز عن كبح تهريب البشر. وأصبحت السفن الحربية، المفترض بها حراسة شواطئ أوروبا، تعمل كفرق إنقاذ في عرض البحر.
تجدر الإشارة إلى أنّ قادة الاتحاد الأوروبي في قمة مالطا خصّصوا 200 مليون يورو لمحاربة التهريب على شواطئ شمال أفريقيا، بدلاً من انتظار الناس في عرض البحر، وتحديداً في المياه الإقليمية لليبيا والضغط عليها لمزيد من السيطرة على الشواطئ في المرحلة الأولى. لكنّ حقوقيين ومنظمات وطنية تدافع عن اللاجئين والمهاجرين، ينتقدون خطوات الاتحاد الأوروبي واعتماده على "مبالغ هزيلة، وفي الوقت ذاته تخفيض المعونات لدول أفريقية لن توقف عمليات التهريب".
وفي حين يأتي الشعار "الاتحاد الأوروبي يقوم بحماية الحدود"، إلا أنّ الواقع يُظهر بأنّ سفن إيطاليا وبريطانيا الخارجة من الاتحاد، هي التي كانت تضطلع بالمهمة في المتوسط، وإن من دون نتائج حاسمة لوقف عمليات التهريب.
المنتقدون الأوروبيون لما يخصّصه الاتحاد من أموال لمكافحة التهريب، يرون أنّ "صناعة التهريب تدرّ أموالاً أكثر من تلك التي تخصّصها الدول لمكافحته". وهو أمر يؤكّده الباحث في المركز الدنماركي للدراسات الدولية هانس لوكت بالقول إنّ "عمليات التهريب تدرّ كثيراً من الأموال، وما من شكّ في أنّ دوائر حكومية في بعض الدول تشارك في ذلك، ومنها ليبيا منذ سقوط القذافي". ويبدو لوكت متشائماً من قدرة الاتحاد الأوروبي على فعل الكثير لوقف اللجوء والهجرة عبر المتوسط وإيجه. ويرى أنّ الوضع سوف يبقى على حاله في عام 2017 من دون أن يتمكّن الاتحاد من تغييره.
اقــرأ أيضاً
بالنسبة إلى الأوروبيين، فإنّ هذه المستجدات في المتوسط مقلقة وتشير إلى تعثّر خطط قادة الاتحاد لوقف الهجرة نحو إيطاليا في العام الماضي. وقد رأى قادة الاتحاد في قمتهم التي عقدوها في مالطا في فبراير/ شباط الماضي بأنّه "من الضروري إغلاق الباب الخلفي لأوروبا"، بحسب ما صرّح رئيس وزراء الدنمارك لارس لوكا راسموسن.
وفقاً لتقييم المنظمة الدولية للهجرة، فإنّ "عصابات تهريب البشر وخلافاتها على الأموال أدّت إلى مقتل عدد كبير من هؤلاء مقابل السواحل الليبية من خلال عمليات تبادل لإطلاق النار".
بالنسبة إلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومنظمة هيومان رايتس ووتش، بالإضافة إلى منظمات حقوقية محلية، فإنّ التعديلات الصارمة التي أدخلها الاتحاد الأوروبي على سياسة اللجوء والهجرة بعد عام 2015 "دفعت بسوق التهريب نحو الازدهار، مع ما يحمله ذلك من مخاطر كبيرة على حياة البشر. وتنامي المنافسة على السيطرة على شواطئ التهريب يدفع ثمنه المهاجرون طالبو اللجوء في محاولتهم العبور والوصول إلى أوروبا". وفي فبراير/ شباط الماضي، صرّح المتحدث باسم المنظمة الدولية للهجرة، جويل ميلمان: "نشهد نشاطاً متزايداً في صناعة التهريب التي وصلت إلى حدود ومستويات يُمارس فيها العنف وإطلاق النار للمنافسة على خطوط التهريب".
ويبدو أنّ القلق الأوروبي يتزايد من تصاعد موجة الهجرة نحو إيطاليا، بعدما وصل في العام الماضي 181 ألف مهاجر طالب لجوء من شمال أفريقيا إلى شواطئ الجزر الإيطالية. يُذكر أنّ التخبّط الذي يعيشه الاتحاد الأوروبي في خططه التي أطلقها في عام 2015 تحت عنوان عملية "صوفيا" من خلال نشر السفن في البحر الأبيض المتوسط أدّى كذلك إلى العجز عن كبح تهريب البشر. وأصبحت السفن الحربية، المفترض بها حراسة شواطئ أوروبا، تعمل كفرق إنقاذ في عرض البحر.
تجدر الإشارة إلى أنّ قادة الاتحاد الأوروبي في قمة مالطا خصّصوا 200 مليون يورو لمحاربة التهريب على شواطئ شمال أفريقيا، بدلاً من انتظار الناس في عرض البحر، وتحديداً في المياه الإقليمية لليبيا والضغط عليها لمزيد من السيطرة على الشواطئ في المرحلة الأولى. لكنّ حقوقيين ومنظمات وطنية تدافع عن اللاجئين والمهاجرين، ينتقدون خطوات الاتحاد الأوروبي واعتماده على "مبالغ هزيلة، وفي الوقت ذاته تخفيض المعونات لدول أفريقية لن توقف عمليات التهريب".
وفي حين يأتي الشعار "الاتحاد الأوروبي يقوم بحماية الحدود"، إلا أنّ الواقع يُظهر بأنّ سفن إيطاليا وبريطانيا الخارجة من الاتحاد، هي التي كانت تضطلع بالمهمة في المتوسط، وإن من دون نتائج حاسمة لوقف عمليات التهريب.
المنتقدون الأوروبيون لما يخصّصه الاتحاد من أموال لمكافحة التهريب، يرون أنّ "صناعة التهريب تدرّ أموالاً أكثر من تلك التي تخصّصها الدول لمكافحته". وهو أمر يؤكّده الباحث في المركز الدنماركي للدراسات الدولية هانس لوكت بالقول إنّ "عمليات التهريب تدرّ كثيراً من الأموال، وما من شكّ في أنّ دوائر حكومية في بعض الدول تشارك في ذلك، ومنها ليبيا منذ سقوط القذافي". ويبدو لوكت متشائماً من قدرة الاتحاد الأوروبي على فعل الكثير لوقف اللجوء والهجرة عبر المتوسط وإيجه. ويرى أنّ الوضع سوف يبقى على حاله في عام 2017 من دون أن يتمكّن الاتحاد من تغييره.