أرشد الصالحي لـ"العربي الجديد": تركمان العراق خارج الصراع الطائفي

02 ابريل 2017
الصالحي: رفع علم إقليم كردستان بكركوك غير دستوري(العربي الجديد)
+ الخط -
يرى رئيس الجبهة التركمانية العراقية، أرشد الصالحي، أن الأوضاع في العراق تجري على أسس طائفية بحتة وأن البعض فهم خطأ أن تركمان العراق امتداد للعثمانيين، ويؤكد أن وجودهم في العراق يعود لما قبل نشوء السلطنة العثمانية. ويشرح الصالحي في حوار مع "العربي الجديد" هموم أبناء القومية التركمانية في العراق الذين يزيد تعدادهم عن المليونين ونصف المليون مواطن وينتشرون في مناطق كركوك وتلعفر وديالى وصلاح الدين وقرب بغداد ونينوى. في ما يلي نص الحوار:

في ما يتعلق بقضية كركوك وهويتها، ما الأسباب التي تجعلكم تؤكدون أنها تركمانية؟

في البداية، العراق هو بلد المكونات، وكل مكون له تاريخ يتحدث عنه وباختصار التركمان فُهِموا بالخطأ على أنهم ورثة العثمانيين. فالتركمان موجودون في العراق منذ آلاف السنين، ووجدوا قبل العثمانيين والتاريخ يشهد على ذلك. ومنذ عام 1920 ولغاية 2003، مرت علينا مراحل من الظلم والتشريد وارتكبت بحق التركمان عدة مجازر منها المجزرة الأرمنية ضد التركمان في كركوك عام 1924، وتلاها مجزرة عام 1959 حين قام الشعوبيون الذين كانوا يتحدثون عن الديمقراطية، واستغلوا وقتها وجود حكومة الزعيم عبدالكريم قاسم، بأكبر مجزرة دامية في التاريخ الحديث، إذ قطعوا رؤوس التركمان وأيديهم وألسنتهم، وتلاها فترة (حكم) "البعث" بعد عام 1960 وحصل فيها إعدامات ممنهجة ضد التركمان وتغيير ديموغرافي وفرض على التركمان تغيير أسمائهم وسحب منازلهم وأراضيهم (منهم). وبعد عام 2003 استبشرنا خيراً بأن يكون هناك تاريخ جديد للتركمان، لكن تم إقصاؤنا مع الإعلان عن تشكيل مجلس الحكم الانتقالي بسبب رفضنا موضوع الفيدرالية وموافقة الآخرين عليه. وبالعودة إلى كركوك، نحن نصر على أنها لأهلها ولا يحق لطرف معين احتكارها باسم مكونه أو قوميته وهذا ثابت لدينا.

ما هو موقفكم كعراقيين تركمان من الصراع المذهبي في العراق اليوم؟

هناك قوى سياسية معروفة قادت مؤامرة للتعامل مع التركمان على أساس مذهبي وطائفي، "سنة وشيعة"، في العراق وفي بعض المناطق، لا سيما في تلعفر. ونحن نصارع في سبيل إحباط هذه المحاولات التي تهدف لتفتيت التركمان وبالتالي إضعافهم، وهي الآن لم تنجح في كركوك، وبعض الذين مارسوا هذا التعامل نادمون الآن والآخرون فشلوا.

ماذا عن الملف النفطي في كركوك والخلافات بين القوى الكردية حوله؟

توجد أزمة داخل البيت الكردي، لذلك، فالأحزاب الكردية غالباً ما تحاول نقل أزماتها إلى الساحة التركمانية لاستمالة الشارع الكردي. فلا نواب كركوك ولا مجلس محافظة كركوك ولا حتى وزارة النفط تعلم بالكميات التي تصدر من نفط كركوك. وإذا كانت وزارة النفط قد استغنت عن نفط كركوك فلتصرح بذلك، ولنذهب نحن التركمان ونتفق مع الأكراد لبيع نفط كركوك لأن نفط كركوك للجميع.

ما هو تعليقكم على رفع علم إقليم كردستان إلى جانب العلم العراقي في كركوك؟

رفع علم إقليم كردستان في كركوك غير قانوني وغير دستوري، وقوانين الإقليم مقررة في محافظات أربيل ودهوك والسليمانية حسب الدستور العراقي، أما كركوك فهي منطقة مختلطة ولم يحدد مصيرها لغاية الآن، وقرار المحافظ (نجم الدين كريم) برفع علم كردستان، يراد منه إلهاء الشارع الكردي للتغطية على الصراع الموجود بين الأحزاب الكردية على ملفات النفط وهو صراع كردي-كردي.


هل تخلت الحكومة الاتحادية عن كركوك؟

رئيس الحكومة، حيدر العبادي، لا يتجاوب معنا وهناك ملفات حساسة في كركوك يجامل بها كثيراً لصالح أطراف أخرى، ما يحول دون حلول حقيقية لكركوك ومستقبلها.

عمليات الخطف أوقفت عدداً من المعامل والمشاريع واستهدفت رجال أعمال تركماناً؟

التركمان تعرضوا إلى اعتداءات ممنهجة استهدفت رجال الأعمال، وخلال ثلاث سنوات تم دفع نحو 100 مليون دولار كفدية للعصابات المنظمة. لذلك، الكثير من رجال الأعمال تركوا المحافظة وتوقف عدد من المشاريع والمعامل بسبب قيام عصابات الخطف والسطو باستهداف رجال الأعمال والمشاريع، فهذا الأمر ممنهج.

كيف ترون العلاقات بين بغداد وأنقرة وهل قمتم بدور الوساطة في كسر حالة الجمود بين الطرفين؟

نحن كتركمان نضع مصلحة العراق قبل كل شيء، ونؤمن بوجوب عودة العلاقات إلى طبيعتها، ومارسنا دوراً في تقريب وجهات النظر وانتهت بتواصل مهم بين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ورئيس الحكومة العراقية، العبادي، وتلاه زيارة وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، إلى العراق. والعلاقات مع الجيران مهمة، وأدعو الشيعة لأن يلعبوا دوراً في علاقاتهم مع إيران وكذلك السنّة للتواصل مع السعودية، خدمةً للبلاد وتوسيع العلاقات.

ماذا عن حزب "العمال الكردستاني" ووجود القوات التركية في نينوى؟

الوجود التركي ليس بجديد، فمنذ عام 1991 يوجد معسكر "زيلكان" في بعشيقة، ولكن القوات التركية هناك دُعِمت بقوات إضافية بعد تهديد مناطق حدودية عراقية، وحزب "العمال" يثير حفيظة التركمان لأنه استهدفنا في أكثر من مكان سابقاً، وبقاؤهم في العراق ليس من مصلحة البلاد. وحزب "الاتحاد الوطني الكردستاني" (بزعامة جلال الطالباني) هو الذي يدعم حزب "العمال". وحزب "الاتحاد الوطني" و"العمال الكردستاني" وإيران جميعهم يدورون في فلك واحد ومن حق تركيا حماية حدودها ضد هذه الجماعات المسلحة، والأتراك هم من يقررون هذا الأمر.

ماذا تتوقعون لمرحلة ما بعد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)؟

مرحلة ما بعد "داعش" بدأت تظهر ملامحها بعد محاولة احتلال نفط كركوك ورفع علم كردستان في كركوك والصراع النفطي والمشاريع السياسية التي تطلق من هذه الجهة أو تلك وهي الحسابات الختامية لما بعد "داعش"، وهي خطرة على جميع المكونات.

كيف تقيّمون الوضع في تلعفر؟

ملف تلعفر شائك ونحن طالبنا بضرورة أن تحرر البلدة من قبل قوات تابعة لأهالي تلعفر وشددنا على ضرورة ترسيخ السلم المجتمعي بين مكونات هذه البلدة. وشكلنا قوة من أهل تلعفر بحدود 2000 مقاتل لتسلم أمن بلدتهم.

****************************

من هم التركمان؟

يشكل التركمان في العراق ثالث أكبر جماعة عرقية في العراق ويبلغ مجموعهم نحو مليونين ونصف المليون نسمة ينحدرون من قبائل الأوغوز التركية. وقد استوطنوا العراق قبل العثمانيين بقرون طويلة من خلال هجرات متعاقبة للقبائل التركية إلى بلاد الرافدين خلال الشتاء بحثاً عن الدفء والمرعى. وزاد وجودهم بعد الفترة العثمانية بطبيعة الحال. ويقيمون بشكل أساسي في شمال العراق في مدن كركوك وجلولاء والسعدية وسليمان بيك وامرلي وطوز خورماتو وكفري وتلعفر ذات الأغلبية التركمانية. ويشاركون في علاقات ثقافية ولغوية وثيقة مع تركيا.

من هو أرشد الصالحي؟
أرشد رشاد الصالحي ولد عام 1959، في محافظة كركوك شمال العراق. اعتقل وحكم عليه بالسجن 10 سنوات مع تسلم حزب البعث السلطة في العراق. أصبح مسؤول سورية ولبنان للجبهة التركمانية العراقية عام 2004، ومن ثم رئيس فرع كركوك للجبهة التركمانية العراقية. فاز بعضوية البرلمان العراقي عام 2010. وفي عام 2011، قرر المؤتمر التركماني اختياره رئيساً للجبهة التركمانية العراقية. ويشغل أيضاً منصب رئيس لجنة حقوق الإنسان النيابية في مجلس النواب العراقي.