يواجه اليمن أزمة سيولة متزايدة من الفئات الصغيرة للعملة المحلية، والتي اختفت من السوق، خلال الأشهر القليلة الماضية، الأمر الذي يتسبب في زيادة ارتفاع الأسعار، كما يخلق مشاكل يومية بين البائعين والمتعاملين، فيما يعتزم البنك المركزي إصدار أوراق وعملات نقدية جديدة لمواجهة الأزمة.
وتأتي أزمة "الفكة"، بينما يشهد الريال موجة تراجع جديدة إلى 530 ريالا للدولار الواحد، مقابل 480 ريالاً نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وكشفت مصادر حكومية لـ"العربي الجديد" عن اعتزام البنك المركزي إصدار ورقة نقدية جديدة فئة 100 ريال، سيتم طرحها للتداول خلال يناير/كانون الثاني الجاري، بالإضافة إلى طرح عملة معدنية جديدة من فئة 50 ريلا لتحل محل الورقة النقدية من نفس الفئة والتي سيتم إلغاؤها.
واختفت الفئات الصغيرة من العملة اليمنية من الأسواق بصورة ملحوظة، وبات صغار التجار من محلات المواد الغذائية ومالكي سيارات النقل الداخلي وأصحاب المطاعم يستبدلون "الفكة" بقطع صغيرة من الشوكلاتة المحلية أو اللبان "العلكة".
وقال محمد الكوري، مالك مطعم في مدينة تعز (جنوب غرب البلاد) إن "اختفاء النقد الصغير يخلق مشاكل يومية مع الزبائن، وصغار التجار وأصحاب المحلات يلجأون إلى المتسولين الذين باتوا يتاجرون بالعملات الصغيرة ويستفيدون من مبادلة العملات بأوراق نقدية".
ويشكو سكان العاصمة اليمنية صنعاء والعاصمة المؤقتة عدن (جنوب البلاد) من مشاكل يومية مع مالكي سيارات نقل الركاب والأجرة بسبب عدم توفر "الفكة"، وبات على المواطن أن يسأل أصحاب الحافلات الصغيرة كل مرة: هل معك صرف، قبل أن يستقل الحافلة.
ولجأ البنك المركزي إلى طباعة النقود بشكل متزايد، إذ بلغ إجمالي قيمة العملات المطبوعة، خلال العامين الماضيين 2017 و2018، نحو 800 مليار ريال.
ويحذّر خبراء اقتصاد من انعكاسات خطيرة لطباعة النقود، تتمثل في انخفاض كبير للعملة المحلية التي تواصل التهاوي، على الرغم من حصول اليمن على وديعة نقدية بملياري دولار من السعودية.
وقال حسام السعيدي، الباحث الاقتصادي، إن انعدام الفئات الصغيرة من العملة يؤثر بشكل مباشر على المواطنين من ذوي الدخل المحدود، الذين يكثر تداولهم لهذه الفئات.
وأضاف السعيدي، لـ"العربي الجديد"، أن "الأوراق النقدية من الفئات 100 و50 ريالا، أصبحت تالفة في معظمها منذ بداية الحرب قبل نحو أربعة أعوام، حيث يتداول الناس أوراقا ممزقة، وكان ينبغي استبدالها قبل عامين من قبل البنك المركزي الذي ظل يطبع أوراقا نقدية من الفئات الكبيرة 500 و1000 ريال، فيما يواجه السوق أزمة حادة من الفئات الصغيرة".
وأعلن البنك المركزي، مطلع 2018، أنه يتجه لطباعة تريليون ريال (5 مليارات دولار) من الأوراق النقدية، بغرض استبدال النقود التالفة من جهة، ومواجهة أزمة السيولة ودفع رواتب موظفي الدولة في مناطق الحكومة الشرعية من جهة أخرى، في خطوة من المتوقع أن تلقي بتداعيات خطيرة على قيمة العملة المحلية.
ووفق التقرير السنوي للبنك المركزي الصادر مؤخرا، فإن النقود التالفة تمثل نحو 90% من حجم النقد المتداول، وأنه يجري الترتيب لاستبدال التالف بنقود جديدة من خلال طباعة النقود الجديدة على مراحل بواسطة شركة جوزناك الروسية.
ومنذ نهاية عام 2016، باتت الأوراق النقدية التالفة عنواناً لأزمة السيولة النقدية التي تضرب القطاع المصرفي في اليمن، حيث أعاد المصرف المركزي في العاصمة صنعاء، الذي يسيطر الحوثيون عليه، مليارات من العملة التالفة للتداول في أوقات سابقة، مما خلق إزعاجا للمواطنين والتجار في تعاملاتهم اليومية.
وحسب تقارير رسمية، كان المصرف المركزي يستقبل ما بين 50 إلى 70 مليون ريال (بين 230 ألف دولار و323 ألف دولار) من النقود التالفة بشكل يومي، وكانت آخر عملية إعدام للنقود عام 2013، حيث أعلن عن إعدام 18 مليار ريال من العملة التالفة.
وقدّر خبراء اقتصاد، أن اليمن يتكبّد ما يقارب من 85 مليون دولار، نتيجة تداول العملة التالفة، التي خلِقت أمام المتعاملين، وتتطلب تدخّل البنك المركزي من خلال طباعة أوراق بديلة.