أزمة إدارة اقتصاد مصر

25 يناير 2015
هل يحق لأحد أن يسأل لماذا اكتأب المصريون؟(أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -
أتى اليوم الذي لا تملك فيه مصر خبراء اقتصاديين يصنعون لها رؤيتها ويحددون لها مستقبلها، مصر التي ملأ خبراؤها المؤسسات المالية الإقليمية والدولية، وكانوا صناع للمؤسسات الخليجية وغيرها من دول المنطقة، أصبحت تدير اقتصادها يوماً بيوم، والأدهى من ذلك أن المؤتمر الاقتصادي، المقرر عقده بمارس/آذار المقبل، تديره لجنة من خبراء إماراتيين وسعوديين وأجانب.
وإدارة اقتصاد مصر بسياسة يوم بيوم، ليس افتراءً على أحد، حيث قال السيسي للإعلاميين المرافقين له بالإمارات "إننا نمر بظروف اقتصادية صعبة تجعلنا نعمل يوماً بيوم"، مشيراً إلى أنها إشارة يعرفها الفقير الذي يكسب قوته يوماً بيوم.
فهل تصلح هذه الرؤية لصناعة مستقبل الشباب وترغبه في البقاء ببلده وتمنعه من الهجرة غير الشرعية التي يعرض فيها حياته للخطر، أو تمنعه من الذهاب لمناطق الصراع بليبيا، أو أن يقبل بعمل غير لائق بدول الخليج وغيرها؟
هل تصلح هذه السياسة لتلبية احتياجات الفقراء، ليحلموا بتعليم أبنائهم، وعلاج مرضاهم، والحصول على قوتهم الضروري؟ هل بعد ذلك يحق لأحد أن يسأل لماذا اكتأب المصريون، ولم تعد البسمة تعلو وجوههم؟
أين الرؤية التي يمتلكها السيسي، لكي تكون مصر "أد الدنيا"؟
لقد قاربت المدة التي حددها قائد الانقلاب لتغيير اقتصاد مصر للأفضل على الانتهاء، وهي سنتان، مضى عام ونصف على الانقلاب العسكري، ولم ير الناس إلا أزمات متتالية بالكهرباء، والوقود، والأسعار.
سياسة يوم بيوم لا تخرج مصر من أزمتها الاقتصادية، بل تغرقها في المزيد من المشكلات، وتحويل المشكلات إلى معضلات، فمستقبل البلاد لا يكون بالنظر تحت الأقدام، ولكن يصنع من خلال رؤية واضحة، ومعرفة جيدة بالموارد الاقتصادية، وتحديد للاحتياجات، وتوظيف لتلك الموارد بما يتناسب مع احتياجات البلاد في الآجال المختلفة.
كنا نحلم بخروج مصر من دائرة التخلف، والتزحزح إلى مصاف الدول الصاعدة، من خلال صناعة متقدمة تعتمد على القيمة المضافة، وزراعة حديثة تعمل على الوفاء بالجزء الأكبر من احتياجاتنا الزراعية والغذائية، ولكن في ظل سياسة يوم بيوم، سنظل في منعتق الدول المتخلفة، إن لم ننحدر لتوصيف الدول الأكثر تخلفاً.
لقد أتيح للانقلاب العسكري ما لم يتح لحكومة الرئيس المنتخب د. محمد مرسي، حيث طُوّعت كافة الأجهزة الاقتصادية والمالية للانقلاب الذي حصل على مِنح ومساعدات هي الأكبر في تاريخ مصر، ومع ذلك يعمل بسياسة يوم بيوم الفاشلة، بلا رؤية أو أمل.
المساهمون