وسّع الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان هجومه على المتآمرين ضد بلاده، مكذّباً وكالات التصنيف الائتماني، وتناول التلاعب بأسعار الصرف الرامي إلى "التشكيك في الاقتصاد التركي"، مؤكداً في الوقت ذاته "ضرورة وضع حد لهيمنة الدولار على التجارة العالمية".
وفي كلمة ألقاها، اليوم الأحد، في منتدى الأعمال التركي القرغيزي، المنعقد في العاصمة القرغيزية بيشكك، قال أردوغان إن الغاية من التلاعب بأسعار صرف العملات الأجنبية هي إثارة الشكوك حول الاقتصاد التركي القوي والمتين، مؤكداً ضرورة وضع حد، وبشكل تدريجي، لهيمنة الدولار، من خلال التعامل بالعملات المحلية.
وأضاف: "أصبح ارتباط التجارة العالمية، على وجه الخصوص، بالدولار مشكلة كبيرة، يوماً بعد يوم"، مؤكداً عزم بلاده على تحقيق استقلالها الكامل في الاقتصاد، لا سيما الصناعات الدفاعية، ومشيراً إلى أن الحروب التجارية والسياسات الحمائية تفرض وضع استراتيجيات جديدة.
وبيّن أن البلدان والشركات والتجار يضطرون إلى مواجهة المصاعب التي يفرضها الارتباط بالدولار وضغوط أسعار الصرف، علاوة على المصاعب الناجمة عن طبيعة التجارة نفسها، مشيراً إلى أن النظام القائم على ادعاء "تسهيل التجارة" آخذ في التحول إلى عائق كبير أمام التجارة الحرة العالمية.
وشدّد على أن البلدان الصاعدة تعاني من هذه المشكلة، مضيفًا أن أكبر مثال على ذلك هو الهجمات الاقتصادية التي تعرضت لها تركيا في الأسابيع الأخيرة، مشيراً إلى أن كل الخطوات التي تقدم عليها مؤسسات التصنيف الائتماني العالمي مسيّسة، وأضاف أن "هذه المؤسسات لا تتحلى بالأمانة والصدق، بل هي محتالة فلا تصدقوها".
التعامل بالروبل والليرة
ولفت أردوغان إلى أن بلاده تبحث مع روسيا التعامل بالروبل والليرة التركية في التبادل التجاري، مبينا أنها ستبدأ التعامل مع إيران والصين أيضا بالعملات المحلية.
وأكد أن بلاده عازمة على تحقيق استقلالها الكامل في الاقتصاد، لا سيما الصناعات الدفاعية، مشددًا على أن اقتصادها سيتجاوز المرحلة الحالية ويخرج منها أقوى مما كان عليه في السابق.
وأضاف أن اكتفاء تركيا الذاتي في الصناعات الدفاعية كان بنسبة 20% عندما استلم حزبه (العدالة والتنمية) السلطة، وأصبح اليوم بنسبة 65%.
تراجع سعر الليرة
في غضون ذلك، عاودت الليرة انخفاضها، اليوم الأحد، مسجلة 6.54 ليرات مقابل الدولار و7.597 ليرات لليورو، بعد التحسن الذي شهدته أول من أمس، إثر مرسوم زيادة الاقتطاعات الحكومية من الفائدة، والربح على الودائع المصرفية، وهو ما رآه مختصون بمثابة رفع سعر الفائدة بنحو نقطة مئوية على الإيداعات بالليرة، وتخفيضها عن الإيداعات بالدولار.
والهدف، بحسب المختصين، تعزيز الإيداع بالليرة، ومحاولة إخراج الدولارات من المصارف للسوق أو تبديلها بالليرة.
وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قد أصدر، أول من أمس، المرسوم الرئاسي رقم 53 بتاريخ 30 أغسطس/آب 2018، والقاضي بزيادة نسبة الاقتطاعات الحكومية من الفائدة والربح الواقعين على الودائع المصرفية المودعة وعلى حسابات المرابحة المودعة بالدولار، وتخفيض نسبة الاقتطاعات الحكومية من الفائدة والربح الواقعين على الودائع البنكية وعلى حسابات المرابحة المودعة بالليرة التركية.
اقتطاعات الفائدة والربح
ويشمل المرسوم جميع الحسابات البنكية، سواء كانت حسابات شخصية أو حسابات شركات، على أن يتم العمل بالمرسوم لمدة ثلاثة أشهر، تبدأ من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.
وتم، بحسب المرسوم، تقسيم الودائع بحسب المدة الزمنية، كالآتي:
- الودائع بالدولار: بالنسبة للودائع لغاية 6 أشهر، يتم اقتطاع ضريبة شهرية 20% من الفائدة أو الربح، بعدما كانت سابقا 18%. أما الودائع من 6 أشهر ولغاية السنة، فيتم اقتطاع ضريبة شهرية من الفائدة أو الربح نسبتها 16%، بعدما كانت سابقا 15%، في حين أن الودائع لمدة سنة وما فوق فلم تتم زيادة النسبة عليها وبقيت 13%.
- الودائع بالليرة التركية: بالنسبة للودائع لغاية 6 أشهر، يتم اقتطاع ضريبة شهرية نسبتها 5% من الفائدة أو الربح، بعدما كانت سابقا 15%، والودائع من 6 أشهر ولغاية السنة يتم اقتطاع ضريبة شهرية نسبتها 3% من الفائدة أو الربح، بعدما كانت سابقا 12%، والودائع لمدة سنة وما فوق لا يقع عليها أي اقتطاعات بعدما كانت سابقا 10%.
نتائج إيجابية
ويرى مراقبون أن الليرة التركية ستبدأ بالتعافي مع ملامح انفراجات سياسية وإثر بيانات المصرف المركزي، أمس، عن ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي بمقدار 370 مليون دولار، ليصبح إجمالي احتياطي البنك المركزي 92 مليارا و692 مليون دولار.
ووفقا لإحصائيات المركزي التركي، فإن الأسبوع الذي انتهى بتاريخ 20 أغسطس/آب الماضي، ارتفع فيه صافي احتياطي النقد الأجنبي بمقدار 184 مليونا، ليصبح 72 مليارا و924 مليون دولار. كما ارتفع احتياطي الذهب، في نهاية تاريخ 20 أغسطس/آب، بمقدار 186 مليون دولار، ليصبح إجمالي الاحتياطي 19 مليارا و768 مليون دولار.
كما يرى المراقبون أن قرار الرئيس التركي المتوقع خلال الأسبوع الجاري، بتعيين حاكم جديد للبنك المركزي خلفاً للحاكم الحالي، إركان كيليمجي، الذي سيغادر المنصب الذي تولاه للسنتين الماضيتين إلى منصب جديد في بنك تركيا للتنمية، سيكون له دور إضافي في تحسن سعر الليرة التركية التي فقدت نحو 40% من قيمتها العام الجاري وأكثر من 25% منذ أسيوعين، بعد استفحال الخلاف بين أنقرة وواشنطن على خلفية منع تركيا سفر القس الأميركي، أندرو برانسون، وما تلا ذلك من عقوبات على وزراء وتبادل رفع الرسوم على الصادرات بين البلدين.