أزمة "الكامور" تتصاعد في تونس...شركات النفط تباشر بتسريح العمال

25 اغسطس 2020
غلق مضخة النفط الرئيسية في تطاوين (فرانس برس)
+ الخط -

تصاعدت أزمة غلق المنشآت النفطية في منطقة الكامور بمحافظة تطاوين جنوب تونس، بعد أن فشلت المساعي الحكومية في إنهاء اعتصام المحتجين المطالبين بالتوظيف أو إقناع الشركات بتوفير المزيد من فرص العمل، ليدخل طرفا الأزمة في ضغط متبادل، ما يزيد من تفاقم أزمة الطاقة، في البلد الذي يعتمد بشكل رئيسي على الاستيراد.

ويغلق محتجون يطالبون بالتوظيف، منذ منتصف يوليو/تموز الماضي، محطة الضخ النفطية الرئيسية في تطاوين، التي تعمل بها شركات كبرى عبر استثمارات أجنبية مباشرة أو مشتركة مع الدولة، أبرزها "إيني" الإيطالية و"أو أم في" النمساوية و"أتوك أويل" البريطانية.

وأخطرت المؤسسات النفطية العاملة في المحافظة، السلطات التونسية، نيتها إحالة آلاف العمال والموظفين إلى البطالة الفنية لعدم قدرتها على دفع الأجور، بسبب توقف العمل وهبوط أسعار النفط في السوق العالمية، وفق مستشار وزير الطاقة حامد الماطري في تصريح خاص لـ"العربي الجديد".

وقال الماطري إن شركات الخدمات المرتبطة بالشركات النفطية توقفت فعلاً عن العمل وأحالت عمالها إلى البطالة الفنية، فيما تلوّح الشركات النفطية الأجنبية بتقليص عدد الموظفين، مؤكدا بذل وزارة الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة جهودا كبيرة من أجل إقناع المستثمرين بالحفاظ على الوظائف، لا سيما في ظل الظروف الحالية الناجمة عن تداعيات جائحة فيروس كورونا الجديد.

وأكد أنه بعد نحو شهر ونصف الشهر من الغلق التام لمحطة الضخ الرئيسية في منطقة الكامور، أصبح المستثمرون في القطاع يبدون قلقاً كبيراً ويلوّحون بتسريح العمال، معتبرا أن ردة فعل الشركات النفطية متوقعة.

وأضاف أن "عجز السلطة عن إيجاد حلول لملف اعتصام الكامور ومرور نحو 9 وزراء على وزارة الطاقة خلال السنوات العشر الماضية، أصبح مصدر قلق وإزعاج كبير للشركات النفطية التي قد تضطر لمغادرة البلاد ووفق نشاطاتها بصفة نهائية". وأشار إلى عدم قدرة القطاع النفطي على تشغيل عدد كبير من العمال، و"بالتالي هناك صعوبة في الاستجابة لمطالب المحتجين الذين طالبوا بتوفير 1500 فرصة عمل في الشركات العاملة هناك".

ويؤثر الإضراب على إنتاج الطاقة، ما يزيد العجز في هذا المجال، في البلد الذي يعتمد بالأساس في تدبير معظم احتياجاته على الاستيراد، فضلا عن تراجع العائدات المتأتية من الضرائب التي تدفعها الشركات النفطية للدولة.

ويرفع المعتصمون شعار "الضخ لا" (لا لضخ البترول والغاز)، في محاولة للضغط على الحكومة والمؤسسات النفطية لقبول مطالبهم، فيما يخشى خبراء اقتصاد من تفاقم أزمة البطالة بشكل أكبر، بسبب اهتزاز ثقة المستثمرين وعجز الدولة عن كبح جماح الاحتجاجات الاجتماعية التي أضرت بقطاعات حيوية.

وقال الخبير الاقتصادي، محمد منصف الشريف، إن إعلان المؤسسات النفطية نيتها إحالة العمال إلى البطالة الفنية قد يكون تمهيدا للمغادرة النهائية، مضيفا أن "مناخ الأعمال في البلاد لم يعد مطمئناً".

وحذر الشريف، في تصريح لـ"العربي الجديد"، من أن معدلات البطالة قد ترتفع إلى مستويات قياسية مع نهاية العام الجاري 2020، بسبب التوتر السياسي والاجتماعي في البلاد وتداعيات جائحة كورونا، مشدداً على ضرورة إنهاء نزيف الاحتجاجات.

وفي وقت سابق من أغسطس/آب الجاري، أعلن معهد الإحصاء الحكومي، ارتفاع البطالة خلال الربع الثاني من العام الجاري إلى 18% مقابل 15.3% خلال الربع الأول.

ولم يتمكن وفد حكومي، الأسبوع الماضي، من الوصول إلى اتفاق ينهي اعتصام طالبي التوظيف في شركات النفط بمحافظة تطاوين؛ بسبب رفض المعتصمين الحلول التي قدمتها الحكومة، وتمسّكهم بتطبيق كامل بنود الاتفاق الموقع مع حكومة يوسف الشاهد السابقة في مايو/أيار 2017.

وأعلنت الصفحة الرسمية لاعتصام الكامور، فشل المفاوضات مع وفد حكومي يتكون من كل من وزير الطاقة والمناجم منجي مرزوق، ووزير التشغيل فتحي بالحاج، وتمسّكها بمواصلة غلق محطة الضخ الرئيسية للنفط التي يمر عبرها نحو 50% من إنتاج الطاقة في البلاد.

سياحة وسفر
التحديثات الحية

وقال عضو تنسيقية اعتصام الكامور طارق الحداد، إن المعتصمين سيواصلون وقف ضخ البترول وغلق المضخة الرئيسية، إلى حين تنفيذ الحكومة كل مطالبهم، واصفاً الحلول التي قدمها الوفد الحكومي، بـ"الضعيفة".

وعقب فشل المفاوضات، حذرت الحكومة في بيان أصدرته وزارة الطاقة من بلوغ قطاع الطاقة في البلاد منعطفاً خطيراً مع تواصل إيقاف الإنتاج بسبب تواصل الاعتصام.

وأكدت الوزارة أن الاحتقان الاجتماعي المتواصل منذ سنوات ضرب فرص الاستثمار، وجعل الشركات النفطية تتردد وتتراجع عن المضي في مشاريع أو خطط استكشاف وحفر جديدة، ما عطل بدوره فرص التشغيل.

وأفادت الوزارة بأن الحكومة قدمت عرضا للمعتصمين يقضي بتوفير 250 فرصة عمل في الشركات البترولية و700 فرصة عمل مؤقتة في أعمال الحفر والإنشاء، غير أن العرض الحكومي جوبه بالرفض، ما نتج عنه فشل المفاوضات وعودة توتر الأوضاع.

وأضافت الوزارة أنها بذلت جهداً كبيراً للضغط على الشركات النفطية كي تحافظ على الوظائف الموجودة، والذي يعتبر إنجازاً في حد ذاته، لكن تذبذب الأسعار أدى إلى تقليص برامج المشاريع المبرمجة من حفر واستكشاف ومعها فرص التشغيل.

ويمثل قطاعا الطاقة والفوسفات أولوية حكومية لإنعاش الاقتصاد، وفق البنك المركزي، الذي حذر في تقرير له العام الماضي، من تكبيل القطاعين بالاحتجاجات الاجتماعية.

المساهمون