أزمات الاقتصاد تخدم الحركات الشعبوية في أوروبا

25 ابريل 2019
ألمانيا تقلّص ديونها من الناتج الإجمالي (Getty)
+ الخط -
مع قرب الانتخابات البرلمانية في عدد من دول الاتحاد الأوروبي تواجه المنظومة الأوروبية ضغوطاً اقتصادية ومالية قد تخدم صعود الجماعات الشعبوية والمتطرفة التي تطالب بتفتيت القارة، خاصة في دول مثل إيطاليا واليونان وفرنسا.

من بين هذه الضغوط التي ظهرت في تقرير صندوق النقد الدولي الأخير ارتفاع حجم الدين العام وانكماش معدلات النمو الاقتصادي. كما أضافت منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي في تقرير الأسبوع الماضي تدني الدخول والضغوط المعيشية لدى الطبقات العمالية والطبقة الوسطى.

وقال مكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي "يوروستات"، يوم الثلاثاء، إن الدين العام في اليونان وإيطاليا، أكثر دولتين مدينتين في منطقة اليورو، زاد في 2018 الذي شهد تراجعاً إجمالياً لديون المنطقة الموحدة.

ورغم أن ذلك كان متوقعاً، فإن تنامي ديون البلدين يتجاوز قواعد الاتحاد الأوروبي المالية التي تلزم البلدان التي تعاني من ارتفاع مستويات الدين بخفضه تدريجياً.

وحسب "يوروستات" فإن إجمالي الدين في منطقة اليورو "تضم 19 دولة" انخفض إلى 85.1 % من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي مقابل 87.1% في 2017. وتراجع عجز الميزانية المجمع لدول المنطقة إلى 0.5% من الناتج الإجمالي مقارنة مع 1% في 2017.

ويتزامن الانخفاض في الدين العام اليوناني والإيطالي مع تقليص ألمانيا ديونها إلى 60.9% من الناتج الإجمالي من 64.5%. وزاد فائض ميزانية أكبر اقتصاد أوروبي إلى 1.7% من الناتج بدلاً من 1% في 2017.

وصعد الدين في اليونان إلى 181.1% من الناتج المحلي الإجمالي في 2018 وهي أكبر نسبة داخل منطقة اليورو. وكان السبب الأكبر في الزيادة من 176.2% في 2017 هو وصول الدفعة الثالثة والأخيرة من القروض الأوروبية في إطار برنامج الإنقاذ الثالث لليونان الذي اكتمل الصيف الماضي.

وشهدت إيطاليا، التي أطلقت حكومتها العام الماضي خططاً لتحرير الإنفاق كان لها أثر ضعيف على النمو، ارتفاع الدين إلى 132.2% من ناتجها في 2018، مقارنة مع 131.4% في العام السابق.

وأحجمت المفوضية الأوروبية، المسؤولة عن مراقبة ميزانيات دول منطقة اليورو، في ديسمبر/ كانون الأول، عن البدء في إجراءات انضباطية بحق إيطاليا بسبب تنامي دينها. لكنها توقعت حينئذ أن يصل الدين إلى 131.1% من الناتج المحلي الإجمالي في 2018.

وحذّر تقرير صندوق النقد الدولي الصادر في منتصف الشهر الجاري وخلال اجتماعات الربيع، إيطاليا من مخاطر الارتفاع في الديون. وذكر الصندوق في تقديراته أن نسبة الديون الإيطالية إلى الناتج المحلي الإجمالي سترتفع إلى 134.4% خلال عام 2020 وإلى 138.5% في 2024. وهما نسبتان كبيرتان مقارنة حتى بنسبة الديون في الدول ذات النمو المرتفع.

ويقدر حجم الديون الإيطالية حالياً بنحو 2.14 تريليون يورو. وهذا هو معدل الدين العام، أي ديون الحكومة، ولا يشمل الديون التي تحملها المؤسسات الخاصة.

ويلاحظ أن الديون الإيطالية تزيد في وقت تنخفض نسبة النمو الاقتصادي إلى نحو 0.1%، بحسب التقديرات الرسمية الإيطالية الصادرة هذا الشهر. وبالتالي، فإن الاقتصاد الإيطالي من الناحية العملية، هو في حالة ركود منذ فترة.

يذكر أن الحكومة الإيطالية لديها خلافات متعددة مع المفوضية الأوروبية بشأن الإنفاق الحكومي، حيث تطالبها بخفض العجز بالميزانية إلى أقل من 2.4%. وكان البنك المركزي الأوروبي يشتري نحو 50% من السندات الحكومية الإيطالية، قبل أن يوقف برنامج شراء السندات خلال العام الماضي.

ويرى اقتصاديون أن إيطاليا لن تتمكن من خدمة هذه الديون خلال السنوات المقبلة، وسط معدل النمو المنخفض وارتفاع معدل البطالة وانخفاض إيرادات الضرائب. كما لا تتوفر لديها إمكانية استخدام الحيل النقدية لخفض الدين عبر رفع معدل التضخم، والمتمثلة في خفض قيمة العملة عبر سياسات زيادة الكتلة النقدية، حيث أنها عضو في منطقة اليورو التي يحكم سياستها النقدية البنك المركزي الأوروبي وليس الإيطالي.

وبالتالي، فإن الخيارات المتاحة لدى الحكومة حالياً، هي خفض الإنفاق الحكومي وبيع مؤسسات الدولة ضمن برنامج ما يعرف بـ"التخصيص"، وفرض إجراءات تقشف صارمة. كما تعاني فرنسا، ثاني أكبر اقتصاد بمنطقة اليورو، من تداعيات احتجاجات السترات الصفراء.

المساهمون